ترك برس 

اعتبر تحليل إسرائيلي نشرته صحيفة هآرتس أن إصرار تركيا على تسلم صواريخ إس 400 الروسية، على الرغم من التهديدات الأمريكية بفرض عقوبات عسكرية واقتصادية على الحليف الأطلسي، يظهر للعالم أنه لا داعي للخوف من الولايات المتحدة. 

وقال محلّل شؤون الشرق الأوسط في الصحيفة، تسفي برئيل، إن البنتاغون ألغى يوم الجمعة "وحتى إشعار آخر"، ودون توضيح، الإحاطة الصحفية بشأن هبوط أول شحنة من صواريخ S-400 الروسية في تركيا. كان من المتوقع أن يثير محور الإحاطة أسئلة حول الرد الأمريكي المتوقع، وخاصة حول العقوبات التي تعتزم الإدارة فرضها على تركيا. 

وأضاف أن ترامب أيد  تأييدًا تامًا موقف وزارة دفاعه الرافض للصفقة، لكنه استمر في إجراء مفاوضات مكثفة مع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، حول إمكانية إلغاء الصفقة الروسية. وقدم مقترحات من بينها بيع بطاريات باتريوت بدلًا من الصواريخ الروسية، والتعاون الوثيق في الاستخبارات وحتى الاقتراحات المالية المغرية،  ولكن ذلك اصطدم بجدار الرفض التركي. 

وقال برئيل: "إن ترامب غير توجهه، كما كان متوقعا، إذ انتقد خلال لقائه أردوغان في الشهر الماضي".

وتابع قائلًا: "في مؤتمر أوساكا في اليابان، انتقد ترامب موقف سلفه باراك أوباما الذي رفض بيع صواريخ باتريوت لتركيا، وأبدى تفهمه للصفقة الروسية. وقد فهم أردوغان رسالة ترامب على أنها مباركة من واشنطن وحتى كالتزام بتجنب العقوبات".  

ووفقا للمحلل الإسرائيلي، فإن معضلة الولايات المتحدة معقدة: العقوبات على تركيا ستعرّفها كدولة معادية بموجب قانون العقوبات الذي أقره الكونغرس قبل عامين، وقد تختفي تمامًا من دائرة البلدان الموالية للغرب والمؤيدة للولايات المتحدة، وتدخل في دائرة النفوذ الروسي.

لكنه استدرك أن عدم فرض العقوبات على النحو المطلوب بموجب القانون، أو استغلال ثغرة في القانون تسمح للرئيس بالامتناع عن فرض العقوبات بسبب المصالح الأمنية، سوف يضع إدارة ترامب كأداة فارغة تجاه تركيا وإيران ودول عربية أخرى. 

ولفت إلى أن الصواريخ الروسية بالإضافة إلى خطرها على نظام استخبارات الناتو، حيث سيتعين إدخال أكواد تحديد هوية الطائرات الغربية، تكشف أن تركيا ترسل إشارة إلى كل دول العالم بأن الولايات المتحدة ليست النمر الذي يُخشى منه. 

واضاف أن الموقف التركي يلزم أيضا الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بإعادة النظر في علاقاتها مع تركيا، نظرًا لأن التأثير الأمني ​​على المنظمة يرتبط مباشرة بأنظمتها الدفاعية وبمبدأ تعاون الناتو. وهذه القاعدة الاستراتيجية تتطلب منهم الانضمام إلى موقف ترامب وفرض عقوبات على تركيا إذا قررت واشنطن القيام بذلك. 

ولكن حتى لو تم فرض العقوبات الأمريكية، فليس هناك ما يضمن انضمام أوروبا إليها، لأن نسيج المصالح الأوروبية تجاه تركيا يتكون من عدة طبقات، بما في ذلك العلاقات التجارية الواسعة والمربحة، وحركة النفط والغاز عبر تركيا إلى أوروبا، ومنع اتدفق اللاجئين من تركيا. 

وأوضح أن هناك مصالح وجودية لأوروبا لا تقل عن التعاون العسكري داخل الناتو ، ولذلك فإن الرد الأمريكي الضعيف على تركيا سيمنح دول الاتحاد الأوروبي مبررا آخر لعدم فرض عقوبات على إيران، وبالتالي توسيع الخلاف بينهما وبين واشنطن.

ولفت إلى أنه على الرغم من أن هناك فرقًا جوهريًا بين العقوبات المفروضة على إيران والعقوبات المفروضة على تركيا، ويرجع ذلك أساسًا إلى التهديد المحتمل لكل منها، ولكن منذ أن أصبحت العقوبات المفروضة على إيران محور الصراع  والمنافسة بين الولايات المتحدة وأوروبا، فإن القضية التركية يمكن أن تخدم أوروبا كسلاح ضد السياسة الأمريكية.

وختم برئيل بأن تسلم تركيا للصواريخ الروسية يظهر أن الصفقة لا رجعة فيها، ومن ثم فإن السؤال هو، ماذا ستحقق العقوبات التي ستُفرض على تركيا في الأسابيع المقبلة بعد أن تكون الصورايخ قد بدأت العمل وفرص إعادتها إلى روسيا غير واقعية.

وأضاف أن "تراجع تركيا في السابق أمام العقوبات الأمريكية والروسية يختلف في هذه المرة، حيث كان مطلوبا منها  تلبية شروط سهلة نسبيًا - اعتذار لروسيا وإطلاق سراح القس الأمريكي- ولكن في هذه المرة فإن الصفقة الروسية تحدد استراتيجية تركيا الإقليمية وهيبة أردوغان العنيد."

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!