نور أوزكان إيرباي - ديلي صباح - ترجمة وتحرير ترك برس 

لا تزال تتردد  تداعيات قمة مجموعة العشرين الأخيرة، لا سيما فيما يتعلق بالعلاقات التركية الأمريكية. فخلال القمة، تبادل زعيما الدولتين إشارات دافئة في جو إيجابي للغاية، ليس فقط على هامش القمة ولكن خلال المحادثات الثنائية التي شملت وزراء ومسؤولين رفيعي. ومن المتوقع أن تكون الأجواء الإيجابية التي قلبت مسار التصعيد الحالي بشأن قضيتي الصواريخ الروسية إس 400 ومقاتلات إف 35، إشارة أيضًا إلى إمكانية فتح فصل جديد في العلاقات التركية الأمريكية.

أوجدت مشاعر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال الاجتماع الثنائي والذي أظهر فيه تعاطفه مع مخاوف وأولويات الأمن القومي لتركيا، خيار "الانتظار" للحديث المستمر في واشنطن عن إمكانية فرض عقوبات على تركيا.

وعلاوة على ذلك، فإن مصادقة مجلس الشيوخ أخيرا على تعيين ديفيد ساترفيلد سفيرا جديدا في أنقرة بعد عامين من شغور المنصب، يمثل إشارة مهمة أخرى فيما يتعلق بالأمل في المستقبل القريب.

وإذا كانت جهود صانعي السياسة التركية والهيئات الدبلوماسية قد ساعدت في تبرير موقف تركيا من هذا الموضوع، فقد كان لعلاقة الرئيس رجب طيب أردوغان الشخصية مع ترامب دور رئيسي في تخطي هذه القضية الساخنة. وأشار أردوغان إلى شخصية ترامب عقب لقائهما، وأكد أنه كان واضحًا ودقيقًا في هذه القضية البالغة الأهمية من أجل علاقات تركيا والولايات المتحدة بمعناها الواسع.

رحبت أنقرة بموقف ترامب تجاه تركيا، والذي يؤكد  صحة موقف أنقرة ويلقي باللوم على سياسات إدارة باراك أوباما غير العادلة في التوتر الحالي. ولكن الأمر لا يبدو على هذا النحو في واشنطن، خاصة في البنتاغون ووزارة الخارجية، على الأقل وفقًا لردود الفعل الأولية على تصريحات ترامب. ويمكن ملاحظة ذلك في التصريحات التي خرجت من المؤسستين التي تشير إلى أن قانون مكافحة أعداء أمريكا من خلال العقوبات (CAATSA) أو العقوبات الأخرى ضد تركيا لا تزال مطروحة على الطاولة، ولا يوجد تراجع عن الوضع الحالي. وقد وصف أردوغان الوضع خلال مؤتمر صحفي في أوساكا حين قال إن ترامب ليس لديه أجندة خفية، مضيفا أن هذه ميزة فريدة جدًا لترامب، خاصة أن لديه كثير من المعارضين داخل فريقه حول هذه القضايا.

رغم كل الصعاب، من المفترض أن تتحدث واشنطن بصوت موحد فيما يتعلق بالتعافي من الخسائر والحفاظ على الأمل في فتح فصل جديد مع تركيا التي ما تزال تعد الولايات المتحدة شريكا استراتيجيا. وفي هذا الصدد، سيضطلع السفير ساترفيلد بدور حاسم بالتأكيد، لكنه سيواجه قضايا في خضم ارتباك في واشنطن بشأن تركيا. وليس من الواضح ما إذا كان ساترفيلد سيستمع إلى ترامب أو إلى النخب البيروقراطية في البنتاغون أو وزارة الخارجية أو السياسيين في مجلس الشيوخ.

في ظل الظروف العادية، من المتوقع أن يتصرف ساترفيلد بناءً على أوامر القائد الأعلى للولايات المتحدة، رئيس الولايات المتحدة. لكن، ومثلما رأينا في كثير من الأحيان، فإن كثيرا من السفراء وجنرالات الجيش والبيروقراطيين أعربوا صراحة عن معارضتهم لقرارات ترامب على كثير من الأصعدة منذ انتخابه عام 2016. وسواء كان ذلك بسبب الاختلافات السياسية أم لا، فإن المكتب التنفيذي للولايات المتحدة لا يزال يبدو أنه تحت وصاية المعسكر المناهض لترامب في مؤسسات الدولة.

في ظل هذه الظروف، سيكون من المهم معرفة ما إذا كان ساترفيلد سيتبع مسار ترامب أو يكرر أحاديث وزارة الخارجية. وإلى جانب التحرك السياسي اليومي، سيتعين على ساترفيلد أن يبذل جهودا في إصلاح صورة الولايات المتحدة السيئة في تركيا، حيث إنه جاء خلفا لجون باس الذي ترك إرثًا سلبيًا في العلاقات التركية الأمريكية.

ولذلك، عندما سألت القائم بالأعمال الحالي، جيفري هوفنييه، خلال حفل استقبال يوم الثلاثاء الماضي، عما إذا كان ينبغي أن ننتظر السفير الجديد لتقديم طلب لإجراء مقابلة معاه، فأجابني بالقول: "نعم. أخيرًا، سأكون قادرًا على أداء مهامي الخاصة." من الواضح إذن أن البعثة الدبلوماسية الأمريكية في أنقرة سئمت العلاقات المتوترة القائمة منذ عهد أوباما.

ثمة فرصة في الوقت الحالي لكتابة فصل جديد للعلاقات التركية الأمريكية، لكن الشرط المبدئي لذلك يعني أن واشنطن يجب أن تظل ملتزمة بتمرير سياسات متماسكة وحقيقية وصادقة ومتسقة بشأن تركيا.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس