ترك برس

شهد عام 2021، تغيراً واضحاً وملموساً في السياسات الخارجية التركية، لا سيما ما هو متعلق بتحسين العلاقات مع كلّ من مصر، واليونان، والسعودية، والاتحاد الأوروبي والإمارات.

وفي هذا السياق، قال الدبلوماسي التركي السابق أولوج أوز أولكر إن موقف تركيا فيما يتعلق بعلاقاتها بالشرق المتوسط مرتبط بأمرين، أولهما أن تركيا لها أطول ساحل على شواطئ المتوسط، والآخر هو علاقتها بدول محورية بالمنطقة.

وأوضح في برنامج حواري على شاشة قناة الجزيرة القطرية، أن تركيا مٌنحت فقط 40 ألف متر مربع من بحرها، وهذا ما دفعها للمطالبة بحقوقها الحدودية مع كل الدول التي لها حقوق في مياه الشرق المتوسط، مما أدى لخلق نوع من التوتر خلال الفترة الماضية.

أما الأمر الثاني فهو أن علاقة تركيا مع مصر وإسرائيل وسوريا لم تكن في السنوات الأخيرة بأفضل أحوالها، معتبرا أن ما حصل في القاهرة عام 2013 تسبّب في توتير العلاقة ين الدولتين، خاصة بعد خطوة سحب السفراء.

يذكر أنه على مدى السنوات القليلة الماضية، عكرت قضايا خلافية كثيرة صفو العلاقات بين تركيا ودول أوروبية وعربية بسبب تضارب كبير في التوجهات وتباين في المصالح.

تحسين العلاقات

وعن علاقة تركيا بمصر، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة حسن نافعة إن قضية ترسيم الحدود ليست هي القضية المحورية في العلاقات المصرية التركية، مشيرا إلى أن هناك قراراً تركيا بتحسين العلاقات مع مصر على الصعيد الإستراتيجي، لكن القاهرة قابلت التوجه التركي بترحيب حذر بسبب التراكمات التي سببتها نظرة تركيا إلى النظام المصري بأنه غير شرعي.

واعتبر نافعة أن أحد عوامل تحسن العلاقات هو أن تركيا لاحظت أن مصر لم تحاول استفزازها فيما يتعلق بترسيم الحدود البحرية، كما أن هناك ملفات أخرى يشتبك فيها البلدان من أبرزها الأزمة الليبية.

من جهته، قال أستاذ العلوم السياسية عارف العبيد إن المحادثات الاستكشافية الاستطلاعية بين تركيا واليونان فتحت الباب للوصول إلى حل سياسي بين البلدين، معتبرا أنه ليس هناك خيار سوى الحل الدبلوماسي، فاليونان ترفض خيار الحرب بشكل قاطع.

وأضاف أن هناك عامل آخر يضغط على اليونان يتمثل في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي "ناتو" حيث هناك رغبة أوروبية كبيرة من أجل الجلوس على طاولة المفاوضات والوصول إلى حل يرضي الطرفين، مشيرا إلى أن هذه المحادثات حصلت بمبادرة من حلف الناتو من خلال وفدين لكل من تركيا واليونان لتجنب أي صدام حربي.

وفيما يتعلق بمصر، كانت العلاقات بين البلدين مستمرة على مستوى القائم بالأعمال بشكل متبادل منذ 2013.

وخلال هذه الفترة جرت لقاءات خاطفة بين وزيري خارجية البلدين في مناسبات مختلفة، فيما تواصل كل من سفارة تركيا بالقاهرة وقنصليتها في الإسكندرية، وسفارة مصر لدى أنقرة وقنصليتها في إسطنبول أنشطتها.

وفي 14 أبريل/نيسان الماضي، أعلن وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، بدء مرحلة جديدة في العلاقات بين تركيا ومصر، فيما عقد أول لقاء على مستوى نواب وزيري خارجية البلدين في الأسبوع الأول من مايو/أيار الجاري.

وآنذاك، أوضح تشاووش أوغلو، في مقابلة على قناة "خبر تورك" التركية، أنه سيلتقي لاحقا نظيره المصري سامح شكري، ويبحث معه تعيين السفراء وسبل الارتقاء بالعلاقات إلى نقطة أفضل في المستقبل.

وعارضت أنقرة الإطاحة، صيف 2013، بالرئيس المصري الراحل محمد مرسي، ما أدى إلى توتر العلاقات السياسية مع القاهرة، لكن العلاقات التجارية والاقتصادية بينهما استمرت بشكل طبيعي.

وفي سياق تحسين العلاقات مع بلدان المنطقة، صرّح وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، في مارس/ آذار الماضي، أن أنقرة لا ترى أي سبب يمنع تحسين العلاقات مع السعودية، وأنها مستعدة للتجاوب مع أي خطوات ايجابية من الرياض والإمارات أيضا.

ولفت تشاووش إلى أن دخول العلاقات بين السعودية والإمارات وقطر مرحلة جديدة (إثر المصالحة الخليجية)، يمكن أن يسهم في تحسين العلاقات بين أنقرة من جهة والرياض وأبوظبي من جهة أخرى، وذلك في معرض رده على سؤال بهذا الخصوص.

وأضاف: " نرى في الآونة الأخيرة رسائل أكثر إيجابية من أبوظبي، وتراجع الحملات السلبية ضد تركيا"

وتابع: "نحن في الأساس ليس لدينا أي مشكلة معهم لكن كانت لديهم مواقف سلبية حيالنا".

ولفت إلى أن مواقف الإمارات تجاه تركيا تبدو أكثر اعتدالا في الوقت الراهن.

كما أكد عدم وجود أي مشكلة لتركيا مع السعودية على صعيد العلاقات الثنائية، وأن العلاقات كانت على مايرام قبل حادثة اغتيال الصحفي جمال خاشقجي في قنصلية المملكة بإسطنبول.

وشهدت العلاقات التركية السعودية توتراً إثر مطالبة أنقرة بمحاكمة شخصيات سعودية متورطة في اغتيال الصحفي جمال خاشقجي داخل مبنى قنصلية بلاده في إسطنبول، خلال أكتوبر/ تشرين الأول 2018.

وفيما يتعلق بالعلاقات مع اليونان، يواصل البلدان عقد اجتماعات بناء الثقة والمباحثات الاستكشافية، لبحث سبل إيجاد حل للخلافات القائمة بينهما، وخاصة فيما يتعلق بملف اللاجئين، والحدود البحرية في بحر إيجة والتنقيب شرق البحر المتوسط.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!