بارتشين ينانتش - حرييت - ترجمة وتحرير ترك برس 

استخدم الاتحاد الأوروبي مصطلح "القدرة الاستيعابية" كحجة ضد طموح تركيا للحصول على عضويته. وكان جوهر الرسالة "أنتم بلد كبير جدًا، وقد قمنا بالفعل بتوسيع قدراتنا. الباب لا يزال مفتوحا رسميا، ولكنه أغلق في الواقع."

كتبتُ من قبل، ويجب أن أكتب مرة أخرى إن تركيا تستطيع أن تستخدم نفس المفهوم عندما يتعلق الأمر بضيافة اللاجئين: "إنهم كثيرون بالفعل، لا يمكننا الترحيب بالمزيد منهم. يبقى الباب مفتوحًا رسميًا، لكنه مغلق في الواقع".

تحملت تركيا العبء المالي لضيافة 3.6 مليون لاجئ يعيشون على أرضها وعشرات الآلاف من اللاجئين المشردين داخل سوريا. ومع تراجع الاقتصاد، وصلت تركيا إلى أقصى ما يمكن أن تقدمه من أعمال الخير. ولكن الأهم من ذلك، أنها وصلت إلى الحد الأقصى من الخير الاجتماعي. ولو لم يتسبب الوضع الاقتصادي الصعب في خسائر فادحة في الانتخابات، لربما لم يكن البعد المالي قد تسبب في الكثير من المشاكل.

وعلى الرغم من أن مشاكل تركيا الاقتصادية ليست نتيجة لتحمل عبء اللاجئين، فإن الناس كلما شعروا في الشارع بالآثار السلبية للاقتصاد المتعثر، ألقوا باللوم على سياسة الحكومة تجاه اللاجئين السوريين. وكان لردود الفعل تجاه اللاجئين أيضًا دور في خسارة حزب العدالة والتنمية في الانتخابات البلدية في آذار/ مارس الماضي.

ونتيجة لذلك، فإن تدفقًا جديدًا محتملا للاجئين من سوريا بسبب هجمات النظام المدعومة من روسيا على إدلب يدق أجراس الإنذار في أنقرة.

إن النقطة الحالية المثيرة للقلق التي ستمتنع الحكومة التركية عن صياغتها يجب أن تكون على هذا النحو: "عدد أقل من اللاجئين مقابل كثرة من المتطرفين". 

ظل نظام بشار الأسد يدفع قوات المعارضة المؤلفة من مجموعات مختلفة  نحو الحدود التركية. تضم قوى المعارضة وعائلاتهم عناصر متطرفة، وتبين أنه من الصعب على تركيا التمييز بينها. ومع ذلك، لا يمكن ترك تركيا بمفردها في التعامل مع مشكلة "الجهاديين المتطرفين" لمجرد أنها تدعم بعض قوى المعارضة المختلفة.

يمكن أن تكون تركيا حاجزا أمام اللاجئين إلى أوروبا، ولكن هل يمكن أن تكون حاجزا أمام الجهاديين؟ أم ينبغي أن تترك وحدها في أثناء القيام بذلك؟

هناك مشكلة متزايدة تطرحها الأعداد الهائلة من الجهاديين الأجانب وعائلاتهم الذين تقطعت بهم السبل في المخيمات السورية. من غير المقبول أن تماطل بلدان أوروبية عديدة مثل فرنسا وبريطانيا في إعادة رعاياها إلى الوطن لأنهم قد يشكلون تهديدًا لمجتمعاتهم.

لكن الحكومات الأوروبية هي التي فشلت في منعهم من التطرف، ومن ثم أخفقت في منعهم من الانضمام إلى الحرب في سوريا. انتقد الأوروبيون تركيا لأنها سمحت لهم بالمرور عبر سوريا دون توضيح سبب السماح لهم بالمرور من حدودهم.

ربما كانت السياسة الأوروبية هي التخلص منها على أمل أنهم سوف يلقون حتفهم في أثناء الحرب، ولكن ما حدث أنهم لم يموتوا جميعا، ولن يتبخروا في الهواء.

من تقطعت بهم السبل في المخيمات، يعيشون في ظروف غير إنسانية، الأمر الذي قد يزيد من تطرفهم.

ما تزال بعض الدول الأوروبية تواصل التركيز على البعد العسكري للحرب على داعش. وقد قررت الدنمارك، على سبيل المثال، أخيرا نشر قوة عسكرية في سوريا. لكن البعد غير العسكري للحرب على داعش أمر بالغ الأهمية. وهذا لا يقتصر فقط على إعادة أعضاء داعش إلى وطنهم ولكن المشاركة النشطة في إيجاد حل سياسي للحرب في سوريا، أو العمل على صيغ يمكن أن تخفف التوتر.

وسواء كانت تركيا قد اتبعت في الماضي سياسات صحيحة أو خاطئة في سوريا، فهذا أمر لا علاقة له بالمسألة الحالية. بيد أن ترك تركيا وحدها في أعمال الموازنة مع روسيا والولايات المتحدة قد يكون مكلفًا.

لم يعد دعم الميليشيات التابعة للبي كي كي في سوريا (تنظيم "ي ب ك") محل نزاع، ولكن صم الآذان عن المخاوف الأمنية التركية ليس مفيدا. قد تجد بعض العواصم الأوروبية صعوبة في وقف مساعدتها لهذه الميليشيات، لكن هذا لا يمنعها من تلبية مطالب تركيا.

إن استعداء تركيا على هذه الميليشيات، وتوقع أن تقف تركيا حاجزا أمام اللاجئين والمتطرفين من الوصول إلى أوروبا لن يستمر. 

ولم يكن تصريح الرئيس، رجب طيب أردوغان، أخيرا بأن تركيا ستضطر إلى "فتح البوابات" سوى اعتراف بأن تركيا لم تعد قادرة على استيعاب المزيد، وأنها إذا انهارت تحت عبء اللاجئين وثقل المشاكل الأمنية، فستمتد العواقب السلبية من أثينا إلى لندن.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس