ترك برس-الأناضول

تبهر ولاية أنطاليا (جنوب)، الملقّبة بعاصمة السياحة التركية، ملايين السياح كل عام، بمدنها التاريخية القديمة وآثارها المنتشرة على شكل متاحف في الهواء الطلق، آخذة زوارها من عشاق الماضي في رحلة عبر التاريخ.

استضافت ولاية أنطاليا على أرضها عبر التاريخ، العديد من الدول والحضارات المختلفة، وتحتضن اليوم أكثر من 50 مدينة أثرية قديمة تسلط الضوء على الماضي وتجذب اهتمام عشاق التاريخ.

- "باتارا".. مهد الديمقراطية

تلفت مدينة باتارا القديمة، التي تبعد نحو 30 دقيقة عن مركز قضاء "قاش"، الانتباه بتراثها التاريخي والثقافي، من بين المدن القديمة التي تستضيف أكبر عدد من الزوار بالولاية.

وتم إعلان عام 2020 كعام باتارا، من قبل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ما أدى إلى زيادة اهتمام السياح بهذه المدينة القديمة التي تعرف بلقب "مهد الديمقراطية".

وتشتهر "باتارا" باحتوائها على برلمان دولة ليقيا (القرنين 15-14 قبل الميلاد) الذي يمثل باكورة العمل الديمقراطي في التاريخ الإنساني، وأطلال المنارة، واللذان يعتبران من أهم الأماكن السياحية والتاريخية في المدينة.

كما تتميز مدينة كسانتوس القديمة، التي تقع في قضاء قاش، بدورها المشهور خلال حقبة الدولة الليقية، حيث كانت عاصمة لها، لذلك فهي تمتلك آثارًا فريدة من نوعها تعكس ثراء الحضارة الليقية.

وتعتبر أماكن تاريخية مثل كنيسة القديس نيكولاس الذي يعرف أيضًا باسم "بابا نويل" أو "سانتا كلوز"، وميناء مدينة ميرا القديمة، إضافة إلى متحف الحضارات الليقية، من أبرز الأماكن التي يقصدها عشاق التاريخ ومحبي التصوير.

كما تجذب مدينة أنطاخيوس القديمة، التي يعود تاريخها إلى الفترتين الرومانية والبيزنطية، انتباه الزوار لما تحتويه من لوحات فسيفساء نادرة ومنحوتات فريدة.

كذلك مدن "روديابوليس" و"أريكاندا" و"فاسيليس" التي تحتوي على مسارح وحمامات ومقابر صخرية وشوارع واسعة تنتهي بساحات الأغورا التي تأخذ الزوار في رحلة عبر التاريخ.

** أسبندوس.. مدينة تتحدى القرون

وتضم مدينة أسبندوس القديمة، مسارح وقنوات مياه قديمة ونادرة من حيث التصميم، ما زالت محافظة على تصميمها المميز، متحدية القرون الطويلة.

وأظهرت التنقيبات الحديثة احتواء المدينة على محلات تجارية مكونة من طابقين إضافة إلى أسواق مغلقة مرفوعة على أعمدة يبلغ عمرها 2000 عام، وهو ما يدل على الأهمية التجارية والسياسية للمدينة.

وتُعرف مدينة بيركه القديمة، التي تقع في منطقة آقصو بأنطاليا ويعود تاريخها إلى 3 آلاف قبل الميلاد، بأنها واحدة من أكثر مدن العصر الروماني تنظيماً في الأناضول.

وتشتهر المدينة باحتوائها على الكثير من منحوتات الرخام بالإضافة إلى هندستها المعمارية المميزة، وقد تمكنت هيئات التنقيب عن الآثار من اكتشاف هياكل ومنحوتات أثرية هامة في وسط المدينة خلال مجموعة أعمال تنقيب أجريت منذ عام 1946.

وتجذب هذه المدينة القديمة، التي أدرجت في قائمة اليونسكو للتراث العالمي عام 2009، الزوار لما تحتويه من مسارح وملاعب وحمامات ونوافير وساحات ضخمة، والتي لا يزال الكثير منها قائمًا حتى الآن.

- ترميسوس.. المدينة التي تلتقي فيها الطبيعة بالتاريخ

مدينة ترميسوس القديمة، التي تشبه "عش النسر" من حيث موقعها، والمعروفة بعدم استسلامها للإسكندر الأكبر، تجذب انتباه الزوار بمسرحها المميز ومقابرها الصخرية، التي تعتبر من الأماكن الأثرية التي لا بد من زيارتها.

ويقدم متحف "سيدا" والمدينة القديمة وأطلال معبد "أبولو" (Apollo) في ماناوغات بولاية أنطاليا، إطلالة جميلة على التاريخ وأجمل المناظر الطبيعية لاسيما عند الغروب، ما يجعل المكان مقصدًا للسياح وعشاق التاريخ ومحبي التصوير.

ويأخذ كهف كارين، حيث تم العثور فيه على بقايا حيوانات مثل وحيد القرن والفيل وفرس النهر أثناء أعمال التنقيب، زواره في رحلة إلى العصر الحجري.

فيما تعد قلعة ألانيا ومدينة "سيدرا" القديمة من أكثر الأماكن التي يرتادها الزوار لما تحتويه من آثار ومنحوتات ومباني تاريخية مهمة تعود إلى الحضارات الرومانية والبيزنطية والسلجوقية والعثمانية.

وبنيت قلعة ألانيا في الفترة الهلنستية، على شبه جزيرة مساحتها 10 هكتارات وتحيط بها أسوار بطول 6 كيلومترات، وقد دخلت القلعة إلى القائمة المؤقتة للتراث العالمي لليونسكو في عام 2000.

وقال مصطفى دميريل، مدير متحف أنطاليا، للأناضول، إن العديد من المدن القديمة في أنطاليا تقع في المنطقة الساحلية.

وأضاف أن جميع الراغبين بزيارة المدن القديمة وعلى رأسها "أوليمبوس" و"باتارا" و"فاسيليس"، قادرون على فعل ذلك خلال مرحلة الوباء، بشرط الالتزام بقواعد التباعد الاجتماعي.

وتابع: منطقة أنطاليا هي حقًا منطقة يقع فيها أجمل تراث ثقافي في العالم. نعمل على حماية هذا التراث الإنساني بأفضل طريقة. منطقتنا في الواقع تشكل متحفًا في الهواء الطلق حيث يتمتع الزوار بفرصة مشاهدة التراث الثقافي والتاريخي والاستمتاع بالطبيعة والسباحة في مياه البحر الأبيض المتوسط الدافئة.

من جانبه، قال مساعد مدير أعمال التنقيب عن الآثار في مدينة سيدرا القديمة، أرطوغ أركورر، إن معظم الآثار والأطلال التي تم الكشف عنها في المدينة حتى الآن تعود إلى العصرين الروماني والبيزنطي.

وذكر أن الحمام الروماني بالمدينة وشارع الأعمدة ومبنى البرلمان والمقابر وكهف المعمودية وقنوات المياه تعتبر من أبرز الآثار التي تشتهر بها مدينة سيدرا القديمة.

بدورها، قالت مديرة متحف ألانيا، سحر تركمان، إن قضاء ألانيا يحتوي على متحفين وموقعين أثريين، مفتوحة جميعها للزوار، بشرط التقيد بقواعد التعقيم والتباعد الاجتماعي.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!