ترك برس

يكاد يزداد عدد عجائب الدنيا السبعة إلى ثمانية، بوجود "جامع ديفريي الكبير (Divriği Ulu Camii)" والعجيب، هذا بالضبط ما يردده الكثيرون ممن زاروا وشاهدوا ما لا يتخيله العقل ولا يوصفه اللسان من إبداع في هذا الجامع رغم قدم إنشائه، والذي يقع في ولاية سيواس التركية في وسط الأناضول، كما يُسمى الجامع عند بعض علماء الغرب "بحمراء الأناضول" وقد تم بناءه عام 1228م، في عهد الأمراء" المنكوجيكيون"، بأمر من احمد شاه بن سليمان شاه بوجود الأسرة الحاكمة "مينغوجقلي".

واشتركت في بنائه أيادٍ مبدعة، منهم: حوريم شاه بن موجيس الحيلاتي، وفنان الأشغال الخشبية احمد بن إبراهيم، والخطاط محمد الخطاط، والنقاش أحمد بن محمد، هؤلاء أبدعوا ونحتوا ونقشوا ورسموا هذه الأعجوبة تحت إشراف المعماري "مغيث اوغلو اهلاتلي هرم شاه"، الذي بدأ بتصميم المسجد من خلال حساب مواقع الشمس والنجوم في السماء، والتي استغرقت معه حولين كاملين ليخرج بنتيجة دقيقة، حيث قام أولا بتحديد موقع بناء المسجد، ليبدأ بناءه بالتدريج، فبدأت الأيادي البارعة في النحت والنقش والتخطيط بتكوين أشكال وزخارف ثلاثية الأبعاد، بطريقة لا توصف من شدة إتقانها ودقتها.

زخرفة ورقة شجرة ثلاثية الأبعاد

ويتهيأ للمشاهد عند التمعن بطريقة النحت وروعة الصورة، كأنها "ملتينة" أو ما يسميه البعض "معجون سلس"، يسهل تشكيله وتزيينه بين اليدين.

الكتابة والحفر على الجدران

وبعد إتمام بناء المسجد وفقا لزاوية انحراف الشمس وزاوية سقوط أشعتها، تكونت الأعجوبة التي لا مثيل لها في العالم، بتكوين ظلال عند ظهور الشمس، تبدأ من الساعة السابعة صباحا من كل يوم، وقبل حلول وقت العصر بنصف ساعة تقريبا، يظهر ظل امرأة تصلي على باب الجامع المسمى "باب الجنة".

ظل امرأة على باب الجنة

وقبل صلاة العصر بخمس وأربعين دقيقة،  يمكن رؤية ظل رجل يصلي على الباب الغربي للجامع وهو باب التاج ، وفي تمام الساعة التاسعة صباحا ، يظهر ظل رجل يقرأ كتابا، يعتقد بأنه يُجسّد محمد شاه الذي أمر ببناء الجامع، وهذا كان سببا لإدراجه في قائمة اليونسكو للتراث العالمي.

ظل رجل يقرأ  كتابا

والجدير بالذكر أن المعماري هلاتلي هرم شاه، أصر على بناء مستشفى تابع للمسجد من الجهة الجنوبية وملاصقا له دون استخدام الطين أو مادة توضع بين الأحجار لتثبيتها، سُمّي حينه بدار الشفاء.

بوابة دار الشفاء

ولم يتوقف الإبداع عند هذا الحد فحسب، فحينما لاحظ أحد العاملين عدم وجود مكان للوضوء قريب من موضع بناء المسجد، اخذ هلاتلي شاه قرارا ببناء حمام على بعد 100م من المسجد وسمي باسم العامل "بكير تشافوش".

هذا دفع المفكر المعماري هلاتلي بأن يستفيد من الحمام في تدفئة المسجد ودار الشفاء، وذلك بإنشاء نظام يجري فيه البخار الناتج عن تسخين الماء في الحمام، عبر شبكة تمر أسفل المسجد ودار الشفاء بحيث تعمل على تدفئتهما، وهذا ما يسمى شبكة تدفئة مركزية، والتي ثبت أنها من الأقدم في العالم، فعمرها 785 عام، وغم أنها لا تعمل حاليا، لكن آثارها لا تزال باقية.

 ويعتبر هذا المسجد، خير دليل على مستوى العلم والمعرفة عند المسلمين في ذلك الزمان، واهتمامهم بالعلم والدين والفن.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!