ترك برس  

نشر موقع "ذا كونفرزيشن" البريطاني مقالا تحليللا حول الأسباب التي دفعت تركيا والولايات المتحدة إلى الاتفاق على إنشاء منطقة آمنة شمال شرق سوريا. 

ويستهل المقال بالإشارة إلى تصاعد التوتر بين بين واشنطن وأنقرة بسبب معارضة تركيا للتحالف الأمريكي مع تنظيم "ي ب ك" في شمال سوريا، وشراء تركيا مؤخرًا لنظام الدفاع الصاروخي الروسي إس 400، ما أدى إلى استبعاد الولايات المتحدة لتركيا من برنامج إنتاج المقاتلة  F-35 في تموز/ يوليو.

ولكن في آب/ أغسطس، أعلنت تركيا والولايات المتحدة أنها ستتعاون لإقامة مناطق آمنة على طول الحدود السورية التركية يديرها مركز عمليات مشترك في تركيا، وهي المنطقة التي كانت تطالب تركيا بإقامتها منذ مدة طويلة لحمايتها من هجمات "ي ب ك". 

ويتساءل المقال: لماذا وافقت الولايات المتحدة في هذا الوقت على إنشاء هذه المنطقة؟

تدهور العلاقات

يذكر المقال أن تركيا والولايات المتحدة تغيرت أولوياتهما في المنطقة بمرور الوقت. فعندما أطلقت الولايات المتحدة تحالفها ضد داعش في عام 2014، انضمت تركيا على مضض وسط مخاوف من أن القتال سيضر قوات المعارضة السورية التي تقاتل نظام بشار الأسد. 

ويضيف أنه في حين ظلت تركيا متشككة بشأن وجود "ي ب ك" في شمال سوريا، فإن الولايات المتحدة استمرت في تحالفها مع تلك الميليشيات ذاتها لهزيمة داعش ولموازنة النفوذ الإيراني في المنطقة. وفي ظل ذلك بقي منصب السفير الأمريكي في أنقرة شاغرا. 

التراجع عن الصراع

ويرى المقال أن هناك ثلاثة أسباب للتقارب الحالي: 

الأول هو الرغبة المتزايدة من كلا الجانبين لتجنب الصراع بين قواتهما العسكرية في المنطقة. ففي عام 2018، هدد الرئيس التركي أردوغان بأن أي جندي أمريكي يقف في طريق العملية العسكرية التركية في مدينة عفرين سيتلقى صفعة عثمانية. 

ويقول المقال إن أنقرة تبدو الآن أكثر استعدادًا للتعاون مع واشنطن. ويشير الترحيب بالسفير الأمريكي الجديد في تركيا، ديفيد ساترفيلد، في القصر الرئاسي في 28 أغسطس، إلى أن الحليفين يتطلعان إلى بناء الجسور.

السبب الثاني للتقارب الحالي، وفقا للمقال، هو أن قوات الأسد توغلت في آخر معاقل المعارضة المتبقية في إدلب مع حلفائها الروس. ومن المرجح أن تواجه تركيا تيارًا آخر من اللاجئين السوريين عبر حدودها. ويأتي البحث عن اتفاق حول مناطق آمنة في شمال سوريا إلى الواجهة، في وقت تتزايد فيه الضغوط الداخلية على أردوغان في الداخل بسبب اللاجئين.

ويوضح أن تركيا سعت منذ تحريرها لمدينة عفرين إلى توطين اللاجئين السوريين في مناطق آمنة في المدينة. ومن المحتمل أن تشهد المناطق الآمنة المقترحة حديثًا دفعة لمزيد من عودة اللاجئين.

أما السبب الثالث، فهو شخصي، يرجع إلى التقارب والعلاقات الودية والسمات المشتركة بين الرئيسين التركي والأمريكي.

العامل الروسي

ولكن المقال يلفت إلى أن المنظومة الصاروخية الروسية إس 400 ما تزال سيفا مسلطا على التقارب بين واشنطن وأنقرة. فحتى الآن لم تفرض إدارة ترامب عقوبات اقتصادية على تركيا بسبب هذه القضية، على الرغم من انتقادات الكونغرس. وتقول تركيا إنها لن تنشط الصواريخ حتى نيسان/ أبريل 2020 ، مما يسمح لقنوات التفاوض مع الولايات المتحدة بشأن شمال سوريا بالبقاء مفتوحًا.

ويضيف أنه منذ محاولة الانقلاب الفاشلة في عام 2016، توثقت علاقة أردوغان مع الرئيس بوتين مما يشير إلى أنه يدير ظهره لحلفائه الغربيين التقليديين.

ويخلص المقال إلى أنه من الأهمية بمكان أن تبحث تركيا والولايات المتحدة عن تعاون في المنطقة على الرغم من الاختلافات السياسية بينهما. فبالنسبة لتركيا يمكن أن تكون هذه طريقة لتعزيز قدرتها لأن قوات الأسد تستعيد المقاطعات الشمالية من المعارضة. أما الولايات المتحدة، فإن ذلك قد يوسع من تحالفاتها لموازنة النفوذ الروسي والإيراني في سوريا التي يحكمها الأسد في المستقبل.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!