عبد الله الجزائري - خاص ترك برس

لم يعد التسويق مختصراً على المشاهير وعلى العلامات التجارية وحسب ولم يعد أيضاً يحتاج إلى الكثير من المال، وإنما وفي ظل انتشار مواقع التواصل الاجتماعي أصبح هناك العديد من الطرق التي تُمكّن المدرب الرياضي من التسويق لنفسه والظهور بالصورة اللازمة أمام جمهوره والوصول إلى جمهور أكبر من المتدربين وكسب ثقة عملائه وجمهوره والمجتمع بمجاله ومحتواه، بل وأصبح للتسويق أهمية كبيرة في انتشار مواقع التواصل الاجتماعي وتواجد الكثير من المدربين عليها، وذلك للتميز والظهور بالمحتوى الصحيح الذي يؤهل المدرب للحصول على وظيفة أو عملاء وكسب المال بشكل أكبر.

ويعتبر التسويق الرياضي من المجالات الكبيرة التي لها أهمية كبيرة في كافة الأندية ومراكز اللياقة البدنية، إذ لا يقتصر التسويق الرياضي فقط على نشر منشور على إحدى منصات التواصل الاجتماعي، بل إنه أوسع من ذلك وإنما يصل إلى العلامات التجارية التي تدفع الملايين لوضع شعارها على قميص أحد اللاعبين الرياضيين المشاهير، ويعتبر التسويق مع الرياضيين أكبر وأنجح أساليب التسويق لما هنالك من ثقة يكتسبها الرياضي أمام جمهوره على عكس التسويق التقليدي الغير المرتبط بحالة اجتماعية أو بمُحفز.

وتوجد العديد من الطرق التي تمكن المدرب الرياضي من التسويق لنفسه وتجعله أقرب من جمهوره وتكسبه المزيد من الجمهور وتحقيق أهدافه المرجوة من التسويق لنفسه أياً كانت أهدافه.

وصحيح أن العلامة التجارية تعد من أكثر الطرق تسويقاً للمدرب الرياضي إذا تواجد معها، لكنها لا تكفي، ولا بد للمدرب الرياضي استخدام طرق أخرى للتسويق لنفسه وتحقيق أهدافه من التسويق، فكلما زادت طرق التسويق للمدرب كلما حصل عل جمهور أكثر وبالتالي كسب أكثر. وتكون أهداف التسويق عادةً إما الحصول على وظيفة أفضل أو منصب ومكانة أفضل أو العمل في مكان أفضل وكسب خبرة أكبر وبالتالي الحصول على مال أكثر.

ولا شك عندي بأن كل مدرب لديه خبرة كافية وكبيرة وعلم ومعرفة ويمكنه التدريب بطريقته الخاصة، لكني أرى ضعفًا كبيرًا لدى المدربين في التسويق لأنفسهم.

ومن طرق التسويق التي على المدرب الرياضي استخدامها، التواجد الرقمي الصحيح، وقد يفهم البعض أن التواجد الرقمي الصحيح هو وجود حساب للمدرب على إحدى منصات التواصل مثل فيسبوك أو إنستجرام، وهذا ليس المقصود وإنما المقصود هنا هو التواجد على المنصات الصحيحة والأكثر استخداماً والتواجد بالوقت الصحيح، والأهم من ذلك هو التواجد بالمحتوى الصحيح والمميز والهادف الذي يحتاجه جمهورك، فنشر صورة على فيسبوك لا يعتبر تواجدًا صحيحًا لك كمدرب، بينما نشرها بالوقت الصحيح مع مرافقتها لمحتوى هادف ومميز ويحتاجه الناس يعتبر تسويقا وتواجدًا رقميًا صحيحًا لك.

وإن الحضور الدائم والدوري للفعاليات والأنشطة والندوات والمحاضرات والدورات وغيرها يعطي انطباعًا مختلفًا عن المدرب أمام جمهوره والعملاء، ويحصل على جمهور جديد لأنه يكون مواكبًا لكل ما هو جديد، وبالتالي الظهور المتميز، لذلك يعتبر الحضور الدائم من الطرق التي لا تقل أهمية عن غيرها من طريق التسويق للمدرب ذاتيًاَ.

وربما يمتلك الكثير من المدربين نقاط قوة لكن لا يمكنه صياغتها بشكل صحيح لذلك تبقى ميتة ولا تُذكر، فمن الضروري للمدرب الرياضي الذي يريد التسويق لنفسه أن يركز على نقاط القوة لديه ويظهرها دائما بالبداية ويكررها لأنها ما يميزه عن غيره من المدربين، وهي التي ستوجه الجمهور إليك بمواضع القوة لديك.

