ترك برس

تناول مقال للكاتب ستيفن إيه كوك، في مجلة "فورين بوليسي" (Foreign Policy) الأميركية انعكاسات الحرب الروسية-الأوكرانية على الدور الذي تمارسه تركيا دوليًا.

وخلص المقال إلى أن أزمة أوكرانيا الحالية أحيت دور تركيا بوصفها وسيطا إقليميا في حل النزاعات، وعززت فكرة أن أنقرة أصبحت رائدة على الساحة الدولية.

وقال الكاتب إن تركيا غدت اليوم في مصاف اللاعبين الكبار مثل ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة. حسبما نقل موقع "الجزيرة نت".

ولا تمثل هذه الحرب، وفقا للكاتب، فرصة لتركيا لأنها -كما يقول البعض- تريد أن تصبح من جديد حصنًا ضد روسيا كما كانت خلال الحرب الباردة، وإنما لأن أنقرة ببساطة لا تريد أن يتم تكليفها بدور الحارس مرة أخرى للجناح الجنوبي الشرقي لحلف شمال الأطلسي "ناتو" (NATO).

إن الفرصة المتاحة لتركيا في الأزمة الحالية هي، حسب كوك، نتاج واقع مرتبط بتصور الرئيس رجب طيب أردوغان وحزبه الحاكم لتركيا كقوة في حد ذاتها، وتوجسها من خطر الانفصال الكردي في الداخل وفي سوريا، وخيبات الأمل التي تفاقمت وتراكمت إلى حد الضغائن ضد أولئك الذين كان يفترض أن يكونوا أهم حلفاء تركيا، أي الولايات المتحدة وأوروبا.

وأضاف الكاتب أن مزيجا من هذه التطلعات والصدمات دفعت أردوغان إلى البحث عن نظيره الروسي فلاديمير بوتين في وقت مبكر نسبيًا من الأزمة. وأضاف أن الحوار الناتج عن ذلك وتوسيع العلاقات الثنائية بين البلدين -على الرغم من الخلافات بين تركيا وروسيا في سوريا وليبيا وناغورني قره باغ وأوكرانيا- أديا إلى زيادة انعدام الثقة بين أنقرة وشركائها الغربيين.

ولفت الكاتب إلى أن شراء تركيا نظام الدفاع الجوي الروسي "إس-400" (S-400) دفع الولايات المتحدة إلى تطبيق عقوبات على قطاع الدفاع التركي، بل كانت هناك دعوات لطرد تركيا من حلف الناتو، وهو ما لا تسمح به الوثائق التأسيسية للحلف.

وقال إن أسئلة أكثر جدية حول توجهات السياسة الخارجية لأنقرة أصبحت تطرح في البلدان الغربية من قبيل: هل لا تزال تركيا جزءًا من الغرب؟ هل بدأت تتحرك شرقًا؟ هل تحاول أن تصبح قائدة في الشرق الأوسط أو في شرق البحر الأبيض المتوسط أو حتى العالم الإسلامي؟

وهنا، يقول الكاتب، إن الجواب على كل تلك الأسئلة هو: "نعم".

ثم جاءت حرب روسيا على أوكرانيا ليظهر الموقف التركي منها على الفور تقريبا في روايتين متعارضتين، حسب الكاتب.

فمن ناحية، عبّر أردوغان عن دعمه استقلال أوكرانيا، واستعداد أنقرة لتزويد كييف بطائرات مسيرة فتاكة وإغلاق مضيق البوسفور، وهو ما مثل دليلا إيجابيًا على الحجة التي كان الأتراك دائما يدافعون عنها من أن بلادهم كانت ولا تزال عنصرًا حاسما في الأمن الغربي.

ومن ناحية أخرى، سلط النقاد الضوء على حقيقة أن الحكومة التركية لم تفرض عقوبات على روسيا، وأن المجال الجوي التركي لا يزال مفتوحًا أمام الطائرات الروسية، وأن اليخوت العملاقة للأوليغارشية الروسية كانت تظهر في بودروم ومارماريس بموافقة واضحة من الحكومة التركية.

وبغض النظر عن حرب المعلومات بين الجماعات المؤيدة لأردوغان والمناهضة له، فإن حقيقة أن تركيا لا يمكن أن تكون موالية بالكامل لأوكرانيا ولا معادية تمامًا لبوتين توفر فرصة لأردوغان لاستئناف الدور الذي لعبه في منتصف العقد الأول من القرن الـ21، بل تعزيز دور تركيا بوصفها قوة مستقلة دون أن يكون في ذلك استفزاز للغرب، دائما وفقا للكاتب.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!