ترك برس

استنادًا إلى وثيقة مخابراتية بريطانية، قال المؤرخ والبرلماني التركي الأستاذ الدكتور خليل أوزشاولي إن التعاون بين منظمتي "الجيش الأرميني السري لتحرير أرمينيا" (أصالا) و"بي كا كا" الإرهابيتين بدأ باجتماع في لبنان، عام 1980، اتفقتا خلاله على شن هجمات مشتركة ضد تركيا.

وبعد إكماله دراسات الدكتوراه في جامعة ميتشيغان بالولايات المتحدة الأمريكية، عمل أوزشاولي (برلماني عن حزب العدالة والتنمية) في دائرة المحفوظات البريطانية (الأرشيف)، بجانب قيامه بدراسات ما بعد الدكتوراه في جامعة "كنت" ببريطانيا، عام 2017.

وأضاف أوزشاولي أنه، وخلال الدراسات التي أجراها، توصل إلى وثيقة للمخابرات البريطانية توضح التعاون القائم بين منظمتي "بي كا كا" و"أصالا" الإرهابيتين. وفق وكالة الأناضول.

وتابع أنه ووفقا لسجلات المخابرات البريطانية، فإن المنظمتين عقدتا اجتماعا في إحدى القرى التابعة لمدينة صيدا اللبنانية، في 7 أبريل/ نيسان 1980، وقررتا في هذا الاجتماع شن هجمات مشتركة ضد تركيا.

وأفاد بوجود مجموعة من الوثائق تحتوي على معلومات عديدة متعلقة بالتعاون بين "أصالا" و"بي كا كا".

ولفت إلى أن صورًا لاجتماع لبنان جرى نشرها في مجلة "هاياستان"، التابعة لمنظمة "أصالا"، وتمت الإشارة في المجلة إلى أنه "الاجتماع المشترك بين أصالا وبي كا كا".

** هجمات دموية

وقال أوزشاولي إنه في العام الذي شهد الاجتماع المشترك، نفذت المنظمتان الإرهابيتان هجوما بالقنابل على القنصلية التركية بمدينة ستراسبورغ الفرنسية، في 9 نوفمبر/ تشرين الثاني 1980.

وزاد بأن مجلة "هاياستان" نشرت صورًا للهجوم، معلنة أن "أصالا" نفذته انتقاما لخمسة مسلحين يتبعون "بي كا كا" حيدتهم القوات التركية مؤخرًا في ولاية ماردين (جنوب).

وأشار إلى أنه بعد يومين من هذا الهجوم، نفذت "أصالا" و"بي كا كا" هجومًا بالقنابل على مكتب سياحي تركي في العاصمة اليونانية أثينا.

وشدد على أن الشراكة بين المنظمتين الإرهابيتين استمرت في السنوات التالية، حيث قاتل مسلحو "بي كا كا" إلى جانب "أصالا" في حرب "قره باغ" بين أذربيجان وأرمينيا في تسعينيات القرن الماضي.

كما لفت إلى اقتحام إرهابيين من "أصالا" للسفارة التركية بباريس، في 24 سبتمبر/ أيلول 1981، واحتجاز 60 شخصا كرهائن بعد قتل حارس السفارة، قائلًا: من المثير للاهتمام أن من بين المطالب التي قدمها المهاجمون هو "إطلاق سراح 5 من أعضاء بي كا كا مسجونين في تركيا". وهذا المطلب يظهر عمق الشراكة بين المنظمتين منذ 1980.

وقال أوزشاولي إن الشراكة بين المنظمتين لا تزال مستمرة حتى اليوم، وفي 2015، قُتل أحد مسلحي "بي كا كا" على جبهة "قره باغ"، أثناء قتاله إلى جانب الأرمن ضد أذربيجان. وبعدها، ذهب وزير الدفاع الأرميني آنذاك، سيران أوهانيان، إلى منزل هذا المسلح في زيارة تعزية، والتُقطت صورة مع أعضاء للمنظمة بجانب رايات لـ"بي كا كا".

وأردف: كما قام إرهابيو "بي كا كا" وفرعهم السوري "ي ب ك" بالقتال إلى جانب الأرمن في "قره باغ" قبل بضعة أشهر.

** شراكة بين الحزب وأرمن الشتات

كما أكد أوزشاولي أن هذه المعلومات مدعومة بأدلة ووثائق من الدرجة الأولى، وأن المجلس التنفيذي لحزب الشعوب الديمقراطي اعترف في بيان بما يُسمى بـ"الإبادة الجماعية للأرمن".

وأضاف: ومع ذلك، تجاهل بيان الحزب أكثر من 600 ألف كردي عثماني جرى ذبحهم من قبل العصابات الأرمنية في شرق الأناضول في تسعينيات القرن التاسع عشر".

وتابع: لا يمكن اليوم لحزب سياسي يدعي "تمثيل الأكراد" أن يدعم أطروحات العصابات الأرمنية التي قتلت الأكراد. كل ما يفعله حزب الشعوب الديمقراطي اليوم هو الدفاع عن مصالح أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية ومنظمات الشتات الأرمني مقابل لا شيء.

ورأى أن بيان الحزب يعكس رغبة "بي كا كا" في التقرب من أرمن الشتات، كما يعكس مجددًا الشراكة الوثيقة بين "أصالا" و"بي كا كا"، والتي تتجلى اليوم بصورة شراكة بين حزب الشعوب الديمقراطي وأرمن الشتات.

وذَكَّرَ أوزشاولي بتصريح أدلى به مهران مهرانيان، أحد قادة "أصالا"، للصحافة الفرنسية، قال فيه إن منظمته ستعود إلى المنطقة التي تسميها "أرمينيا الغربية" في شرق الأناضول وستقيم "دولة أرمنية" هناك.

وحول وضع الأكراد في تلك الدولة المفترضة، رفض مهرانيان إعطاء إجابة واضحة، مكتفيًا بالقول: "سنعيش معًا".

** مكافحة التشهير

وبشأن تصريح الرئيس الأمريكي، جو بايدن بشأن أحداث عام 1915، قال أوزشاولي إن منظمات الشتات الأرمنية تبرعت بملايين الدولارات لجو بايدن خلال الانتخابات الأمريكية، مطالبًا بسن قوانين لمكافحة "التشهير والافتراء".

وفي 24 أبريل/ نيسان الماضي، وصف بايدن أحداث 1915 بـ"الإبادة" ضد الأرمن، في مخالفة للتقاليد الراسخة لأسلافه من الرؤساء الأمريكيين في الامتناع عن استخدام هذا المصطلح.

وردًا على الخطوة، أكدت وزارة الخارجية التركية أن بايدن لا يملك الحق القانوني في الحكم على المسائل التاريخية، وتصريحاته عن "الإبادة" المزعومة لا قيمة لها.

وتؤكد تركيا عدم إمكانية إطلاق "الإبادة الجماعية" على تلك الأحداث، بل تصفها بـ"المأساة" لكلا الطرفين، وتدعو إلى تناول الملف بعيدا عن الصراع السياسي وحل القضية بمنظور "الذاكرة العادلة" الذي يعني التخلي عن النظرة الأحادية إلى التاريخ، وتفهم كل طرف ما عاشه الآخر، والاحترام المتبادل لذاكرة الماضي لكل طرف.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!