ترك برس

شهدت الفترة الأخيرة، تقارباً نسبياً في العلاقات بين تركيا ومصر، بعد أن كانت القطيعة تسودها منذ عام 2013، حيث تمت الإطاحة بالرئيس محمد مرسي، أول رئيس منتخب ديمقراطياً في تاريخ مصر. هذه التطورات طرحت تساؤلات حول مدى قدرة التقارب بين تركيا ومصر على تحقيق قفزة في العلاقات بين أنقرة والعواصم الخليجية.

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، كان صرّح سابقاً بأنه يأمل أن تسهم عملية التطبيع مع مصر في تشكيل ديناميكية مشابهة مع دول الخليج. فقد خيّم التوتر في السنوات الأخيرة على علاقات تركيا مع دول الخليج باستثناء قطر. فمنذ عام 2017 حتى يناير/كانون الثاني من العام الجاري، قطعت السعودية والإمارات ومصر والبحرين علاقاتها الدبلوماسية مع قطر وأغلقت مجالاتها الجوية معها، وذلك تحت ذريعة "دعم جماعات إرهابية". غير أنه في يناير 2021 جرت مصالحة بين تلك الدول. وقد تَسبَّب دعم تركيا لقطر خلال سنوات الحصار المفروض عليها في زيادة توتر العلاقات بينها ودول الخليج.

الكاتبة الصحفية التركية، هزال دوران، وفي مقال لها نشره موقع "TRT عربي"، قالت إنه لا شك أن انتهاء الأزمة الخليجية في يناير/كانون الثاني الماضي، سيسهم بشكل إيجابي في تطبيع العلاقات بين تركيا ودول الخليج. وحتى لو لم يتم بعد إطلاق عملية تطبيع شفافة كما يحدث بين تركيا ومصر، فإن خطوات ملموسة تم اتخاذها في اتجاه تطبيع العلاقات مع السعودية.

وأشارت إلى أن هناك حالياً "انخفاضاً في حدة التوتر بين البلدين الذي بلغ ذروته مع مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده بإسطنبول. وفي مايو/أيار الماضي أجرى وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو زيارة للسعودية وعقد لقاءً مع نظيره السعودي، غير أن استمرار السعودية في مقاطعة المنتجات التركية يُظهِر أنه من الصعب تطبيع العلاقات بين البلدين بشكل كامل على المدى القصير. ومع ذلك فإن تحفيز واشنطن للرياض لتطبيع علاقاتها مع أنقرة قد يخلق تأثيراً إيجابياً في هذا الملف.i

وأضافت:

"ومع بدء تطبيع العلاقات بين تركيا ومصر، تم اتخاذ خطوات إيجابية بشكل متبادل مع الإمارات، وهي دولة خليجية أخرى يخيم التوتر على علاقاتها مع تركيا. ففي يناير/كانون الثاني الماضي، صرح أنور قرقاش وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية حينها بأنه لا يوجد أي سبب لعدم تطبيع العلاقات مع تركيا. فيما صرح وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو بأنه يتوقع خطوة ملموسة في هذا الإطار من الإمارات. وفي أبريل/نيسان الماضي عيّنَت تركيا سفيراً جديداً لها في الإمارات. ويُنتظر أن تتطور هذه الخطوات مع مرور الوقت لتصير عملية تطبيع ملموسة.

وعلى هذا النحو، فإن بدء عملية تطبيع العلاقات بين تركيا ومصر واتخاذ خطوات ملموسة في هذا الإطار سيسفر عن نتائج مهمة على المدى القصير في ملفَّي ليبيا وشرق المتوسط.

ومع ذلك فإنه من المهم تجنب قراءة المعادلة الإقليمية من حيث السياسة الخارجية المتغيرة لتركيا فقط، بل أيضاً يجب مراعاة تغير المعادلة في المنطقة. ففي الشهور الأخيرة تُلاحَظ توترات بدأت تطفو على سطح العلاقات بين مصر والسعودية والإمارات. ويُعَدّ تركيز مصر في الملفّ الليبي بشكل أساسي على توسعة صلاحية حدودها البحرية، وتضارب المصالح بين السعودية والإمارات الذي ظهر بشكل جليّ في الاجتماعات الأخيرة لمنظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك"، من بين أبرز انعكاسات هذه التوترات. ويمكن لتركيا عبر سياسة خارجية واقعية أن تستفيد من هذه التصدعات في تسريع وتيرة تطبيع علاقاتها مع الدول الثلاث."

جدير بالذكر أن العلاقات بين أنقرة والقاهرة مستمرة على مستوى القائم بالأعمال بشكل متبادل منذ 2013.

وخلال هذه الفترة جرت لقاءات خاطفة بين وزيري خارجية البلدين في مناسبات مختلفة، فيما تواصل كل من سفارة تركيا بالقاهرة وقنصليتها في الإسكندرية، وسفارة مصر لدى أنقرة وقنصليتها في إسطنبول أنشطتها.

وفي 14 أبريل/نيسان الماضي، أعلن وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، بدء مرحلة جديدة في العلاقات بين تركيا ومصر، فيما عقد أول لقاء على مستوى نواب وزيري خارجية البلدين في الأسبوع الأول من مايو/أيار الجاري.

وآنذاك، أوضح تشاووش أوغلو، في مقابلة على قناة "خبر تورك" التركية، أنه سيلتقي لاحقا نظيره المصري سامح شكري، ويبحث معه تعيين السفراء وسبل الارتقاء بالعلاقات إلى نقطة أفضل في المستقبل.

وقبل هذه التصريحات بيومين، أكد وزير الخارجية المصري، سامح شكري، عقب يومين من اتصال هاتفي مع تشاووش أوغلو، أن القاهرة "حريصة على إقامة علاقات وفقا لقواعد القانون الدولي وخلق حوار مع تركيا يصب في مصلحة البلدين".

وعارضت أنقرة الإطاحة، صيف 2013، بالرئيس المصري الراحل محمد مرسي، ما أدى إلى توتر العلاقات السياسية مع القاهرة، لكن العلاقات التجارية والاقتصادية بينهما استمرت بشكل طبيعي.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!