ترك برس

شهدت تركيا، خلال السنوات الأخيرة، تحولات كبيرة في تعزيز مكانة المرأة على كافة الأصعدة، الاجتماعية والسياسية والعسكرية، لدرجة أن العديد من المناصب المرموقة في البلاد، وفي مقدمتها العسكرية والأمنية، باتت تتولاها سيدات.

وتأتي هذه التحولات في حياة المرأة التركية، بعد أن كانت بعض المجالات مغلقة أمامها، مثل المناصب الرفيعة في الجيش والأمن.

وتكفل المادة 72 في الدستور الحقّ للمرأة كالرجل في القيام بالمهام التي تخدم الوطن دون تمييز.

وفي عام 2017 وبتوجيهات من حكومة العدالة والتنمية سمحت وزارة الدفاع التركية للضابطات وضابطات الصف العاملات في صفوف القوات المسلحة بارتداء الحجاب خلال أدائهن وظائفهن في وحداتهن العسكرية.

ومع تخريج دفعات جديدة سواء من فرق الكوماندوز النسائي أو من قوات الشرطة الخاصة، تتجه الأنظار إلى قدرة المرأة التركية وإمكانياتها التي تسخّرها لحماية وطنها من التهديدات الخارجية والعمليات الإرهابية، بحسب تقرير لـ "TRT عربي."

المرأة التركية إبان حرب الاستقلال

منذ القدم، دور المرأة محصور بالخدمة خلف الخطوط من خلال مساعدة الجرحى وإعداد الطعام والمساعدة بإمداد السلاح وغيرها من الأعمال الثانوية، لكن الأمر بدأ بالتغير إبان حرب الاستقلال التركية وفترة تأسيس الجمهورية، إذ لعبت المرأة دوراً بارزاً في النضال الشعبي وأثبتت قدراتها في مقدمة الجبهة وخلفها.

لعبت المرأة التركية دوراً مهماً في نجاح الكفاح الوطني إبان حرب الاستقلال  (1919-1922)، إذ لم يقتصر دور المرأة على المشاركة والمساعدة خلف الصفوف فقط، ولكن أيضاً كمقاتلات في المقدمة، والسبب أنها كانت حرباً شنتها قوى شعبية متطوعة، بالإضافة إلى قلة العنصر الرجالي في تلك الفترة، إذ فقد مئات الآلاف حياتهم وأصيب مئات الآلاف الآخرين بالإعاقة خلال حرب البلقان والحرب العالمية الأولى، مما أدى إلى زيادة مشاركة المرأة في وظائف مثل إنتاج الأسلحة والذخيرة ونقلها إلى الجبهة.

وخلال تلك الفترة قدمت المرأة التركية التضحيات الكبيرة كالرجال، إذ كانت تحمل السلاح والإمدادات إلى مقدمة الجبهة، وطفلها في القماط على ظهرها، كما وسطّرن بمشاركتهن أعظم الأمثلة على المشاركة النسائية. وعند ذكر أبطال النضال الوطني تجد حصة كبيرة للمرأة التركية، مثل قرة فاطمة وشريفة باجي وخالدة أديب وطيار رحيمة وحليمة جاوش وجورداسلي مقبولة، وغيرهن كثيرات.

مهامّ وإنجازات

في عام 1955 التحق كل من إنجه أرسان ومُزفرية شينار وتوركان أوسطه أوغلو بالكلية الحربية، وبعد تخرجهن أصبحن أول ثلاث ضابطات في صفوف الجيش التركي، وبعد انقلاب عام 1960 تم حظر المرأة من الانتساب إلى المدارس العسكرية، وبقي الانتساب محظوراً لما يقرب من 32 عاماً، إلى أن تم استئناف قبول الطالبات في المدارس العسكرية مجدداً في عام 1992.

وتعتبر صبيحة كوكجن، الابنة الروحية لمؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك، واحدة من أوائل الطيارين في تركيا، وأول امرأة تركية تقود الطائرة، وهي أيضاً أول امرأة في العالم تقود طائرة مقاتلة، إذ نفّذَت 32 مهمة عسكرية مختلفة، وسُمّي مطار إسطنبول الثاني على اسمها تكريماً وتخليداً لذكراها.

ويُذكر أن أول امرأة تقود طائرة حربية نفاثة في دول حلف شمال الأطلسي "ناتو" هي التركية ليمان بوزكورت ألتنشيكيش، فقد التحقت "ليمان" ضمن مجموعة ضمّت 20 طالبة أخرى بالكلية الجوية الحربية في مدينة إزمير عام 1955، وبعد تخرُّجها عام 1957 انتقلت لتدرس الطيران في الكلية الجوية بمدينة أسكي شهير ولتلتحق في ما بعد بالقوات الجوية التركية كضابطة، وتقاعدت بعد نهاية خدمتها برتبة عقيد.

