ترك برس

يوافق اليوم الأربعاء، الذكرى السنوية الـ 19 لوصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة في تركيا.

الحزب الذي تأسس في أغسطس/ آب 2001، حافظ تحت قيادة الرئيس رجب طيب أردوغان، على موقع متميز في تاريخ الجمهورية السياسي، من خلال استمراره في السلطة 19 عامًا منذ انتخابات 2002، بالتزامن مع العديد من التحديات المحلية والدولية التي واجهها الحزب في مختلف الأصعدة وأبرزها السياسية والاقتصادية والقانونية.

الوصول إلى السلطة وسلسلة النجاحات 

وحصل "العدالة والتنمية" أولا على 34.28 بالمئة من الأصوات في الانتخابات العامة التي شهدتها تركيا في 3 نوفمبر 2002، ونال الأغلبية لتشكيل حكومة بمفرده.

لكن أردوغان لم يستطع الترشح لمنصب رئيس الوزراء بسبب الحظر السياسي، والذي رُفع بعد تعديل حكومة عبد الله غول، للمادة 312 من قانون العقوبات التركي، بحسب تقرير لوكالة الأناضول للأنباء.

وبعد انتخاب أردوغان نائباً بالبرلمان في انتخابات التجديد التي أجريت في سيعرت بتاريخ 8 مارس/ آذار 2003، استقالت حكومة غول، وكلف الرئيس أحمد نجدت سيزر، أردوغان بمهمة تشكيل الحكومة الجديدة.

وفي 15 مارس 2003، أسس أردوغان الحكومة الـ 59 في تاريخ الجمهورية التركية، والثانية في مسيرة حزب "العدالة والتنمية" واستمر في منصب رئيس الوزراء حتى عام 2014.

شكل الحزب، الحكومة بمفرده بعد أول انتخابات عامة يخوضها خلال مسيرته السياسية، وأتبع ذلك بفوزه في الانتخابات المحلية عام 2004 بنسبة 41.7 في المئة، وهكذا فاز برئاسة 1950 بلدية في عموم البلاد.

وفي الانتخابات العامة 2007، حصل الحزب على 46.58 في المئة من الأصوات وتمكن من تعزيز سلطته والحصول على نواب من 80 ولاية، أي جميع الولايات التركية باستثناء "تونج إيلي" (شرق)، وعند انتهاء ولاية الرئيس سيزر، ترشح غول للرئاسة.

وفي 27 أبريل 2007، أصدر الجيش التركي بيانا أكّد فيه أنه "حامي العلمانية" في البلاد، وفي المقابل حذر "العدالة والتنمية"، الجيش من التدخل في السياسة، وطالبه بالبقاء تحت إمرة القيادة.

جرت هذه التطورات قبل 28 أغسطس 2007، بعد تصويت البرلمان لصالح انتخاب غول أحد مؤسسي الحزب، لمنصب الرئيس الحادي عشر للجمهورية.

فاز الحزب بالمركز الأول بأكبر عدد من الأصوات في الانتخابات المحلية لعام 2009، وأدلى 57.88 في المئة من المصوتين على استفتاء يتعلق بإدخال تعديلات على دستور عام 1982، بأصواتهم لصالح "العدالة والتنمية" في 2010.

وتمكن خلال الانتخابات اللاحقة من زيادة قاعدته الشعبية، والحصول على 49.53 بالمئة من الأصوات في الانتخابات العامة 2011 وشكل الحكومة الـ 61.

كما خاض امتحانه الانتخابي الأخير في الدورة الأولى لرئاسة أردوغان، وذلك من خلال خوضه انتخابات الإدارات المحلية لعام 2014، والتي حصل فيها على 45.60 في المئة من الأصوات.

جرى انتخاب أردوغان رئيسًا للجمهورية في 10 أغسطس 2014، عبر انتخابات مباشرة من قبل الشعب، ونال 52 في المئة من أصوات الناخبين ليصبح الرئيس الـ 12، والأول الذي يجري انتخابه من الشعب مباشرة.

وبعد انتخابه، واصل "العدالة والتنمية" مشواره برئاسة النائب عنه في البرلمان أحمد داود أوغلو، وقبل انتهاء السنة الأولى من ولايته خاض الحزب الانتخابات العامة وفاز بتشكيل حكومة بمفرده عقب الانتخابات المبكرة التي أجريت في 1 نوفمبر 2015.

ومع تولي بن علي يلدريم منصب رئيس الوزراء، تحول "العدالة والتنمية" بعد 15 عامًا على تأسيسه إلى حزب سياسي عريق قدم لتركيا رئيسي جمهورية و4 رؤساء وزراء.

وفي 16 أبريل 2017، شهدت تركيا استفتاء على تعديلات دستورية، صوت خلالها أكثر من نصف المشاركين بـ"نعم"، وفتحت هذه التعديلات الباب أمام تركيا للانتقال إلى النظام الرئاسي، ليواصل بذلك أردوغان منصبه في رئاسة الجمهورية، فيما بات بن علي يلدريم، آخر رئيس وزراء في النظام البرلماني بالبلاد.

أبرز التحديات

لم يخلُ تاريخ "العدالة والتنمية" الحافل بالاستحقاقات والنجاحات، من تحديات كانت بعضها مصيرية بالنسبة له، حيث تعرض الحزب لخطر الحظر.

