ترك برس

يعد "الغلاطيون" أسلاف الأيرلنديين والإنجليز والأسكتلنديين، الذين هاجروا من الأناضول إلى الجزيرة البريطانية، فهل ترك الغلاطيون أثارا لهم في الأناضول؟ من المعروف أنهم اتخذوا المرساة رمزا لهم في العاصمة أنقرة بالرغم من عدم وجود بحر فيها، وبرج غلاطة، وجسر غلاطة في إسطنبول.

يوجد معنى لكل ذلك، كان الزي الموحد لفريق غالاطة سراي بنفسجي اللون، اللون الذي أعتز به الغلاطيون بشرف مما يعني أن جذوره تعود إليهم، وقد تغير زي الفريق للون الأصفر والأحمر وهي تدرجات اللون البنفسجي.

يصف المؤرخ الروماني ديودوروس سيكولوس، خصائص الغلاطيين البدنية في كتابه "التاريخ" قائلا: "امتازوا باللون الأشقر غير الطبيعي، وكان تمشيط شعرهم لخلف الجبين، وقد صبغوا خصلات شعرهم الكثيف بالجير لتبييضها. تفضيلهم لارتداء ألبسة بألوان لامعة وزاهية يدهش من يراهم. تمتلئ ملابسهم بالزخارف، وسراويلهم منتفخة، ويثبتون عباءات على أكتافهم بدبابيس، وتزين رؤسهم خوذات بزخرفة برونزية وقرنين، وينفخون بأبواقهم مصدرين أصواتا غريبة ومتناقضة".

تحدث الدكتور علي أكين أكيول، عضو هيئة التدريس في جامعة "حاجي بايرام ولي"، عن هوية الغلاطيين، وما الذي  فعلوه في الأناضول قائلا: "في أول ألف عام في أوروبا، اكتسب الكلت (الغلاطيون) الثقافة الأوروبية، فقد كانوا من شعوب الأناضول في عام 300 قبل الميلاد. من المعروف أن منطقة وسط الأناضول سميت غلاطية لأعوام طويلة منذ الفترة التي عاشوها فيها، ويقال إنهم تحدثوا باللغة الغلاطية حتى القرن السابع قبل الميلاد، لأن ثقافتهم كانت متغيرة ومنوعة، وكان شعبهم محاربًا، ويمكن تسميته بالفيلق، حتى نسائهم كنّ يشاركن بالقتال في الحروب، وكان لديهم عوائل من 20 ألف شخص".

غلاطية في الثقافة التركية

بعد انتقال الغلاطيين للعيش في غرب الأناضول والبلقان، استقرت مجموعات منهم، من أصول وسط أوروبا في أنقرة وتشوروم في وسط الأناضول، ويوزغات، وفقا للباحثين. يقول أكيول: "أراد أحد ملوك الأناضول استئجار جنود بالمال (مرتزقة) لتقوية جيشه، لذلك أتى الكلت (الغلاطيون) إلى الأناضول، كي يصبحوا مرتزقة".

هيمن حكم الغلاطيين (الكلت) على فرنسا وبريطانيا وشمال إيطاليا وبلجيكا وجنوب ألمانيا وجمهورية التشيك وإسبانيا في عام 600 قبل الميلاد، كما اعتاد الرومان على تسمية شعب الكلت "ويلز".

ذكر أكيول أن قدوم الغلاطيون إلى الأناضول كان مهما بقوله: "كان لقدومهم إلى الأناضول أهمية، فقد استقروا في منطقة غلاطة بإسطنبول وحصلوا على إذن للمرور من البسفور، وهكذا بدأت مغامراتهم في الأناضول، ثم تم دمجهم تحت الهيمنة الرومانية في القرن الأول قبل الميلاد. نرى ثقافة غلاطة مسجونة داخل الثقافة الرومانية، إلا انهم لم ينفصلوا عن هويتهم، وكانت منطقة سيفيرهيسار مثل الفاتيكان في تلك الفترة".

أضاف أكيول: "تم توثيق حوالي 200 قلعة مستوطنة في مختلف أنحاء الأناضول، وذلك من خلال مشروع مسح أرضي بقيادة ليفينت أغمن فاردار، عالم الآثار بالمديرية العامة للمتاحف والتراث الثقافي التابعة لوزارة السياحة والثقافة قبل 20 عامًا، وبالطبع لم يكن بناء القلاع عشوائيا، بل كانت جميعها مرتبطة ببعضها البعض".

أشار أكيول ، إلى طبيعة الغلاطيين المحاربة، لذلك كانت هذه القلاع جزءا من انظمتهم الدفاعية والإخبارية، التي كانت تتواجد في عدة أماكن مثل أياش، وبالا، وباي بازاري، ويني محله، وبولاتلي، وسنجان، وكيزيلجهامام، وبهشيلي، ومركز كيركاله.

تطرق أكيول للحكاية الأصلية لسبب تسمية مدينة أنقرة بهذا الاسم، فقد تواترت العديد من المزاعم حولها، وقال: "أنقرة مدينة الغلاطيين في وسط الأناضول، وهم من أطلق عليها هذا الاسم، من مرساة السفينة "أنكور"، وأصلها "أنكيرا، وبالرغم من عدم وجود ساحل بحري في انقرة إلأ أنهم منحوها اسم المرساة كرمز. فما هي علاقتهم بمرساة السفينة؟ عند التفكير بذلك نقول إنهم حملوها معهم كذكرى رمزية لسفنهم عند قدومهم من البحر، وفي الوقت نفسه كلمة أنكيرا تعني (التوقف)".

من الممكن رؤية فن الغلاطيين في الوقت الحالي. يوجد في غلاطة تمثال لمحارب حزين ينتحر، ولوحة حرب مع جبابرة الغلاطيين على مذبح برغاما.

ما هو الرابط الذي ربط شعوب الكلت بغلاطة سراي وبرج غلاطة؟

استضافت الأناضول العديد من الحضارات والثقافات المختلفة لعدة قرون في العصور القديمة، ولا زالت بعض  آثارهم شاهدة على مرورهم بهذه الأراضي.

 يرى أكيول أن الغلاطيين من رواد هذا التراث الغني بالثقافات، ويقول: "كان يرمز إلى منطقة برج غلاطة في إسطنبول باسم مصرفيي غلاطة حتى الفترة الأخيرة، وهو المكان الأول الشاهد على قدومهم إلى الأناضول، أنه دليل قوي على إقامتهم في تلك المنطقة، بالطبع كامتداد لهم، لقد تم إنشاء مدرسة غلاطة سراي في المنطقة، ويمكننا القول إن حديثنا بمثابة ذكرى ثقافية ممتعة شعبيا وأيضا في ثقافتنا الرياضية".

 

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!