ولا يقتصر الأمر على الجيش، فجهاز الأمن العامّ والشرطة يحوي من الأمثلة الكثير عن الأدوار التي شغلتها المرأة التركية، إذ تُعتبر فاطمة إيفه يورت أول ضابطة شرطة في الجمهورية التركية، إذ بدأت مسيرتها المهنية عام 1933 في مديرية أمن إسطنبول، وقد عملت في شعبة مكافحة الإرهاب حتى عام 1960. وفي عام 1953 تم تعين فريحة سانرك كأول امرأة تشغل منصب رئيس مديرية الأمن العام التركية، فيما جرى تعيين ميرال أكشينار (رئيسة حزب الجيد حالياً) وزيرة للداخلية بين عامَي 1996 و1997 بحكومة نجم الدين أربكان الائتلافية في تلك الفترة، كأول امرأة تشغل هذا المنصب منذ تأسيس الجمهورية.

تصاعُد دور المرأة في المجالات العسكرية

تتزايد تدريجيّاً نسبة الإناث في الجيش التركي، كما هو الحال في جيوش الدول المتقدمة، ويُذكر أن تركيا سبقت الكثير من دول حلف الناتو من خلال فسح المجال للمرأة لدخول الجيش والخدمة داخل صفوفه، إلا أن نسبة المشاركة النسوية ما زالت قليلة، وتسعى القوات المسلحة التركية لزيادة نسبة الإناث داخل طواقمها، بالإضافة إلى تعزيز دورها وإتاحة المجال لها لتسلُّق أعلى المراتب، مما يتيح القضاء على النقص الحالي في أعداد الموظفين، وزيادة جودة الموظفين من خلال زيادة التنافس بين الجنسين.

وخلال الإعلان عن توظيف دفعة جديدة تتكون من 3000 شرطية بقوى الأمن العامّ، قال وزير الداخلية الحالي، سليمان صويلو إن نسبة النساء العاملات بهذا المجال ما زالت أقلّ من المتوسط العامّ مقارنة بالدول الأوروبية، وبلغ عدد النساء العاملات بقوى الأمن والشرطة قرابة 16 ألف امرأة حتى عام 2017.

وعلى الرغم من أن المرأة التركية تحتلّ رتباً ومناصب مختلفة في الجيش، فإنها لم تتمكن بعد من تقلُّد منصبَي لواء وأميرال، ويُتوقع في مئوية تأسيس الجمهورية في عام 2023 أن يحصل بعض الضابطات اللائي يعملن في القيادة العامة للجيش والبحرية والقوات الجوية والدرك على رتب لواء أو أميرال لأول مرة.

وخلال تقدم الجيش التركي نحو عفرين ضمن عملية غصن الزيتون عام 2018، كان للضابطات التركيات دور أساسي من خلال تأمين الحدود ومشاركات الوحدات العسكرية مهامها المختلفة.

وتم تخريج أول دفعة من ضابطات الكوماندوز في تركيا في شهر فبراير/شباط، وذلك عقب الانتهاء من أصعب تدريب كوماندوز في مدرسة فوتشا للتدريب العسكري في مدينة إزمير، والوحدة مستعدة لمزاولة مهامّها في مكافحة الإرهاب وعمليات الأمن الداخلي.

كما تشارك المرأة التركية في قوات العمليات الخاصة التابعة لجهاز الأمن العام، وفي مراسم حفل التخرج الـ25 ذكر وزير الداخلية سليمان صويلو أنه تم اختيار 500 شرطية من بين ما يقارب 18 ألف متقدمة للمشاركة في تدريب القوات الخاصة.لم تتوانَ المرأة التركية عن خدمة وطنها وتقديم التضحيات من أجله، حالها كحال الرجال، وعلى الرغم من أن الخدمة العسكرية إجبارية للرجال فقط في تركيا، فإن ذلك لم يمنع المرأة من دخول الجيش وقوى الأمن والشرطة والخدمة داخل صفوفهمالم تتوانَ المرأة التركية عن خدمة وطنها وتقديم التضحيات من أجله، حالها كحال الرجال، وعلى الرغم من أن الخدمة العسكرية إجبارية للرجال فقط في تركيا، فإن ذلك لم يمنع المرأة من دخول الجيش وقوى الأمن والشرطة والخدمة داخل صفوفهما

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!