ترك برس

يعد بديع الزمان سعيد النورسي، من أبرز الشخصيات المؤثرة في حياة المجتمع التركي المسلم، ولا تزال آثار أفكاره تلقى صدى في تركيا، رغم وفاته عام 1960.

النورسي، وهو عالم مسلم كردي عثماني تركي، عاش بين عامي 1876-1960، يعدّ أيضاً واحدًا من كبار مفكري الأمة الإسلامية في العصر الحديث، وأحد مجدديها الذين بذلوا جهودًا كبيرة في سبيل إحياء اليقظة الإسلامية خلال النصف الأول من القرن العشرين.

ومن أبرز ما كتب "رسائل النور" وهي مجموعة من الرسائل التي ألفها وشملت تفسيرات لآيات القرآن وتوجيهات دعوية لإرشاد المسلمين، وزاد عددها عن 130 رسالة جُمعت في كتاب تحت عنوان: "كليات رسائل النور".

ونظراً للخلفية المحافظة لحزب العدالة والتنمية التركي، لا شك أن هناك نقاط يلتقي بها مع النورسي على صعيد الفكر الإسلامي، لا سيما وأن الأخير لديه كتلة مجتمعية واسعة تجذب اهتمام الأحزاب السياسية التي تبذل كل ما بوسعها لنيل الدعم والأصوات الانتخابية من مختلف فئات المجتمع.

وفي كتابه "علم الكلام الإسلامي في الجمهورية التركية" الصادر حديثاً عن دار نشر جامعة أدنبر، سلّط الدكتور، فيليب دورول أستاذ العقيدة في كلية ووفورد الأميركية، الضوء على العلاقة بين النورسي وحزب العدالة والتنمية الحاكم.

وفي إطار معرفة المزيد عن الكتاب ومحتواه، حاورت "الجزيرة نت"، الكاتب دورول، وطرحت عليه عدداً من الأسئلة حول كتابه. ومن بينها تأثّر "العدالة والتنمية" بقيادة، رجب طيب أردوغان، مع التصور العقدي لبديع الزمان سعيد النورسي.

 وفيما يلي جانب من الحوار المذكور:

أشرتَ إلى أن النورسي حاول ترسيخ العقيدة الإسلامية في حقبة تركيا العلمانية دون أن يتحدى الأعراف السياسية للديمقراطية. كيف ساهم النورسي في بناء علم كلام محافظ حديث في تركيا؟

كانت مساهمة بديع الزمان سعيد النورسي (عالم مسلم كردي عثماني تركي، 1876-1960) الرئيسية هي عمله الدؤوب والشجاع في التعليم الديني والوعظ على جميع المستويات الاجتماعية في المراحل الأولى للجمهورية التركية، ساعدت جهوده في ضمان وصول المؤمنين البسطاء إلى التراث الإسلامي خلال فترة القمع العلماني القاسية.

بالنظر إلى أن الوظيفة الأساسية لعلم الكلام التركي الحديث متمثلة في تبني مفهوم "التعالي"، كيف يمكننا مناقشة وتفصيل ما يعنيه الدين نفسه، بما في ذلك مبادؤه الأساسية وأدواره في هذه الحياة؟

ما أعنيه هنا بـ"التعالي" (transcendence) هو الإيمان بأن الحياة البشرية تستمد معناها من شيء مقدس مفارق لها، أي الله، إذا تم القبول بهذا الاعتقاد المتعالي، فإن سؤال التعالي يكونُ مرتبطا بشكل أساسي بالدين نفسه.

تعدُ الإجابة عن هذا السؤال معقّدة للغاية بالنسبة لعلماء الكلام الأتراك المعاصرين، لكن العناصر الأساسية من الجواب تكمنُ -بحسب التراث السني- في الإيمان بالله الواحد عن طريق القرآن والسنة النبوية. إن كيفية فهم الآثار المترتبة على هذه التأكيدات على حياة الفرد ومجتمعه، أمر معقد بشكل كبير، بحكم أنها -بحسب اعتقادي- تجسدُ المهمة الرئيسية لعلم الكلام الإسلامي السني الحديث.

كيف تعامل حزب العدالة والتنمية التركي مع التصور العقدي الذي أتى به سعيد النورسي، هل استخدمه أم قدّم سردية مختلفة عنه؟

لا أعتقد أن حزب العدالة والتنمية يمتلكُ تصورا عقديا محددا، على الرغم من أنه كان مهتما جدا بالدعم السياسي والمالي لإحياء الفكر الإسلامي في تركيا، وهو ما شمل تقديمه الدعم للفكر العقدي في تركيا المعاصرة، أعتقد أن حزب العدالة والتنمية ساهم ربما في إعطاء تقدير كبير لفكر النورسي، جنبا إلى جنب مع شخصيات مهمة أخرى في تاريخ الإسلام السني.

يُذكر أن سعيد النورسي توفي يوم 23 مارس/آذار 1960 في مدينة شانلي أورفة، جنوب شرقي تركيا، ودفن هناك، لكن السلطات العسكرية المنبثقة عن انقلاب مايو/أيار 1960 نقلت رفاته إلى جهة مجهولة.

وإلى جانب شخصيته العلمية والدينية، دخل النورسي مجال السياسة من بوابة الإصلاح الديني والاجتماعي فكان مهموما بتفسخ المجتمع وتفكك الأمة ورسوخ مظاهر العلمانية وأفكار الماسونية في شرائح متسعة من المجتمع التركي، خاصة بعد زيارته إسطنبول.

(سعيد النورسي)

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!