عائشة خالد - ترك برس

لكل جامع في تركيا حكاية تُروى وأساطير تحاك حوله , كيف بني ومن بناه ولماذا؟ ومن أجملها قصة جامع "مهرمة سلطان (Mihr-î-Mâh Sultan Camii)"، أو جامع سلطانة الشمس والقمر.

تروي الحكايات المتداولة أن القصة بدأت مع ابنة السلطان القانوني التي ولدت في قصر الباب العالي عام 1522 والتي سميت بـ"مهرمه".

مهرمه والتي تعني في اللغة الفارسية الشمس والقمر، طلبت من رئيس المعماريين في زمانه "سنان" أن يبني باسمها وقفا وكتّاب للعلم يكون أثرا من بعدها، وطلبت منه أن يختار المكان الأنسب لذلك. فانتقى  المعمار سنان ساحل "أسكودار (üsküder)" في الطرف الآسيوي ليبني عليه تحفته الفنية، ووضع حجر الأساس الأول للجامع في عام 1450.

بناه في قبة رئيسية تتوسط الجامع ويحيط بها 3 أنصاف من القباب باستثناء جهة القبلة، وأقام بجانبه دار اسشفاء ومدرسة تضم الطلاب من خارج إسطنبول وداخلها. وأتم بناءه عام 1548 وأهداه للسلطانة بمفاجأة جميلة، إذ أن الشمس تشق من التلال المرتفعة خلف الجامع، أو من "منارة بايزيد (bayezit yangın kulkule)" تشرق الشمس من بين مئذنتي الجامع. أما في شهر نيسان/ أبريل في ليلة البدر، فيمكن أن تشهد شروق الشمس صباحا وهي تبزغ من بين مئذنتي الجامع الشامخ على سواحل البوسفور، وتشهد مساء شروق بدر الربيع  أيضا منهما، فكان اسم السلطانة ملهما لسنان في هندسته للجامع واختياره المكان.

ولم تنتهي الحكاية بعد، ففي عام 1965 وبعد خمسة عشر عاما، جاءت السلطانة مهرمة بطلب جديد لسنان ببناء جامع أو كلية لطلاب العلم وطلبت منه أن يختار المكان، فما كان من سنان إلا أن اختار بعبقريته المكان المثالي للجامع التوأم. إذ شُيّد الجامع الجديد على أطراف أسوار القسطنطينية في منطقة "أدرنه كابي (Edirnekapı)" على امتداد خط الجامع الأول، أي أن الجامع الأول وقرينه الثاني يقعان على خط واحد يمتد شرقا من أسكودار إلى الغرب في أدرنه كابي، وأنشأ بجانبه مكتبة وحماما تركيا عاما، زين أرجاءه بالزخارف،  ومدرسة، ورفع قبته لـ37 مترا، وتوج عمله الفني في طريقته بالربط بين الجامعين فكيف كان ذلك؟

جامع أدرنه كابي

في نيسان/ أبريل من كل عام وفي الأيام الأولى للربيع، وحين تغرب الشمس خلف الجامع في أدرنه كابي في الطرف الأوروبي، يبزغ القمر بدرا من بين مئذنتي الجامع التوأم في أسكودار في الطرف الآسيوي. ويمكن مشاهدة هذا الغروب سنويا إذا اخترت المكان الصحيح لذلك. فكان الجامعان تحفتان فنيتان تزينا طرفيّ مدينة إسطنبول.

ومما زاد القصة سحرا وجمالا أن الحكايات التاريخية تذكر أن ما دفع سنان لتشييد هذا العمل الفني هو حبه للسلطانة الصغيرة، فحين بلغت مهرمة السابعة عشر من عمرها طلبها سنان للزواج لكن الأقدار شاءت أن تتزوج من ابن والي ديار بكر وتغادر إلى هناك، مما حذى بسنان لاختيار موقع الجامعين ليشهدا شروق الشمس والقمر وغروبهما من بين المآذن ليحكي أنه وحبيبته كالشمس والقمر، لن يلتقيا أبدا.

جامع أسكودار - الحرم الداخلي

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!