ترك برس

قال معهد أمريكي إن حلفاء اللواء المتقاعد خليفة حفتر أخطؤوا تقدير رغبة تركيا في حماية مصالحها في ليبيا، مشيرًا إلى أن مصر وروسيا والإمارات العربية المتحدة قلصت من طموحاتها في ليبيا على المدى القريب، بعد أن أحبط التدخل التركي آمالهم في تمكن حفتر من السيطرة على البلاد بالقوة.

وأكد تقرير لمشروع «Critical Threats» الأمريكي - التابع لمعهـد "انتربراير" أن التدخل المصري المحدود قد يؤدي إلى تجميد الصراع في ليبيا مؤقتًا ولكنه لن يدفعه إلى حل المشكلة. كما أن الانخراط المباشر لمصر يثير أيضًا خطر المواجهة المباشرة مع تركيا - وهي نتيجة غير محتملة ولكنها خطيرة.

سيناريوهات راجحة

ورجح أن يسعى القادة المصريون إلى تجنب التدخل الكامل في ليبيا، خاصة وأن مصر تواجه الكثير من التحديات الخطيرة التي تشمل تصاعد التوترات مع إثيوبيا بشأن سد النيل، واستمرار عمليات تنظيم داعش في شبه جزيرة سيناء، والآثار الاقتصادية والاجتماعية لوباء كورونا المستجد.

ووفقًا للتقرير، فإن السيناريو الأكثر ترجيحًا هو استعراض مصري للقوة لإقناع تركيا بتقليص دعمها والحد من تقدم شركائها الليبيين الذين يعتمدون على الطائرات بدون طيار التركية وأصول الدفاع الجوي التركية. سيجمد هذا السيناريو الصراع حول الخط الأمامي الحالي، وهو ما يسمح بتخفيض مؤقت للتوترات.

وأضاف أن هذا السيناريو ممكن لأن مصر قبلت الوجود التركي في غرب ليبيا وربما في الجنوب الغربي، على الأقل في المدى القريب. ومن غير المحتمل أن يقوم خصوم مصر وتركيا الآخرون، بما في ذلك الإمارات العربية المتحدة وروسيا والمملكة العربية السعودية، بعملية عسكرية كبيرة لطرد تركيا.

من المرجح أن يسعى خصوم تركيا إلى تقويض طموحاتها بمرور الوقت، خاصة إذا واصلت أنقرة التمركز العسكري في غرب ليبيا. ومن المرجح أن يفعلوا ذلك باستغلال تجزئة القطاعات السياسية والأمنية في ليبيا لتمكين الفصائل المعادية لتركيا.

ويقول التقرير إن السيناريو الأسوأ ممكن على المدى القريب، إذا أخطأ اللاعبون في الحساب. وقد سبق أن أخطأت مصر والإمارات العربية المتحدة وروسيا تقدير رغبة تركيا في الحفاظ على مصالحها في ليبيا. و قد يحدث سوء تقدير مماثل كارثة في البيئة الحالية القابلة للاشتعال.

ما آثار التدخل التركي؟

ويذكر التقرير أن مصر والإمارات العربية المتحدة وروسيا قلصت من طموحاتها في ليبيا على المدى القريب، بعد أن أحبط التدخل التركي آمال أنصار حفتر في أن يتمكن من السيطرة على البلاد بالقوة. ولذلك تحاول هذه الدول الآن تأمين مصالحها الأساسية.

ورأى أن التدخل التركي في ليبيا يوتر علاقاتها مع كل من روسيا والناتو.

وأوضح أن القناة الدبلوماسية التركية الروسية معطلة مؤقتًا بسبب الخلافات بينهما حول شروط وقف إطلاق النار وبدء العملية السياسية.

وأضاف أن الخلاف بين موسكو وأنقرة تمحور حول قيادة حكومة وحدة ليبية، إذ عرض المسؤولون الروس استبدال حفتر برئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، في حين سعى الأتراك إلى الإبقاء على رئيس وزراء حكومة الوفاق الوطني فايز السراج.

ووفقًا للتقرير، قد تستغل روسيا مصر لتأمين مصالحها تجاه تركيا في ليبيا، إذ أن الكرملين يسعى إلى تجنب المواجهة المباشرة مع تركيا ويجب أن يوازن المصالح في ليبيا مع الأولويات العليا في سوريا وأوروبا.

وبيَن أن التدخل المصري الذي يُرجح تمويله بدعم من الإمارات العربية المتحدة، سيضمن مصالح روسيا بدون نفقات مالية أو عسكرية كبيرة تتجاوز مشاركة المرتزقة والطائرات الموجودة مسبقًا. وسيسمح التدخل الذي تقوده مصر أيضًا لموسكو بمواصلة تعزيز دورها كوسيط سلام وصانع ملوك في ليبيا.

ولفت إلى أن روسيا ربما نسقت مباشرة مع مصر بشأن خططها، حيث تحدث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع االسيسي في 8  حزيران/ يونيو، قبل أسبوع من تأجيل الاجتماع الروسي التركي حول ليبيا. تحدث وزير الخارجية الروسي لافروف مع وزير الخارجية المصري في 21 يونيو، في اليوم التالي لبيان السيسي.

وقال إن روسيا ستستفيد من الآثار الطويلة الأمد للأزمة الليبية حتى لو لم تستطع تأمين نتائجها الأولى في ليبيا، ذلك لأن التوترات التركية الفرنسية والجهود التركية لتطبيع انتهاكات حظر الأسلحة في ليبيا تعزز جهود روسيا لتقسيم الناتو وتقويض فعالية الحظر والضغط الاقتصادي.

أما الجزائر، فقد تزداد مشاركتها في مواجهة التدخل المصري المتزايد في ليبيا. تسعى الجزائر إلى موازنة التأثير المصري في شمال إفريقيا ومنع عدم الاستقرار على حدودها مع ليبيا. لا يزال التدخل العسكري الجزائري بعيد الاحتمال، لكن الجزائر العاصمة ستواصل تكثيف جهودها الدبلوماسية لتجنب حرب أكبر في ليبيا.
 

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!