ترك برس 

نشرت مجلة جلوبال فاينانس (Global Finance) العالمية تقريرا مطولا عن الاستثمار الأجنبي المباشر في تركيا، قالت فيه إن كثيرا من المستثمرين الأجانب لا يلقون بالا بالتهديد بفرض عقوبات أمريكية على تركيا أو خلافاتها مع الاتحاد الأوروبي، ويواصلون ضخ مزيد من الاستثمارات بناءً على موقع تركيا الاستراتيجي وقوتها العاملة الشابة والمتعلمة جيدًا بشكل عام وإمكاناتها الكبيرة. 

وجاء في تقرير المجلة المتخصصة في مجال البنوك والتمويل لمؤسسات الصيرفة والتمويل أن الأرقام تشير إلى ارتفاع أداء الاقتصاد التركي، ما دفع اثنتين من كبار هيئات التصنيف إلى رفع توقعاتهما للنمو لهذا العام، حيث تتوقع فيتش أن يتقلص الاقتصاد بنسبة 0.3٪ فقط في عام 2019، مقابل انكماش بنسبة 1.1٪ في توقع سابق؛ ويتوقع البنك الأوروبي للإنشاء والتعميرانخفاض بنسبة 0.2٪ فقط. ويتوق كلاهما نموًا على مدار العامين المقبلين.

ويقول البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير في تقريره السنوي الأخير "إن نمو الائتمان والحوافز المالية وزيادة ثقة المستهلك سوف تدفع الاقتصاد العام المقبل، مما يشير إلى ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3.1٪ في عام 2020 و3.6٪ في العام التالي".

كما ساعدت الأخبار الجيدة على صعيد التضخم في تعزيز النظرة المتفائلة إلى الاقتصاد، إذ انخفض التضخم  إلى 8.6٪ في تشرين الأول/ أكتوبر، مما أثار توقعات بأن سعر الفائدة القياسي، الذي قلص ثلاث مرات منذ أن بلغ 24٪ في الخريف الماضي، إلى أقل من 14٪ في أكتوبر، وأن يصل ​​إلى 12.5٪ بحلول كانون الثاني/ يناير. 

ومن بين العوامل الإيجابية التي لا مجال للشك فيها بالنسبة لتركيا الاستثمار الأجنبي المباشر. وجد تقرير الاستثمار العالمي الأخير الصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (Unctad)، والذي صدر في الصيف الماضي، أن الاستثمار الأجنبي المباشر إلى تركيا ارتفع العام الماضي بنسبة 13٪ في الوقت الذي انخفض فيه  بنفس النسبة الاستثمار الأجنبي المباشر العالمي الذي عصفت به المخاوف الجيوسياسية.

 في عام 2018، وقعت تركيا نحو 40 اتفاقية استثمار دولية، أكثر من أي دولة أخرى، وأصبحت أكبر متلقٍ للاستثمار الأجنبي المباشر في غرب آسيا. وهذا العام، ارتفع الاستثمار الأجنبي المباشر بنسبة 6.3٪ إلى 12.4 مليار دولار حتى أواخر تشرين الأول/ أكتوبر.

ويشير هذا إلى أن كثيرا من المستثمرين يستبعدون الحقائق الحالية ويتعاملون بناءً على موقع تركيا الاستراتيجي وقوتها العاملة الشابة والمتعلمة جيدًا بشكل عام وإمكاناتها الكبيرة في الوقت الذي تنتقل فيه من الدخل المتوسط ​​نحو المستوى العالي. 

يقول أردا إرموت، رئيس مكتب الاستثمار التركي: "موقع تركيا، عند مفترق طرق أوروبا وآسيا الوسطى والشرق الأوسط، يوفر سهولة الوصول إلى الأسواق الأوروبية والشرق أوسطية وشمال إفريقيا وآسيا الوسطى والخليج. هذه الأسواق تضم أكثر من 1.5 مليار شخص وتمثل إجمالي الناتج المحلي 24 تريليون دولار. وهذا هو السبب الرئيسي وراء اختيار الشركات متعددة الجنسيات تركيا كمركز إقليمي استراتيجي لعملياتها."

يقول أرفيد توركنير، المدير الإداري لتركيا في البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير، إن الكثير من الاستثمار الأجنبي المباشر التركي في شكل مشاريع مشتركة مع تكتلات تركية كبيرة مثل سابانجي، وأولويات تدفع الاقتصاد نحو استثمارات قائمة على المعرفة وأكثر قيمة مضافة. 

ومن بين هذه المشاريع  استثمار فولكس فاغن المزمع بقيمة 1.4 مليار دولار في مصنع جديد للسيارات في ولاية مانيسا، والذي من المتوقع أن ينتج 300 ألف سيارة سنويًا ويخلق 5000 فرصة عمل. وستنضم شركة فوكس فاغن إلى فورد وهوندا وتويوتا ورينو ومرسيدس ، التي لديها بالفعل مشاريع ضخمة للاستثمار الأجنبي المباشر في تركيا.

وتشمل الاستثمارات الرئيسية الأخرى هذا العام ضخ سوكار لشركة الطاقة الأذربيجانية 600 مليون دولار في مصفاة ستار لتكرير النفط بقيمة 6.3 مليار دولار، والتي لديها القدرة على معالجة 10 ملايين طن من النفط الخام في السنة، مما يعزز أمن الطاقة طويل الأجل في تركيا.

تعمل تركيا على تهيئة بيئة ودية للاستثمار الأجنبي المباشر. وقد عملت على تحسين وضعها باستمرار في المسح السنوي لممارسة أنشطة البنك الدولي، حيث انتقلت من المرتبة 60 من أصل 190 دولة في عام 2017 إلى المرتبة 43 في عام 2018 و33 من هذا العام. وتملك نحو 100 منطقة اقتصادية خاصة، معظمها خارج شرق آسيا. وقد أعلن بنك التنمية والاستثمار التركي (TKYB) عن خطط لإنشاء صناديق فرعية تدعم التنمية في المجالات الرئيسية للاقتصاد، بما في ذلك التكنولوجيا ورأس المال الاستثماري والآلات والأعمال التجارية الزراعية.

وبفضل الأصول التي تتجاوز قيمتها 3 مليارات دولار، نقل بنك التنمية والاستثمار التركي مقره الرئيسي من أنقرة إلى إسطنبول، حيث سيضطلع بدور رئيس في المساعدة على تحقيق أهداف الحكومة الخاصة برؤية 2023 حيث يتوقع أن تصبح تركيا واحدة من أكبر عشر اقتصادات في العالم، حيث يبلغ نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي أكثر من 12.000 دولار.

ويقول توركنير إن المصدر الرئيسي للاهتمام بالاستثمار الأجنبي المباشر في تركيا، كان من الشركات التي تتطلع إلى إنتاج سلع للتصدير، حيث إن انخفاض قيمة الليرة أخيرا يجعل الصادرات التركية أكثر جاذبية.

ومن بين قطاعات الاستثمار الأجنبي المباشر الرئيسية معدات تكنولوجيا المعلومات، ومعدات الاتصالات والبرمجيات، والتأمين. أعطت الحكومة الأولوية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات كمفتاح لتجنب مصيدة الدخل المتوسط ​، واجتذبت نحو 16 مليار دولار من الاستثمار الأجنبي المباشر. استقطب التمويل والتأمين نحو 52 مليار دولار من الاستثمارات منذ عام 2005.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!