في 17 مايو/أيار عام 2006 تعرض حزب العدالة والتنمية إلى هجمة معادية تمثلت بمقتل عضو الدائرة الثانية للمحكمة الادارية العليا "مصطفى يوجيل أوزبيلغين"، وإصابة 4 أعضاء بينهم رئيس الدائرة "مصطفى بيردان"، في هجوم مسلح نفّذه المحامي "ألب أرسلان أرسلان".

وعلى خلفية ذلك عمد أعضاء كل من المحاكم الدستورية والإدارية والمالية والقضاء العسكري وممثلي نقابة المحامين الأتراك وعدد من القضاة والمدعين العامين وعمداء الجامعات والأكاديميين إلى زيارة ضريح مؤسس الجمهورية التركية "مصطفى كمال أتاتورك"، وقراءة بيان يُحمّل الحكومة التركية مسؤولية مقتل "أوزبيلغين"، الأمر الذي وصفته الحكومة بأنه محاولة لإسقاطها والإخلال بالاستقرار في البلاد.

وفي 16 مايو/أيار 2007 أكمل حزب العدالة والتنمية دورته الخامسة على رأس السلطة، وبدأت تركيا في ذلك الوقت استعداداتها لانتخاب رئيس الجمهورية الحادي عشر خلفًا لرئيس البلاد آنذاك، أحمد نجدت سيزار، وكان نجاح مرشح الحزب شبه مؤكّد وفقاً للغالبية البرلمانية التي كان يملكها وقتها، الأمر الذي دفع بعض الأطراف إلى تنظيم "تجمعات الجمهورية" الرامية لإفشال ذلك.

ونُظّم أول تجمّع في هذا الإطار يوم 14 أبريل/نيسان عام 2007 في العاصمة التركية أنقرة قبل أسبوعين من الانتخابات الرئاسية، فيما جرى تنظيم التجمع الثاني في ميدان "جاغلايان" في إسطنبول يوم 29 من الشهر ذاته، والثالث والرابع في مدينتي مانيسا وجناق قلعة يوم 5 مايو/أيار، والخامس في إزمير يوم 13 مايو/أيار.

وفي 27 أبريل/ نيسان 2007 عقدت الجمعية العامة في البرلمان التركي اجتماعًا للتصويت على انتخاب الرئيس الحادي عشر للبلاد، وحصل خلالها المرشح الوحيد "عبدالله غل" على أصوات 357 نائبًا من أصل 361 شاركوا في التصويت إلا أن ذلك لم يكن كافيًا لاختياره في الجولة الأولى لعدم تحقيق العدد المطلوب وهو 367 صوتًا.

وتقدم حزب الشعب الجمهوري (أكبر أحزاب المعارضة التركية) بطلب إلى المحكمة الدستورية لإلغاء الجولة الأولى من التصويت بدعوى أن العدد 367 عضوًا ليس نصاب القرار فقط، وإنما نصاب الاجتماع في نفس الوقت، وفي سابقة من نوعها وافقت المحكمة الدستورية على الطلب.

وعقب التصويت في الجولة الأولى للانتخابات الرئاسية، نشرت رئاسة الأركان التركية منتصف الليل مذكرة على موقعها الالكتروني، جاء فيه أن "الأزمة التي ظهرت خلال الانتخابات الرئاسية تركّز على نقاش العلمانية، وهذا يُشكل مصدر قلق لدى القوات المسلحة التركية التي تعتبر طرفًا في هذا النقاش كونها المدافع الرئيسي عن العلمانية، وتعارض بشكل قطعي كافة التعليقات السلبية، إذ ستتخذ موقفًا واضحًا وصريحًا في هذا الصدد إذا لزم الأمر".

وأثارت المذكرة التي عُرفت بعد ذلك بـ "المذكرة الإلكترونية"، رد فعل عنيف من قبل حكومة "العدالة والتنمية"، التي وصفها المتحدث باسمها آنذاك، جميل جيجاك بأنها "موقف معارض للحكومة"، مؤكّدًا أن هذا الموقف لا يمكن أن يرد في دولة الحقوق والديمقراطية وخاصة على لسان مؤسسة كرئاسة الأركان التي تتبع لرئاسة الوزراء.

واعتبر جيجاك أن التوقيت الذي صدر فيه البيان "له مغزى"، قائلا إن "نشر بيان كهذا خلال مرحلة الانتخابات الرئاسية، وفي منتصف الليل، مثير للقلق، وسيتم اعتباره كمحاولة للتأثير على القضاء الأعلى لكونه ظهر بالتزامن مع نقاشات المحكمة الدستورية".

وجرى انتخاب عبد الله غل رئيسًا للجمهورية التركية عن طريق البرلمان في 28 أغسطس/آب 2007.

وفي 14 مارس/آذار عام 2008 أعد عبد الرحمن يلجين قايا، المدعي العام التركي الأول في المحكمة القضائية العليا بأنقرة، لائحة اتهام بحق 71 شخصًا بينهم الرئيس غل، ورئيس الوزراء آنذاك رجب طيب أردوغان، تطالب بحظر نشاطهم السياسي لمدة 5 أعوام وإغلاق حزب العدالة والتنمية، وقدّمها للمحكمة الدستورية التي وافقت على النظر فيها يوم 31 من الشهر ذاته.

وفي 30 تموز/يوليو عام 2008 صوت 6 من أعضاء المحكمة الدستورية لصالح الدعوى مقابل معارضة 5 آخرين ضدها، إلا أنها رفضت طلب إغلاق الحزب لعدم تحقيق الغالبية الساحقة التي يستدعي الدستور التركي تحقيقها للإقرار.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!