ترك برس

في حوار مع موقع "Formiche" الإيطالي انتقد اثنان من كبار المحللين الخبراء في الشأن الليبي الموقف الفرنسي المضلل الذي يلقي مسؤولية زعزعة الاستقرار في ليبيا على تركيا.

النقد جاء ردًا على مقال نشر مطلع الأسبوع في موقع المجلس الأطلسي لناتالي لويسو، الوزيرة الفرنسية السابقة للشؤون الأوروبية، التي ترأس حاليًا اللجنة الفرعية للأمن والدفاع في البرلمان الأوروبي، دافعت فيه عن سياسة بلادها في ليبيا والبحر المتوسط، واعتبرت تركيا السبب في زعزعة استقرار ليبيا.

وصف كريم ميزران هو كبير باحثين في مركز رفيق الحريري للشرق الأوسط، المقال بالمتحيز، ويبدو هجومًا دعائيًا يهدف إلى تنظيف صورة فرنسا، وهو شكل من أشكال التعديل لمحو كل ما فعلته باريس في ليبيا وتوجيه اللوم كله إلى تركيا.

وقال ميزران: "يريد الفرنسيون الآن أن يقولوا إن التدخل التركي دمر أي إمكانية للتفاوض. ولكن هذا ببساطة ليس صحيحًا. في الواقع، العكس هو الصحيح: إذا لم يتدخل الأتراك، لكانت طرابلس في مرمى قنابل حفتر ورعاته، واستمر قتل المدنيين في الأحياء الجنوبية المحاصرة. إذا أردنا الحقيقة، فقد أعاد التدخل التركي إمكانية التفاوض وفرض توازنًا جديدًا".

بدورها تشير فيدريكا سايني فاسانوتي، الخبيرة في معهد بروكغنز إلى أن "أمير الحرب حفتر شن هجومًا على طرابلس بهدف الإطاحة بحكومة الوفاق الوطني. ولاقت هذه المبادرة العسكرية دعم الإمارات العربية المتحدة ومصر، الجهتان الراعيتان  المباشرتان، وروسيا من خلال وحدات فاغنر القذرة، والسعودية ممول بعيد".

وأضافت أن فرنسا اضطلعت أيضًا بدور في دعم حفتر لكنه دعم سري وبدأ قبل عدة سنوات، وتقول: "أي تدخل خارجي، من أي جانب، ليس جيدًا للشعب الليبي، ولكنه مع ذلك العامل الحاسم الذي يجب أن نضعه في الاعتبار عند الحديث عن ليبيا. كما يجب أن نتذكر أن الهجوم على طرابلس في حفتر كان ضارًا، فقد أسفر عن سقوط مئات الضحايا من المدنيين، وترك الأحياء الجنوبية من العاصمة مدمرة من القصف".

وأردفت فاسانوتي بالقول: "إن وحدات الجيش الوطني الليبي صدت هجوم قوات حفتر، بعد أن تقلت مساعدة عسكرية أساسية من تركيا. شوهدت التأثيرات المحددة قبل شهر، عندما اضطر حفتر للانسحاب مرة أخرى إلى برقة".

ولكن إذا عدنا للدور الفرنسيي، والكلام للباحثة الإيطالية: "نجد أن فرنسا دعمت حفتر، ولا جدوى من الالتفاف حول ذلك. ومن ثم تتحمل نوعًا من المسؤولية عن جرائم الحرب التي ارتكبها".

وتقدم فاسانوتي بعض الأمثلة على الدعم الفرنسي لحفتر، وقالت: "لقد رأينا ذلك لسنوات، واضطرت باريس أيضًا إلى الاعتراف المحرج عندما عثرعلى جثث ثلاثة رجال من الوحدات الفرنسية الخاصة بين حطام طائرة مروحية كانت متجهة لدعم حفتر. وقبل بضعة أشهرعثرعلى صواريخ فرنسية مضادة للدبابات عثرت عليها قوات الوفاق".

وتلفت فاسانوتي إلى تحركات الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، للسماح بعقد اجتماعات مباشرة بين حفتر وفايز السراج، رئيس الوزراء الليبي، معتبرة أن ذلك كان وسيلة لطرح حفتر على الساحة العالمية.

ويضيف الباحث ميرزان إلى ذلك الدور الفرنسي في الضغط على بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، فاضطرت للخضوع لمبادرات معينة.

ووفقًا لفاسانوتي، فإن المغزى من هذا الحديث هو أن العضو السابق في الحكومة الفرنسية وأحد أعضاء البرلمان الأوروبي، ناتالي لويسو، يجب ألا تتخذ مواقف معينة، لأنها محاولة لمحو الذاكرة، في حين يصف ميزران مقال الوزيرة الفرنسية السابقة بأنه عمل غير مجد.

ويضيف ميزران أن "المكانة العسكرية التي منحتها تركيا لطرابلس قد وضعت أيضًا حكومة الوفاق في وضع يمكنها من الضغط على ممثلي شرق ليبيا للتفاوض بشكل بناء، لكن أكثر الفصائل تطرفًا تثبت أنه ليس لديها هذه المصلحة ويحاولون أن يعتمدوا على مصر في عمل عسكري".

وهناك ملاحظة مهمة تتعلق بإيطاليا قدمها ميرزان، إذ قال: "التدخل التركي إلى جانب طرابلس أعاد إيطاليا إلى موقع رئيسي أن روما لديها الفرصة للتفاوض مع باريس. ولدى باريس الفرصة لطرح أخطاء التقييم على طاولة المفاوضات".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!