خاص ترك برس

تعد التعديلات التي أُقرت في استفتاء 2010م هامة على طريق الإصلاح القضائي، حيث ضمنت هذه التعديلات تشكيل بنية ديمقراطية وتعددية في مجال القضاء العالي، وأنهت الهيمنة الوصائية للقضاء العالي في المجلس الأعلى للقضاء والمدعين العامين، وأصبحت بنية المجلس الأعلى للقضاة والمدعين العامين تتماشى مع الديمقراطية، وخضعت قراراته للتفتيش القضائي.

المجلس الأعلى للقضاة والمدعين العامين

يُعد المجلس الأعلى للقضاة والمدعين العامين ذو سلطة أحادية، يختص بجميع الحقوق الشخصية منذ بداية التعيين وحتى التقاعد لجميع القضاة والمدعين العامين في محاكم الدرجة الأولى من القضاء العدلي والإداري.

تعرض المجلس الأعلى للقضاة والمدعين العامين في السنوات الأخيرة إلى الكثير من الإنتقادات بسبب تدخلاته في عملية التقاضي، حيث يختار بموجب سلطاته جميع أعضاء المحكمة العليا وثلاثة أرباع أعضاء مجلس الدولة، لذا يكاد يكون هو صاحب الكلمة العليا في تشكيل القضاء العالي بسبب صلاحياته الواسعة، لذلك جرى في الأعوام الأخيرة تغيراً مهماً بموجب التعديلات الدستورية عام 2010م، حيث نصت التعديلات على أن يتكون المجلس الأعلى للقضاة والمدعين العامين من اثنين وعشرين عضواً أصلياً وسبعة عشر عضواً احتياطياً وإضافة للسبعة أعضاء الموجودين في المجلس، استحدثت قاعدة اختيار ثلاثة أعضاء من بين القضاة والمدعين العامين بمحاكم الدرجة الأولى بالقضاء العدلي، وعضو واحد من بين أعضاء أكاديمية العدل التركية، وكذلك اختيار أربع أعضاء من بين أعضاء هيئة التدريس المتخصصين في القانون والمحامين من قبل رئيس الجمهورية.

 في حين كان يتكون فيما مضى من سبعة أعضاء هم وزير العدل ومستشار وزارة العدل وثلاثة أعضاء من المحكمة العليا وعضوين من مجلس الدولة، لذا أصبح المجلس بتشكيله الجديد أكثر ديمقراطية وتعددية، ومن التجديدات المهمة التي أُجريت على المجلس أنه بات بإمكانه مباشرة أعماله دون مشاركة مستشار وزارة العدل.

بالرغم من استمرار كون وزير العدل هو رئيس المجلس، إلا أن عدم قدرته على المشاركة في أنشطة عمل المجلس وكون المجلس بات ذو شخصية إعتبارية أخرى، وطاقم إداري آخر، وسكرتارية ولجنة تفتيشية وميزانية، كل هذا أنهى الجدل حول استقلالية المجلس.

رغم هذه التعديلات الإيجابية، ثمة قصور مهم في تشكيل المجلس الأعلى للقضاة والمدعين العامين، وهو استمرار عدم الإعتراف بأي سلطة للبرلمان في اختيار أعضاء المجلس، في حين أنه لا توجد أي دولة في أوروبا لا يختار البرلمان فيها أعضاء مجالسها العليا.

تحول المحكمة الدستورية إلى بنية أكثر ديمقراطية

تغيرت بنية المحكمة الدستورية بعد التعديلات الدستورية عام 2010م، فأصبحت مكونة من سبعة عشرة عضواً أصلياً، في حين كانت تتكون من أحد عشر عضواً أصلياً وأربع أعضاء احتياطيين.

كان إلغاء العضوية الإحتياطية قراراً مصيباً، لأنه لم يكن بالإمكان أن ينضم الأعضاء الأصليون في المحكمة الدستورية إلى هيئة المحكمة في حال وجود أعضاء احتياطيين أكثر أقدمية، وبموجب هذه التعديلات أيضاً تم استبدال قاعدة بقاء الأعضاء حتى سن الخامسة والستين بتحديد المدة الوظيفية باثني عشر عاماً.

حسب التعديلات الدستورية عام 2010م، أصبح البرلمان يختار عضوين من بين ثلاثة مرشحين من قبل الجمعية العامة لديوان المحاسبات، وعضواً واحداً من بين ثلاثة مرشحين مقدمين من قبل رؤساء نقابات المحامين.

أما رئيس الجمهورية فيختار بشكل مباشر أربعة أعضاء من بين كبار الإداريين، والمحامين المستقلين، ومقرري المحكمة الدستورية الذين عملوا على الأقل لخمس سنوات مع قضاة الدرجة الأولى والمدعين العامين.

كما يختار رئيس الجمهورية أيضاً ثلاثة أعضاء من بين ترشيحات المحكمة العليا، وعضوين من بين ترشيحات مجلس الدولة، وعضواً واحداً من بين الترشيحات المقدمة من المحكمة العسكرية العليا، والمحكمة الإدارية العسكرية العليا ،وكذلك ثلاثة أعضاء من قبل مؤسسات التعليم العالي.

بهذا تم القضاء على ثقل القضاء الأعلى في تشكيل المحكمة، وبذلك أيضاً لن يكون رئيس الجمهورية هو صاحب الكلمة العليا في تحديد جميع أعضاء المحكمة.

مع ذلك إن اختيار رئيس الجمهورية لأربعة عشر عضواً من مجموع سبعة عشر عضواً بيبن استمرار تأثير رئيس الجمهورية بشكل كبير في تشكيل المحكمة الدستوري، وزيادة أعضاء هيئة التدريس إلى ثلاثة يعد إيجابياً من ناحية الرقابة التي تقوم بها المحكمة الدستورية.

إن عدم اختيار البرلمان لأي من الأعضاء بشكل مباشر يمكن أن يكون قصور يتعلق بتشكيل المحكمة الدستورية، ومن الصعب وجود أي دولة أوروبية لا يختار فيها البرلمان أعضاء المحكمة الدستورية.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!