ترك برس

سرد خير الله جنكيز، مدير متحف "آيا صوفيا" التاريخي الذي يعتبر أحد أهم الأماكن السياحية في مدينة إسطنبول التركية، تفاصيل نادرة حول بعض الأساطير المتعلقة بهذا الصرح العملاق.

وأعطى جنكيز معلومات عن تاريخ آيا صوفيا وأنها المعبد الثالث الذي شيّد في موقعه، مبينا أن الفترة التي شيّدت فيها آيا صوفيا كان الإمبراطور جوستنيان يعتلي عرش بيزنطة، وربما كان أكبر حاكم في عصره.

وأضاف أن جوستنيان أمر ببناء معبد ضخم لم يسبق له مثيل، فوق أنقاض المعبد الأول المحترق، وأوكل مهمة تشييده لشخصين، كانا عالمين في زمانهما، وهما إسيدورس وأنثيميوس، حيث إن أحدهما كان أكبر معلم للحساب والهندسة، والآخر ربما كان أكبر ميكانيكي في عصره.

وأوضح، في مقابلة نشره الموقع الإلكتروني الرسمي لولاية إسطنبول، أنه إسيدورس أكمل بناء المعبد بعد وفاة أنثيميوس بفترة قصيرة من إطلاق أعمال التشييد، مبينا أن بناء المعبد اكتمل في غضون 5 أعوام بين 532 و537 للميلاد.

ولفت جنكيز إلى أن بناء معبد مماثل في ذلك الوقت يحتاج إلى فترة زمنية أطول؛ إلا أن المعبد الذي أمر جوستنيان بتشييده انتهى في زمن قصير جدا، وهو رقم قياسي من نوعه، حيث أن معابد مماثلة بنيت في سنوات طويلة للغاية من قبيل 100 عام أو 150 عاما، لذا فإن آيا صوفيا حطمت رقما قياسيا لأقصر مدة بناء.

أكبر اللوحات المخطوطة في العالم في آيا صوفيا

وتحدث جنكيز عن اللوحات المخطوطة التي تلقى اهتماما كبيرا من الزوار داخل آيا صوفيا، مبينا أن أقدم اللوحات خطّت على يد الخطاط التركي تكنجي زاده إبراهيم أفندي، حيث بدّلت لوحات تكنجي زاده في أعوام 1847 و1850 بلوحات أكثر تناسبا مع يومنا.

وأشار جنكيز أن لوحات آيا صوفيا هي الأكبر في العالم بحيث إن قطر كل لوحة يبلغ 7.5 أمتار، وصممت من قماش الأشرعة من قبل القاضي العسكري مصطفى عزت أفندي، واستخدم أيضا في صناعة إطارها خشب الزيزفون.

وأوضح أن عدد اللوحات يبلغ 8 وتتضمن لفظ الجلالة واسم النبي محمد (ص) والصحابة الخلفاء الأربع الكرام، واسم حفيدا الرسول الحسن والحسين عليهما السلام، مؤكدا أن اللوحات تحافظ على مكانها داخل آيا صوفيا منذ زمن طويل.

وأضاف أنه إلى جانب هذه اللوحات، هناك 3 لوحات للسلاطين العثمانيين، واحدة منها للسلطان محمود الثاني معلقة في الطرف الأيمن للمحراب، حيث إن هذه اللوحة أيضا أكبر لوحة داخل مساجد إسطنبول.

وأشار جنكيز إلى أنه من أهم ميزات آيا صوفيا هي أن قببها تغطي مساحة كبيرة، حيث إن قطر قبتها يبلغ قرابة 32 مترا، وكانت أكبر قبة وقت تشييدها، مضيفا أن  هذه الخصائص تجعل آيا صوفيا فريدة ورائعة لم يصل عمران آخر في العالم إلى هذا القدر من الميزات قرابة ألف عام.

وقال جنكيز إن ارتفاع المعبد يبلغ 56 مترا، وهذا أيضا يعد رقما قياسا لآيا صوفيا مقارنة مع نظيراتها في العالم، وحتى في يومنا الحالي هي رابع أشهر معبد في العالم، لافتا إلى أن المعبد يحتضن رسومات من الفسيفساء.

هناك أساطير مختلفة حول آيا صوفيا في العديد من المعتقدات

كما تطرق جنكيز إلى الأساطير التي تحكى عن آيا صوفيا، حيث إن معتقدات مختلفة تتبنى أسطورتها الخاصة عن هذا المعبد الضخم.

ومن بين هذه الأساطير، أسطورة خضر عليه السلام، مضيفا أن آيا صوفيا معبد يبلغ عمره قرابة 1500 عام، وهناك أساطير عنه سواء من الفترة التي كانا فيها كنيسة ومن الفترة التي كانت فيها مسجدا.

