ترك برس 

 نشر المعهد الملكي للخدمات المتحدة (RUSI)، وهو مركز أبحاث أمني رفيع المستوى، مقالا للبرووفيسور، بيتر روبرتس، مدير العلوم العسكرية في المعهد، سلط فيه الضوء على الدور البارز الذي تضطلع به تركيا داخل حلف الناتو، داعيا الولايات المتحدة ودول الحلف إلى تغيير تعاملها مع أنقرة والإقرار بأهميتها. 

واستهل روبرت مقالته بالحديث عن الخلاف الأخير بين تركيا والولايات المتحدة وحلف الناتو حول شراء تركيا منظومة الدفاع الجوي الروسية إس 400، لافتا إلى إن هذا الخلاف هو الحلقة الأخيرة في سلسلة طويلة من النزاعات بين الجانبين. 

وينتقل روبرتس للحديث عن أهمية تركيا للحلف، فيذكر أنها تضطلع بدور رئيسي في حلف  الناتو الذي لا يعترف بهذا الدور غالبا ولا يقدره حق قدره. كما أن لدى تركيا أكبر عدد من السكان في أي عضو في الناتو بعد الولايات المتحدة وألمانيا، وكذلك أكبر جيش في أوروبا. 

ويضيف أن تركيا جغرافيا تقع في موقع رئيسي كان مهمًا من الناحية التاريخية كموقع يلتقي فيه حلف وارسو بحلف الناتو، ومؤخرًا كنقطة وصول إلى الشرق الأوسط. ومع ذلك، فإن التقاطع بين أوروبا وآسيا مهم اليوم كما كان في زمن ماركو بولو.

ويقول الباحث إن "من الصعب على أي شخص تجاهل الأهمية الجيواستراتيجية لهذا الموقع في عصر جديد من تنافس القوة العظمى. تركيا ضرورية لمهمة الناتو في كبح جماح روسيا، ومصلحة الاتحاد الأوروبي في السيطرة على الهجرة إلى أوروبا، وكرُكن للتطلعات الأمريكية لاحتواء الصين."

ويوضح أن الأهمية الجيوسياسية لتركيا بالنسبة للناتو تتجلى في البنية التحتية العسكرية الأساسية التي تم بناؤها في البلاد. وتعد قاعدة إنجرليك مثالًا واضحًا على ذلك، وهي واحدة من ست قواعد جوية في دول حلف شمال الأطلسي التي تمتلك قنابل نووية شبه استراتيجية لسلاح الجو الأمريكي. كما استضافت تركيا أيضًا عناصر مختلفة من هيكل القيادة العسكرية لحلف الناتو، وساهمت بانتظام في عمليات الناتو العسكرية.

ولتركيا، كما يقول روبرتس، أهمية كبيرة في وقف طموحات روسيا للوصول إلى البحر المتوسط ​​وما وراءه عبر البحر الأسود الذي يتطلب المرور عبر مياه المضائق التركية (مضيق البوسفور وجناق قلعة). أصبحت تركيا مراقبًا لهذه الجهود، ولكنها يمكن أن تحد أيضًا من قدرة الناتو على مواجهة العمليات الروسية في البحر الأسود إذا اختارت ذلك. وبدون الدعم التركي، على سبيل المثال، سيجد الناتو صعوبة في منع الحصار الروسي المستقبلي على ميناء أوديسا، وهي خطوة قد تشل الاقتصاد الأوكراني.

كما "اضطلعت تركيا بدور لا غنى عنه خلال أزمة المهاجرين الأخيرة، حيث يعيش حاليا نحو 3.6 مليون لاجئ على أراضيها. والأهم من ذلك، أن استعداد تركيا لاستقبال هؤلاء اللاجئين يحمي أوروبا من تحمل وطأة الأزمة. من الواضح أن تركيا لاعب مهم في كل من أوروبا والشرق الأوسط."

ورأى أنه على الرغم من أهمية هذه العوامل، فقد أخفق حلفاء الناتو في كثير من الأحيان في إدراك أهمية موقف تركيا داخل كل من الناتو ومنطقتها إما بالكلمات أو بالأفعال. 

وأوضح أن تركيا اصطدمت بالولايات المتحدة بسبب التدخل الأمريكي في سوريا، وتحديدًا علاقة واشنطن بالميليشيات شرق سوريا. كما تواصل الدول الأوروبية انتقاد الرئيس أردوغان.

واعتبر أن الاعتراف بأهمية تركيا والبدائل الاقتصادية والسياسية والعسكرية المتنامية للغرب يستلزم اتباع نهج مختلف، إذا رغب الناتو في إعادة تركيا إلى الحظيرة. 

وأضاف أن الولايات المتحدة لا تحتاج إلى منح تركيا طائرات F-35 بغض النظر عما إذا كان الأتراك في نهاية المطاف سيقومون بتشغيل نظام S-400، ولكن يجب الاستمرار في تقديم الحوافز لتركيا خاصة أنها أظهرت انفتاحا على نهج أكثر إيجابية من حلفاء الناتو الآخرين. وأفضل هذه الحوافز هي الحوافز الاقتصادية.

وختم روبرتس مقاله بأن: "الولايات المتحدة تحتاج إلى شراكة مع دولة مثل تركيا أكثر من أي وقت مضى. ولدى الولايات المتحدة الآن فرصة لإظهار أنه، بصرف النظر عن خلافاتها في الشؤون العسكرية مع تركيا، فإنها تقف إلى جانب الجهود التي تبذلها البلاد لتحقيق الاستقرار في اقتصادها، لأن ذلك يصب في مصلحة جميع الدول الأعضاء في الناتو". 

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!