ترك برس

لم تشهد الحرب العالمية تاريخيا مثل البطل مصطفى أرطغرل أكر، الذي أغرق السفينة حاملة الطائرات البريطانية بضربة مدفع صغير في ميناء ميس إبان الحرب العالمية الأولى، كما أغرق سفينتين أخرتين، مسطرًا بطولات تاريخية ونجاحات خلال حياته كقائد مدفعي.

قاتل أكر بنضال واستبسال من أجل الاستقلال، واضعًا روحه على كفه، وحقق نجاحات كبيرة بالرغم من قلة الإمكانيات والصعوبات، ليكتب التاريخ اسمه مع أسماء مئات المحاربين الأتراك ويروي نجاحه بتحقيق المستحيل، فهو أول مدفعي تركي يغرق حاملة طائرات بريطانية، وكان إلى جانبه مجموعة جنود ومدفع جبلي صغير فقط.

تمكن أرطغرل من إغراق ثلاث سفن حربية في مياه البحر الأبيض المتوسط، الذي ولد في ساحله عام 1893. أنهى دراسته في الكلية البحرية كضابط مدفعية في عام 1912، ثم شارك في الفوج 27 خلال حرب جناق قلعة، حيث حصل على وسام الحرب العثماني وميدالية الصليب الحديدي الألماني بفضل إنجازاته فيها.

أول من أغرق حاملة طائرات بريطانية

في أثناء الحرب العالمية الأولى الأكثر  شدة وعنفا، أمر الجنرال الألماني ليمان فون ساندرز، باحتلال جزيرة ميس التابعة لإيطاليا تحت سيطرة الفرنسيين والبريطانيين في تلك الفترة، فأصدر قرارا بإرسال أربعة مدافع جبلية ألمانية الصنع من نوع أرهارد بحجم 7,7 بوصة إلى كاش من أيدن.

شارك أرطغرل باي، في الغارة على جزيرة ميس، حيث نجح بإغراق حاملة طائرات بريطانية بمدفع جبلي يبلغ قطره 7,7 بوصة في 9 كانون الثاني/ يناير 1917، حدث ذلك لأول مرة في تاريخ الحرب العالمية، فقد كانت ترسو حاملة الطائرات التي يطلق عليها اسم “بن ماي تشري” (Ben My Chree)، البالغ طولها 114 مترا، في ميناء ميس مقابل كاش، بهدف تزويد الحامية الفرنسية بالمؤن.

أنشئت “بن ماي تشري” كسفينة تجارية في أحواض بناء السفن “فيكرز” في إنجلترا، وأنزلت إلى البحر في عام 1908، حيث استخدمت في نقل الركاب طوال تلك الأعوام، ثم حولت إلى سفينة بحرية من قبل “كاميل ليرد بيركنهيد” في عام 1915. وفي 23 آذار/ مارس من نفس العام أدت وظيفة حاملة طائرات في القوات البحرية البريطانية.

أغرقت السفينة من قبل مصطفى أرطغرل في عام 1917، وتم إخراجها من البحر في عشرينيات القرن الماضي من قبل شركة إيطالية. كان يبلغ عرض السفينة 14 مترا، منها 4,8 مترا تحت الماء، وبلغ وزنها 3888 طنا، وكانت لديها القدرة على السير بسرعة 24,5 عقدة بدفع من مراوحها الثلاث.

(صورة) بطاقة بريدية لسفينة “بن ماي تشري”، من كتاب “أنا ضابط تركي”

(صورة) “باريس الثانية” في أعماق البحر الأبيض المتوسط

بنيت “باريس الثانية” كسفينة صيد في فرنسا، ويبلغ طولها 50 مترا وعرضها ثمانية أمتار، ثم تم تسليحها وتحويلها إلى سفينة حربية.

تمكن مصطفى أرطغرل من دفن سفينة باريس الثانية في خليج آفا، بالقرب من كَمَر بقصف مدفعي يوم 13 كانون الأول/ ديسمبر 1917، كما تم أسر جميع من في السفينة بما فيهم قائدها، ولا تزال سفينة باريس الثانية في أعماق البحر الأبيض المتوسط إلى يومنا هذا.

السفينة الثالثة

بعد غرق باريس الثاني، حاصر مصطفى أرطغرل، السفينة الحربية “ألكسندرا الفرنسية”، وصنع فخًا بقارب شراعي محمل بالبرتقال والديناميت يوم 8 مارس 1918.

ارتفعت رتبة أرطغرل إلى قائد مدفعية، وتوفي عام 1968 وبُنِيَ له نصب تذكاري في منطقة كاش، كما نُصِبَ له أيضا نصب تذكاري أكبر في المنطقة المقابلة لميناء ميس.

كتب مصطفى أيدمير، كتابا عن مذكرات مصطفى أرطغرل بعنوان “أنا ضابط تركي"، يحكي فيه قصة الضابط الذي سطر ملاحم بإغراقه ثلاث سفن حربية. وذكر في المذكرات أنّه وجّه نصائح إلى مصطفى كمال أتاتورك شخصيًا.

وزير الدفاع التركي يزور أرطغرل

توجهت كاترينا ساكلاروبولو، الرئيسة اليوناتية إلى جزيرة ميس، لحضور الاحتفالات التي نظمت بمناسبة الذكرى 77 لتحرير ميس في 13 أيلول/ سبتمبر، كما أرسلت فرنسا التي استفزت اليونان، سفينة حاملة طائرات إلى البحر الأبيض المتوسط.

شارك في نفس اليوم وزير الدفاع خلوصي أكار، بالمراسيم الاحتفالية التي نظمت بمناسبة إحياء ذكرى قائد المدفعية مصطفى أرطغرل أكر، عند نصبه التذكاري المقابل لميناء ميس.

 

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!