ترك برس

تعرضت تركيا لموجة من الانتقادات على الصعد الإقليمي والدولي بسبب إطلاقها عملية عسكرية شمالي سوريا، لتطهير الحدود الجنوبية من الإرهاب وضمان عودة اللاجئين السوريين إلى وطنهم، وسط تساؤلات حول طبيعة الموقف العربي إزاء هذه الخطوة.

وفي هذا الإطار، استعرضت قناة الجزيرة القطرية آراء عدد من الخبراء حول أبعاد تباين ردود الفعل الإقليمية والدولية على العملية العسكرية التركية في شمال شرقي سوريا، ومدى تأثيرها في مسار وأهداف هذه العملية.

الإعلامي التركي رسول سردار أتاش، قال إن أنقرة اتفقت مع واشنطن على إقامة المنطقة الآمنة على حدود سوريا بعمق 30 كلم شرقي نهر الفرات. 

وأضاف أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أكد أن الهدف من العملية حماية الحدود التركية من العناصر الإرهابية، وإيجاد منطقة يستطيع اللاجئون السوريون العودة إليها.

وأوضح أتاش أن هناك اتفاقا تركيًّا مع أميركا لا مع تنظيم "حزب العمال الكردستاني - PKK"، بسبب الخلاف الطويل مع أنقرة، وقد قصفت الأخيرة مواقعهم اليوم.

من جانبه قال عضو مجلس السياسة الخارجية والدفاع الروسي أندريه فيدوروف إن التغيير في الموقف الروسي لم يكن بشكل كبير لأن هذه المواضيع ناقشها الرئيسان الروسي والتركي، وتم الاتفاق حينها على ألا تتجاوز المنطقة الآمنة مسافة 7 كلم داخل الحدود السورية.

وأشار الباحث الأول بمركز الجزيرة للدراسات لقاء مكي إلى أن أميركا وروسيا طرحتا لتركيا أن تكون المنطقة الآمنة 5 كلم، وهو ما رفضته تركيا حينها. 

كما أن الاتفاق كان يقضي بأن تكون العملية مشتركة بين أميركا وتركيا، لكن الرفض التركي للمساحة منع ذلك. وفيما يبدو من التصريحات التركية أن أنقرة قررت أن يكون عمق المنطقة الآمنة 30 كلم.

وأضاف مكي أن هذا العمق لن يرضي الروس وسيغضب أميركا وأوروبا، معتقدا أنه سيسبب المتاعب لتركيا مستقبلا، لكن في الوقت ذاته يرى أن تركيا قررت التحرك فيما يبدو أن هدفها فرض أمر واقع.

وأكد أتاش أن الولايات المتحدة لم تخرج بموقف واضح، وقد أعطت الضوء الأخضر بطريقة غير مباشرة لتركيا من أجل البدء بالعملية. 

ولكن هناك رأيان في أميركا اليوم، فإدارة ترامب لها موقف وقد تم التعبير عنه، والموقف الآخر للكونغرس وقد ظهر جزء منه على لسان السيناتور ليندسي غراهام الذي طالب بفرض عقوبات على تركيا.

ويعتقد فيدوروف أن روسيا في موقف صعب للغاية لأن بوتين لا يريد الدخول في مشكلة مع تركيا، ومن الجانب الآخر لا يريد القضاء على العلاقات التاريخية بين الاتحاد السوفياتي والأكراد. 

وأكّد أن بلاده ستزود الأكراد بالسلاح من أجل زيادة فعاليتهم القتالية وتعزيز صمودهم أمام الأتراك، لأن موسكو لم تعد تثق بتصرفات أردوغان في الوقت الحالي.

وحول الموقف الإيراني أكد مكي أن إيران تريد مسك العصا من المنتصف لأن من مصلحتها القضاء على الأكراد، لكن ذلك في الوقت ذاته ضد مصلحة حليفها السوري.

وأوضح أن هذه العملية مهمة للرئيس أردوغان لأنها ستخلق اصطفافا شعبيا داخل تركيا. كما أن أنقرة تريد إبعاد خطر الأكراد عن حدودها.

في سياق متصل، اعتبر المحلل السياسي عمر عياصرة أن تنديد السعودية ومصر بالتدخل العسكري التركي في شمال شرق سوريا ما هو إلا نكاية في الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وليس حبا في سوريا.

واستدرك: "وذلك لأنهم لو كانوا فعلا حريصين على الأمن القومي العربي، وعلى جغرافية سوريا، لكانوا أصدروا بيانات شديدة اللهجة عندما تم ضم الجولان لإسرائيل، وحين انخرط الروس في المعركة".

وأكد أن هناك تحرشا دائما من السعودية بتركيا، التي ترى أنها تنافسها في ريادة العالم الإسلامي.

أما عن الموقف الإيراني، فأوضح أن طهران تتفهم المخاوف الأمنية لتركيا، ولا مانع لديها من انتهاء ملف الأكراد، فهي ترحب بانتهاء التواجد الأميركي في سوريا. 

إلا أن إيران تتخوف -في الآن ذاته- من اندفاع تركيا، ولا تريدها التوغل أكثر في الأراضي السورية، ليخلص إلى أنه أصبحت هناك حميمية في العلاقة بين تركيا وإيران وروسيا في الملف السوري.

بدروه، لم يستغرب الكاتب الصحفي والمحلل السياسي أسعد بشارة من تغير الموقف السعودي، لأن تركيا دخلت في صراع معها على زعامة العالم الإسلامي، كما دخلت في لعبة محاور واستهدفت السعودية في بعض الملفات الأساسية، فضلا عن علاقاتها "الدافئة" مع إيران؛ الخصم الأول للسعودية في المنطقة.

وشدد بشارة على أن لكل دولة حساباتها الخاصة في رفض الدخول التركي، فإسرائيل تكمن حساباتها في الحفاظ على علاقتها بأميركا، أما مواقف مصر والسعودية والإمارات فسياسية، وليست لها علاقة بالواقع الإنساني ووحدة سوريا.

من جهته، قال المحلل السياسي يوسف ريم إنه لا يحق للسعودية ومصر انتقاد تركيا؛ ذلك أن القاهرة تخضع لحكم ديكتاتوري وطريقة إدارة قمعية للبلاد، في حين اقترفت السعودية بشاعات في اليمن، فضلا عن مقتل الصحفي جمال خاشقجي، وغير ذلك من الانتهاكات الإنسانية.

وأكد ريم أن المواقف المنددة للتدخل العسكري التركي لن تغير شيئا، معتبرا أن السعودية تساعد الأكراد لمصالحها الخاصة، وليست لديها قدرة التعامل مع القدرات العسكرية التركية.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!