ترك برس

تناول تقدير استراتيجي لمركز بحوث الأمن القومي التابع لجامعة "تل أبيب" العبرية، السبب الذي دفع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إلى طرح تطوير قدرة نووية مستقلة، للمرة الأولى.

التقدير الذي أعده كل من "إميلي لنداو" و"شمعون شتاين"، ذكر أن الرئيس التركي "احتج مؤخرا على لأن يقبل وضعا غير عادل، تحوز فيه دول ما قنابل نووية، بينما لا يسمح لأخرى بذلك".

وبحسب صحيفة "عربي21" الإلكترونية، لفت التقدير إلى أن أردوغان في حديثه "لم يفوت الفرصة، وذكر إسرائيل كمن يهدد المنطقة بسلاحها النووي، الذي تمتلكه منذ أكثر من 50 عاما".

وأشار المركز في نشرته شبه الدورية، بعنوان "نظرة عليا"، إلى "احتمال أن يكون العامل المركزي للتغيير، هو الرسالة التي تصل من واشنطن حول نيتها تقليص تدخلها في الشرق الأوسط، وهو الأمر الذي قد يرى فيه أردوغان فرصة لتموضع تركيا في دور زعامتي، واكتساب سلاح نووي لتثبيت هذا الدور وتعظيم مكانة بلاده".

وأضاف أن عاملين آخرين يقفان في خلفية إعلان أردوغان "غير المسبوق"، وهما "الآثار المرتبة لإخراج 50 قنبلة نووية أمريكية بقيت في تركيا تحت رعاية الناتو وبقيادة واشنطن، وتقدم إيران في برنامجها النووي، مما يعزز سعيها للهيمنة الإقليمية، وهي المكانة التي تتطلع لها تركيا".

وإضافة لما سبق، "يحتمل أن يكون الرئيس التركي معنيا بتثبيت صورة بلاده كمن تكشف علنا التحيز في المعايير والمقاييس الغربية"، بحسب المركز، الذي زعم وجود "مخاطر سياسية واقتصادية وراء الإعلان عن النوايا النووية".

وتساءل مجددا: "هل سيكون للأسرة الدولية إرادة سياسية لمواجهة التطلعات النووية التركية، بعد سنوات من محاولة لجم انتشار النووي في العالم، والتقدم النووي لكوريا الشمالية وإيران؟".

وأوضح أن "حلف الناتو لا يزال يوفر مظلة نووية لتركيا، ولكن يبدو أن لدى أردوغان شكوكا حول هذا، وبسبب التوتر مع أمريكا قد لا تجده بات معنيا بأن يكون تابعا لمظلة من شأنها أن تظهر غير صادقة".

ولفت إلى أن عملية "نبع السلام" التي قامت بها تركيا في سوريا، "أكدت الجدل القائم في واشنطن بشأن الحاجة لإخراج القنابل النووية من طراز B61 الموجودة بتركيا، في حين يدعي مؤيدو إخراج تلك القنابل أن أنقرة لم تعد حليفا صادقا للناتو، وعدم الاستقرار في المنطقة يجعلها مكانا خطرا للاحتفاظ بتلك الترسانة على أراضيها".

ومع تغير ميزان القوى في المنطقة ودخول روسيا وإيران لسوريا وانسحاب واشنطن، ترى تركيا أن السلاح النووي "سيمنحها تفوقا هاما، ومثل هذا النهج يصطدم مباشرة مع عضويتها في الناتو".

وعن استعداد تركيا الملموس بشأن السلاح النووي، ذكرت الدراسة أن "بعض الخبراء في الرقابة على السلاح، يعتقدون أن تركيا تعمل بالفعل على برنامج نووي مدني بمساعدة روسيا، ولكن في هذه المرحلة ليس لديها بنية تحتية جدية لسلاح نووي، ولا استعدادات لذلك".

وبينت أنه "في حال قرر أردوغان المضي في المسار النووي، سيكون لقراره آثار على علاقاته مع الناتو والاتحاد الأوروبي، وعلى نظام منع انتشار النووي وعلى منطقة الشرق الأوسط، وعمليا، يتعين عليه الانسحاب من الناتو ومن ميثاق NPT..

وكبديل، يمكنه أن يبقى في إطار الميثاق ويخادع بشأن التزام بقاء تركيا دولة غير نووية، وفي ظل جمع اليورانيوم المخصب وتنفيذ أعمال الفصل - ظاهرا لأغراض مدنية - يجعل تركيا دولة على حافة النووي".

ورأى التقدير أنه "من الصعب على أردوغان عمل ذلك دون تبليغ الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول نشاطات التخصيب والفصل المخطط لها، وبعد أن أعلن عن نواياه النووية، يمكن الأمل أن تكون الوكالة أكثر تحفزا وتفرض عليه المصاعب في إدارة مشروع سري".

وأكد أن شروع تركيا المحتمل في مشروع نووي، "ستوقع على نظام منع انتشار السلاح النووي ضربة أخرى، في فترة تفرض كوريا الشمالية وإيران عليه تحديا جديا"، منوهة أنه "من أجل الحفاظ على مصداقية النظام، على الأسرة الدولية أن تتخذ عملا ما".

وأشارت الدراسة الإسرائيلية، إلى أن "تصريحات أردوغان لم تبعث حتى الآن انتقادا دوليا على تركيا أو أي تحذير لأنقرة، وتفسير واحد لذلك، أن الرئيس التركي معروف بتصريحاته القوية، وعليه فلا توجد رغبة في خدمته بواسطة رد فعل لكل قول من جانبه، مهما كان مثيرا للحفيظة".

وأضافت: "دون التقليل من جدية تصريح النوايا، يحتمل أنه لا يوجد سبب للافتراض بأن تركيا انطلقت في درب تطوير قدرة نووية عسكرية، وعليه فلا حاجة لدق جرس الإنذار في هذه اللحظة أو وضع خطوط حمراء.. 

ومع ذلك، إذا ما برزت أدلة على تقدم تركي نحو نووي عسكري، فمن الحيوي أن ترسم الأسرة الدولية الخط الأحمر وترفع العصي التي ستستخدمها، وكي تكون الرسالة ناجعة؛ يجب أن تعرض موقفا مشتركا".

وبالنسبة لتأثير توجه تركيا نحو النووي على الشرق الأوسط، "ستبقى المسألة مفتوحة أمام سباق تسلح في أوساط الدول العربية، وبالنسبة لمصر، التي في اعقاب نوايا إيران النووية تفكر بالخيار النووي، فإن نوايا تركيا ستشكل حافزا إضافيا لها".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!