وبرأيي فإن الإحصاءات تجذب اهتمام الناس، فعلى سبيل المثال الناس في يومنا هذا تبحث عن عدد الإصابات بفيروس كورونا في بلد ما، أو تبحث عن عدد الأهداف التي سجلها لاعب ما في دوري ما، والعنوان الذي يذكر الأهداف التي سجلها لاعب ما في دوري ما يلفت انتباه الجمهور أكثر، لذلك فإن ذكر الإحصاءات التي تمتلكها من عدد سنوات الخبرة لديك وعدد الأطفال الذين دربتهم، وعدد ساعات تدريبك، وعدد الكتب التي قرأتها، وعدد الدورات التي حضرتها، وعدد الشهادات التي حصلت عليها، سيجعلك أقوى، لذلك يعد استخدام الإحصاءات من أهم طرق التسويق الذاتي للمدرب.

وفي عالم البيع والتجارة تركز الشركات في يومنا هذا على القيمة المضافة أو الخدمة التي تقدمها لعملائها أو على خدمة ما بعد البيع، فأنت كمدرب رياضي عليك التركيز على الخدمة التي تقدمها للمتدرب والعملاء والجمهور قبل التركيز على المال أو أي شيء آخر، االأمر الذي سجعل العميل يختارك أنت عن غيرك هي الخدمة التي تقدمها واهتمامك به.

وإن سلاح المدرب اليوم هو علمه ومواكبته للعلوم الحديثة وقراءته والمعرفة التي يُلمُ بها، فاستمرار المدرب بالتعلم وكسب المعرفة هو أحد الأساليب المهمة التي ستجعله يسوّق لنفسه جيدًا، وحصوله على جمهور وعملاء أكثر، لأن علوم الرياضة علوم تجريبية وتطبيقية ودراساتها متجددة، فمواكبتك لهذه الدراسات والأحداث والمتغيرات وحدها ستجعلك أكثر معرفة، وبالتالي أكثر قدرة للحديث وأكثر تميزاً للظهور بمحتوى ملفت ومميز للجمهور والعملاء.

وإن وجود المدرب ضمن علامة تجارية مثل مدرسة أو مركز تدريب لياقة أو نادي رياضي يعتبر من أساليب التسويق الناجحة، لأن وجود المدرب ضمن فريق عمل شركة ما ليس بالأمر السهل وإنما يحتاج إلى الكثير من الأمور لتوظيفه، فهو يحتاج إلى الخبرة والمهارات واللغات وغيرها، وعدد العملاء الكبير الموجود ضمن الشركة ممن سيسمعون باسمك، لذلك هذه الطريقة مهمة للتسويق للمدرب، لكن الخطأ الكبير الذي يرتكبه الكثير من المدربين هو اعتماده على الشركة والعلامة فقط في التسويق لنفسه وفي مصادر دخله، ولا يركز على طرق التسويق الأخرى ومصادر الدخل الأخرى وهذا سيؤثر عليه مستقبلاً ولن يفتح له مصادر أخرى.

ولا تعتبر العلاقات العامة من أفضل طرق التسويق الذاتي للمدرب، بل هي أفضل طريقة للتسويق، ولهذا تركتها في مقالي للختام. شبكة العلاقات التي يمتلكها المدرب هي أساسه وأساس استمراره، إذ أن ما يهم العميل هي الفائدة التي سيأخذها من خدمتك، لهذا فإن أفضل من يسوّق لك هو من يعرفك وقد جربك وتعامل معك، فعلى المدرب الرياضي بناء شبكة علاقات واسعة وكبيرة ومن مختلف البلدان واللغات، ولا تقتصر على أبناء البلد أو المدينة أو المجتمع الصغير، وعدم الاستخفاف بهذه الطريقة التي أعتبرها الأفضل من بين طرق التسويق،
وأنا أرى أن التسويق دائرة متكاملة، وأنصح المدربين باستخدام كل طرق التسويق ذاتياً، مع دراية بأنسب الطرق وأنفعها للتسويق بالمكان الذي يتواجد فيه المدرب، وأنصحهم بتقديم المحتوى المتميز والهادف للجمهور.

عن الكاتب

عبد الله الجزائري

مدرب وأكاديمي متخصص في الرياضة


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس