ترك برس

تمتلك تركيا علاقات قوية وتاريخية مع السودان امتدت على مر عشرات السنوات الماضية، وتجسّد ذلك في الاتفاقيات الموقعة بين البلدين والتعاون القائم في العديد من المجالات التي تعد بعضها استراتيجية.

ومع قدوم الإدارة الجديدة عقب عزل إدارة الرئيس السابق عمر حسن البشير، طُرحت تساؤلات حول مصير العلاقات بين أنقرة والخرطوم، وسط انتشار أنباء لدى بعض الوسائل الإعلامية العربية بشكل خاص، بأن المجلس العسكري السوداني يعتزم فسخ الاتفاقيات الموقعة سابقاً مع تركيا، وعلى رأسها تلك المتعلقة بجزيرة سواكن على البحر الأحمر.

وخلال زيارة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إلى الخرطوم نهاية 2017، وقع البلدان على بروتوكول يقضي بموافقة الخرطوم على قيام تركيا بترميم وإعادة تأهيل جزيرة سواكن التاريخية.

وفي مقابلة أجراها مع وكالة الأناضول للأنباء، قال السفير التركي لدى الخرطوم، عرفان نذير أوغلو إن بلاده ستزداد تقارباً مع السودان خلال المراحلة المقبلة، مبيناً أنهم يتواصلون مع جميع الأطراف هناك بشكل مباشر أو غير مباشر.

وأشار إلى الحب والمودة التي تحظى بها تركيا ورئيسها رجب طيب أردوغان، من قبل الشعب السوداني، معرباً عن رغبة بلاده في تحقيق السودان استقراره السياسي والاقتصادي، مؤكداً بذلهم المساعي للوصول إلى هذا الهدف.

وأوضح "نذير أوغلو" أن العلاقات بين أنقرة والخرطوم، اكتسبت زخماً كبيراً عقب زيارة الرئيس التركي إلى السودان نهاية عام 2017.

وأكد على أن العلاقات بين البلدين ليست حديثة العهد، بل تاريخية ومتجذرة تعود إلى مئات الأعوام، مبيناً أن كلا الشعبين يدركان هذه الحقيقة.

وتابع: "بإمكانكم رؤية الكثير من الأشخاص ذو الأصول التركية في السودان. إذ أننا عشنا سوياً لسنوات طويلة، ولدى الشعبين أبطال مشتركين، أبرزهم السلطان علي دينار في منطقة دارفور، والذي قاتل إلى جانب الدولة العثمانية خلال الحرب العالمية الثانية."

وتطرّق "نذير أوغلو" إلى وجود روابط ثقافية بين تركيا والسودان، وأن العلاقة بينهما ليست دورية، بل متجذّرة.

وشدد على أن زيارة الرئيس أردوغان الأخيرة إلى السودان، ساهمت في ظهور حالة من الوعي ولفت الانتباه للسودان، مفنّداً صحة المزاعم التي انتشرت مؤخراً حول ابتعاد الخرطوم عن أنقرة.

وأضاف: "لا أعتقد بأن السودان سيبتعد عن تركيا. بل على العكس، سنزاد تقارباً، وستقوم علاقاتنا على أسس أكثر صلابة."

وأفاد بأن هناك العديد من الفعاليات الإنسانية والإغاثية لمنظمات تركية على الأراضي السودانية، فضلاً عن احتضان الأخير واحدة من أحدث المشافي فيها والذي افتتحته تركيا في وقت سابق، حيث يستقبل المرضى السودانيين وآخرين قادمين من بلدان مجاورة مثل تشاد.

وأكد على أنهم سيناقشون المشاريع التركية حول السودان، مع الحكومة الجديدة، مضيفاً: "لا أعتقد بإمكانية حدوث أمر ضد تركيا لاحقاً، إذ أننا نقف إلى جانب الاستقرار سواء في السودان أو في إفريقيا بشكل عام."

وفي سياق آخر، رأى السفير التركي أن الانتقادات التي تطال بلاده بسبب "بقائها صامتة إزاء ما يجري في السودان"، غير صائبة.

وأضاف: "لدينا تواصل مع جميع الأطراف في السودان بشكل مباشر أو غير مباشر. لم نبق صامتين إزاء ما يجري، ولكننا في الوقت نفسه لم نتدخل في المستجدات. ويجب التمييز بين البقاء صامتاً وعدم التدخل."

وأردف: "بعض الدول تدخلت بشكل مباشر في مستجدات السودان، وعملوا على توجيه الأحداث. وهذا ما لا نراه صواباً. إذ أن الشعب السوداني رفض هذا الأمر، وهو من سيقرر مصير بلاده."

وأوضح أنه ليس من الصواب أن تقف تركيا مع طرف معين من أطراف السودان وتدعمه على حساب آخر، مضيفاً: "نحن ندعم الشعب السوداني بأكمله."

وفيما يخص مشاركة بعض السفراء الأجانب لدى الخرطوم في الاحتجاجات التي شهدتها البلاد مؤخراً، قال "نذير أوغلو" إن "هذا الأمر غير لائق. تُرى كيف يكون موقف هؤلاء عندما يشارك سفراء أجانب في احتجاجات قائمة ببلدانهم؟ لذا أرى أنه من غير الصائب القيام بتصرفات لا نرضى القيام بها في بلداننا."

وأكد على تواصل اتصالاتهم مع مختلف فئات المجتمع السوداني، من مدنيين، وعسكريين، وصحفيين، وأكاديميين، وبيروقراطيين، معرباً عن سعادتهم إزاء التوصل إلى اتفاق في السودان.

وفي 4 أغسطس/آب الجاري، وقع المجلس العسكري وقوى "الحرية والتغيير"، بالأحرف الأولى، وثيقة "الإعلان الدستوري"، بوساطة من الاتحاد الإفريقي.

واتفق الطرفان على جدول زمني لمرحلة انتقالية من 39 شهرا يتقاسمان خلالها السلطة، وتنتهي بإجراء انتخابات.

وشهد السودان اضطرابات متواصلة منذ أن عزلت قيادة الجيش، في 11 أبريل/ نيسان الماضي، عمر البشير من الرئاسة (1989 - 2019)، تحت وطأة احتجاجات شعبية منددة بتردي الأوضاع الاقتصادية.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!