كورتولش تاييز – صحيفة أكشام – ترجمة وتحرير ترك برس
عندما ذكر الكاتب "مراد بيلغه" في إحدى مقالاته أنّه بات من الضّروري له ولأمثاله الاجتماع تحت سقف حزب الشّعب الجمهوري، أدركت أنّ هذه الرّغبة ليست نابعة عن قناعاته الشّخصية.
في الحقيقة إنّ مراد بيلغه أراد من خلال هذه الدّعوة أنّ يبعث برسالةٍ مفادها، أنّ على أصحاب الفكر من الكماليّين المشتّتين بين الجناحين اليميني واليساري، ضرورة الاجتماع تحت سقفٍ واحد وهو حزب الشّعب الجمهوري. وعقب هذه الدّعوة بدأ الكماليون يجتمعون حول حزب الشّعب الشّعب الجمهوري وصحيفة "جمهوريت" التي تمثّل رمز الكماليّين في تركيا.
وبالطّبع فإنّ كل من صحيفة جمهورييت وحزب الشّعب الجمهوري أجريا بعض التّعديلات الضّرورية للتّأقلم مع الوافدين الجدد.
إنّ أغلب الوافدين الجدد لصحيفة جمهوريت من الكتّاب والمحلّلين والصّحفيّين، هم من الكماليّين الذين رسموا طريق اليساريّين في تركيا، وبعضهم ينتمون للفئة اليبرالية وبعضهم ممّن يدّعون أنّهم يدافعون عن الدّيمقراطية. وعلينا أنّ لا ننسى إضافة الكماليّين المناصرين للكيان الموازي إلى هذه المجموعة.
لقد اجتمع الكماليّون المؤيدين للنّظام الوصائي في تركيا حول صحيفة جمهورييت وحزب الشّعب الجمهوري، وذلك من أجل الدّفاع عن هذا النّظام.
نعم إنّ الانتخابات البرلمانية التي ستجري في 7 حزيران/ يونيو المقبل، من الممكن أنّ تكون الصّراع النّهائي للنّظام الوصائي في هذا البلد من أجل البقاء. على أقل تقدير إنّ الكماليّين يعتقدون ذلك. ولكي يستطيعوا النّجاح في هذا الصّراع بدؤوا بإزالة الخلافات بينهم والاتحاد تحت سقفٍ واحد، وذلك من أجل التّغلّب على حزب العدالة والتنمية في هذه الانتخابات.
علينا أن لا ننسى الأكراد. فقد بدأ هؤلاء بالتّأثير على السياسة الكردية عبر اليساريّين الموجودين داخل الحركة السياسية الكردية. والهدف الرّئيسي لهذا التّجمّع، هو إعاقة عملية الانتقال بالبلاد إلى النّظام الرّئاسي الذي سيقضي على ما تبقّى من النّظام الوصائي الذي تمّ تأسيسه خلال الانقلاب الذي جرى عام 1960.
إنّ أحداث غيزي بارك وما أعقبه من محاولة الانقلاب على الحكومة التركية في 17/ 25 كانون الأول/ ديسمبر عام 2013 وأحداث الشّغب الأخيرة التي حدثت في 6 – 7 تشرين الأول/ أكتوبر من العام الماضي، كانت تستهدف في الحقيقة إعاقة مشروع الانتقال بالبلاد إلى النّظام الرّئاسي. إلّا أنّ هؤلاء فشلوا في كلّ هذه المحاولات الرّامية للإطاحة بالرّئيس أردوغان وإسقاط حكومة حزب العدالة والتنمية عن السّلطة. لكن لم يفقدوا أملهم. وإنّ اجتماعهم الأخير هذا، دليل على وجود بصيص أمل لدى هؤلاء بالحفاظ على النّظام الوصائي في البلاد. فهؤلاء يعتقدون أنّهم في حال نجحوا بعرقلة الانتقال بنظام البلاد إلى النّظام الرّئاسي، فإنّهم سيستطيعون الحفاظ على النّظام الوصائي الذي يلتفّون حوله.
إنّ إصرار الرّئيس أردوغان للانتقال بالبلاد إلى النّظام الرّئاسي، لم يندلع من رغبةٍ داخلية لديه في التّفرّد بالسّلطة ولا من كونه يرغب في أن يصبح ديكتاتوراً يحكم البلاد من قبضةٍ حديدية، إنّما يُصرّ الرّئيس أردوغان على الانتقال إلى النّظام الرّئاسي، لأنّه يدرك أنّ النّظام الحالي القائم في البلاد والبيروقراطية المسيطرة على مؤسّسات الدّولة، تتيح الباب أمام التّفرّد بالحكم.
في الحقيقة إنّ المعارضة الدّاخلية في تركيا لا تعاني من مشكلة تفرّد شخص في السّلطة، كما أنّها لا تهتمّ بنظام الحكم القائم في البلاد، إنّما همّهم الوحيد هو عدم السّماح لشخص الرّئيس أردوغان في الوصول إلى رأس الحكم في البلاد في حال تغيير النّظام القائم المعمول به في البلاد إلى النّظام الرّئاسي.
حزب العدالة والتنمية الذي يسعى لتغيير النّظام البرلماني، يواجه محاولات شق الصّف الدّاخلي للحزب. إلّا أنّ الحزب نجح في المحافظة على وحدة صفوفه أمام هذه الحملة الكبيرة التي تشنّها أحزاب المعارضة. والحقيقة أنّ طريق الوصول إلى تركيا الجديدة لم يعد يشوبه أي شيءٍ سوى الانتقال بالبلاد من النّظام القائم إلى النّظام الرّئاسي.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس