ترك برس

تتباين آراء الخبراء والمراقبين بشأن الموقف الأوروبي حيال توقيع تركيا وليبيا مذكرة التفاهم المتعلقة بترسيم الحدود البحرية بينهما، وخيارات أنقرة وطرابلس للتعامل مع الضغوط.

والسبت، دخلت حيز التنفيذ، مذكرة التفاهم التي أبرمتها تركيا وليبيا في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، بشأن تحديد مجالات الصلاحية البحرية في البحر الأبيض المتوسط.

ووفقًا للمذكرة، "قررت تركيا والحكومة الليبية العمل على تحديد المجالات البحرية في البحر المتوسط بشكل منصف وعادل، والتي يمارسان فيها كافة حقوق السيادة و/أو الصلاحيات المنبثقة من القوانين الدولية، مع الأخذ بعين الاعتبار كافة الظروف ذات الصلة".

وفي 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وقع الرئيس رجب طيب أردوغان مذكرتي تفاهم مع رئيس الوزراء الليبي فايز السراج.

وتتعلق المذكرتان، بالتعاون الأمني والعسكري بين أنقرة وطرابلس، وتحديد مجالات الصلاحية البحرية، بهدف حماية حقوق البلدين النابعة من القانون الدولي.

ورغم الهجوم والاعتراضات المتتالية من بعض الدول وآخرهم فرنسا وروسيا ضد الاتفاقية، إلا أن تركيا أسندت الاتفاقية بدعم تشريعي، وفق ما يرى تقرير لصحيفة "عربي21" الإلكترونية.

وتُشير الصحيفة إلى مصادقة البرلمان التركي، الخميس، على قانون مذكرة التفاهم الموقعة بين تركيا وليبيا المتعلقة بتحديد مجالات الصلاحية البحرية في البحر المتوسط.

وتنقل عن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، تأكيده على أن الاتفاقية مع ليبيا ستحقق هدفها طالما صمدت الحكومة الشرعية في طرابلس.

وأضاف أردوغان أن بعض الدول انزعجت من الاتفاق التركي الليبي، وتقوم بتحريض الاتحاد الأوروبي ضده، متهما مصر واليونان وإسرائيل وقبرص بالقيام بهذا التحريض.

الناشط السياسي الليبي، إسماعيل المحيشي، استبعد في حديث للصحيفة، أن "ترضخ تركيا لهذه الضغوط سواء من الاتحاد الأوروبي أو غيره".

وأشار المحيشي إلى أن "موقف الاتحاد الأوروبي سلبي لما يحدث في ليبيا، وكان الأجدر بالدول الأوروبية أن توقع هي مع الحكومة الليبية اتفاقيات أمنية وعسكرية للوقوف مع ليبيا في هذه المرحلة الحساسة، أما بخصوص الاتفاقية فالمتضرر منها يستطيع التوجه إلى المحاكم الدولية وتقديم شكواه".

وأشار إلى أن تركيا الآن أمام تحد لإثبات مدى جديتها في الوقوف مع الشعب الليبي في أزمته الراهنة الحادة.

من جهتها، أكدت عضو البرلمان الليبي، حنان شقلوف أن "الاتفاقية لن تنفذ إلا إذا وافق عليها البرلمان الليبي، وأنه إذا تم اللجوء للقضاء الأوربي سوف يحكم ببطلان هذا الاتفاق، كون هذه الخطوة تضر بالمصالح الأوروبية".

وأضافت شقلوف أن "ثمة اتفاقات اقتصادية أخرى خاصة على الجانب اليوناني الذي يعاني من أزمة اقتصادية أوشكت أن تسبب انهيار الاتحاد الأوربي، بالإضافة إلى عدم رغبة الأوروبيين في مشاهدة تركيا تستقوي أكثر مما هي عليه في الجانب الاقتصادي ما يجعلها خصما أقوى".

وحول تأثير الغضب الأوروبي على موقف تركيا، رجحت البرلمانية الليبية بأن "أنقرة لن تتراجع عن الاتفاقية".

وأوضح الباحث في العلاقات الدولية، نزار مقني، أن "الأمر يتعلق بالنزاع بين اليونان والاتحاد الأوروبي من جهة وتركيا من جهة، وهو صراع جيوسياسي يتعلق بنفوذ الطرفين في البحر المتوسط، خاصة في ما يتعلق بالتنقيب عن المحروقات وكذلك ملف الهجرة غير النظامية".

وأكد أن "الاتفاق التركي مع ليبيا قد يقود إلى أن تعمل تركيا على التنقيب في المياه الإقليمية الليبية والتي تعتبر قريبة من مناطق النفوذ الأوروبي، كما أنها قد تساهم في أن تكون تركيا هي المهيمنة على استغلال التنقيب عن المحروقات بالقرب من جزيرة قبرص المتنازع عليها".

وأكمل: "هناك تخوفات من قبل أوروبا من أن تتمكن تركيا من السيطرة على ملف الهجرة غير الشرعية في البحر المتوسط ومن ثم تتعامل مع أوروبا بابتزاز من الجهة الأفريقية مثلما فعلت من الواجهة الآسيوية".

لكن المحلل السياسي الليبي، عيسى رشوان اعتبر بأن "تدخل الاتحاد الأوروبي هو من باب حق المعرفة كون الموضوع أصبح مواجهة دولية بين الاتحاد وبين تركيا بسبب رفض الاتحاد انضمام تركيا له، أما فرنسا فهي تسعى منذ مدة لإسقاط الشرعية الدولية عن حكومة السراج".

وحول أضرار الاتفاقية الفعلية على هذه الدول الغاضبة، قال رشوان: "دول الاتحاد الأوروبي تود استرجاع ديونها من اليونان والتي تعتبر الآن دولة مفلسة، وذلك بضمان مورد مالي لهذه الدولة وإيقاف المساعدات المالية عنها من قبل الاتحاد".

وتابع: "تحت الضغوط الدولية من الممكن جدا أن يتم تجميد الاتفاقية مؤقتا أو اللجوء إلى المحاكم الدولية، ويبقى الوضع على ما هو عليه إلى أن يتم الفصل النهائي في القضية".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!