وقال إن الأساطير عادة ما تبدأ عن شيء غير معرف؛ مستدركا أن كل أسطورة فيها شيء من الحقيقة، حيث إن منطقة حفل التتويج الإمبراطوري تحت القبة الرئيسية لآيا صوفيا تمتلك العديد من الأساطير.

وأوضح أن المسلمين اعتقدوا في ذلك الوقت إنهم إن أدوا أربعين صلاة فجر متتالية تحت القبة الرئيسية، فكانوا سيقابلون خضر عليه السلام.

وعن أسطورة ثانية، تحدث جنكيز عن أسطورة حجر الأمنيات، حيث إن هذا المكان داخل عمود ضخم في آيا صوفيا، وكان له أهمية كبيرة من قبل المسيحيين والمسلمين على حد سواء.

وأوضح أن أسطورة المسيحيين تتحدث عن أن السيدة مريم عليها السلام ذرفت دموعها فوق عمود رخام، حيث شكلت دموعها فجوة داخل الرخام من شدة حزنها على ابنها السيد المسيح، حين قبضوا عليه وعذبوه، مضيفا أن الإمبراطور جوستنيان أمر بجلب العمود إلى آيا صوفيا خلال فترة تشييد المعبد.

جنكيز تحدث عن أسطورة أخرى تعود للمسلمين، وتقول هذه الأسطورة إن أول ما قام به المسلمين حين فتحوا إسطنبول هو إقامة صلاة الجمعة في آيا صوفيا بعد تحويله إلى مسجد، ويخطب فيهم آق شمس الدين وهو شيخ السلطان محمد الفاتح، فيما أن السلطان هو من يأم المصلين في صلاة الجمعة، حيث إن محمد الفاتح يقف أمام المحراب وبعد التكبيرة الأولى يبطل الصلاة عبر السلام على يمينه وعلى يساره.

وتابع جنكيز أنه بعد التكبيرة الثانية، يعيد محمد الفاتح ويبطل الصلاة بنفس الطريقة، إلى أن يتم الصلاة بعد التكبيرة الثالثة. وبعد الانتهاء من أداء الصلاة يُسأل لما فعل ذلك، فيجيب أنه لم ير الكعبة في التكبيرتين الأولى والثانية، وأنه رآها في التكبيرة الثالثة، ولفهم ما جرى يسأل الحاضرون الشيخ آق شمس الدين الذي قال بدروه إن "خضر عليه السلام كان بين الحاضرين إلى جانب ذلك العمود، وقد قام الخضر بتوجيه اتجاه المعبد نحو الكعبة لأنه لم يكن متجها نحوها، ولذا فإن الفاتح لم يستطع رؤية الكعبة إلا في التكبيرة الثالثة".

وأكد جنكيز أن لآيا صوفيا أساطير أخرى موجودة كأطروحة دكتوراة بقسم الأدب الشعبي في كلية الآداب بجامعة إسطنبول.

وأوضح جنكيز أنه في يومنا الحالي، تحولت الفجوة الموجودة داخل عمود الرخام هذا، إلى حجر أمنيات، بحيث يضع كل فرد إصبعه في تلك الفجوة ويقوم بتدوير يده باتجاه عقارب الساعة دورة كاملة، ويتمنى أمنية يعتقد أنها ستتحقق.

آيا صوفيا المعبد المشترك لجميع الأديان والمذاهب

كما تحدث جنكيز عن الأضرحة الموجودة في آيا صوفيا، حيث إن 5 أضرحة موجودة في القسم الجنوبي، أقدمها ضريح السلطان سليم الثاني، ثم ضريح السلطان مراد الثالث، وضريح السلطان محمد الثالث، بجانبهم أضرحة الأمراء، وضريحا السلطان مصطفى والسلطان إبراهيم.

وأشار جنكيز إلى أن متحف آيا صوفيا يستقبل زوارا من كافة الأديان والأعراق، تجذبهم مختلف الأعمال الأثرية المتعلقة بثقافاتهم، مضيفا أن لآيا صوفيا مكانة مهمة للغاية من حيث الهندسة المعمارية والفن، والزخرفة الداخلية وهيكلها الرخامي وحجم قببها، علاوة عن آيا صوفيا تعد أكبر كنيسة في الشرق ما تزال واقفة على قدميها.

ولفت إلى أن آيا صوفيا تشكل مكان يجب زيارته من قبل كافة المسيحيين، لأنها تعد معبدا أسس في وقت لم تكن المسيحية قد تقسمت إلى مذاهب بعد، ومهم أيضا للمسلمين لأنها تستحضر للأذهان الحديث النبوي الشريف المتعلق بفتح إسطنبول.

وأضاف أنه يمكن رؤية أساس الدين والمعتقد في آيا صوفيا، لذا فإنها المعبد المشترك لجميع المذاهب.

 

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!