ترك برس

أعلنت الحكومة التركية، مؤخراً، رفع قيمة الاستثمار اللازم لنيل الجنسية، وذلك تزامناً مع العديد من التطورات في الداخل التركي، أبرزها ما هو متعلق بالجدل السياسي الدائر حول الأجانب واللاجئين، الأمر الذي أثار التساؤلات عن دوافع أنقرة لخطوة كهذه، وعما إذا كان وراءها أسباب اقتصادية أم سياسية؟

وتقرر في إحدى الاجتماعات الأخيرة للحكومة التركية، رفع قيمة العقار الواجب شراؤه للحصول على الجنسية التركية من 250 ألفا إلى 400 ألف دولار، بشرط عدم بيعه لمدة 3 سنوات، فما أسباب اتخاذ هذا القرار وتداعياته على مبيعات العقار للأجانب في تركيا، وما علاقته بالوضع الاقتصادي في البلاد؟

وفي هذا السياق، أرجع الباحث الاقتصادي في جامعة إيجه بأزمير محمد إبراهيم، أسباب رفع قيمة العقار من أجل الحصول على الجنسية التركية، إلى زيادة الطلب الأجنبي على العقارات التركية في السنوات الأخيرة، وهو ما أدى لتضخم الأسعار في ظل عدم قدرة العرض على تغطية هذه الزيادة في الطلب، وبالتالي تهدف الحكومة لتقليل الطلب الأجنبي على العقارات التركية في الفترة الحالية بهدف السيطرة على ارتفاع أسعار العقارات، بحسب ما نقله تقرير لـ "الجزيرة نت."

وقال الباحث إبراهيم "اقتراب الانتخابات أحد أسباب قرار رفع قيمة العقار، حيث تتجه الحكومة لتقييد وجود الأجانب خلال الفترة المتبقية حتى الانتخابات، كون المعارضة تستغل هذا الملف ضدها، لافتا إلى أنه قد تكون هناك أسباب أمنية بعد زيادة تدفق الأجانب نحو تركيا، خصوصا من العراق وإيران وأوكرانيا وأفغانستان.

وأكد إبراهيم أن القرار سيؤدي لتخفيض الطلب الأجنبي على العقارات التركية مع دخوله حيز التنفيذ، مما يؤثر سلبا على تدفق العملة الصعبة نحو سوق العقارات التركية وبالتالي الاقتصاد ككل.

وترجح شركات العقارات أن القرار الأخير لن يطبق على أصحاب العقارات التي تم شراؤها بـ 250 ألف دولار قُبيل صدور القرار، لكن الأمر يستوجب صدور تعميم خاص من مديرية الطابو والمسح العقاري.

ووفقا لاقتصاديين، فأنقرة تهدف من وراء شرط عدم بيع العقارات لمدة لا تقل عن 3 سنوات، إلى الحفاظ على تدفق الأموال إلى اقتصادها، الذي كان ازدهار حركة البناء فيه بأموال أجنبية محركا أساسيا منذ سنوات.

وجاء التعديل الأخير بعدما كانت الحكومة التركية قد أعلنت تسهيلات لحصول رعايا دول أخرى على الجنسية عام 2018، حين خفضت الحد الأدنى المطلوب للاستثمار في العقارات التي تمنح ملاكها الأجانب حق الجنسية، من مليون دولار إلى 250 ألف دولار، قبل قرار رفع المبلغ إلى 400 ألف دولار هذا الأسبوع.

سوق العقارات

وبحسب الأرقام التي أعلنتها هيئة الإحصاء التركية الرسمية في فبراير/ شباط الماضي، فإن مبيعات العقارات إلى الأجانب في تركيا ارتفعت بنسبة 56.5% في يناير/ كانون الثاني 2022، مقارنة مع الفترة نفسها من العام السابق.

وذكرت الهيئة أن مواطني إيران جاؤوا في المرتبة الأولى من حيث شراء منازل بتركيا خلال هذه الفترة بواقع 761 منزلا، من بين 4 آلاف و186 عقاراً تم بيعها في الفترة ذاتها، وكانت المديرية العامة للطابو والمسح العقاري التركي قد أعلنت بيع 68 ألفا و600 عقار للأجانب طوال عام 2021، منها 64 ألفا و500 مسكن (منزل)، ونحو 4 آلاف قطعة أرض، بقيمة تقدّر بـ40 مليار ليرة تركية (الدولار نحو 13.52 ليرة).

وقال مدير الطابو والمسح العقاري، محمد زكي آدلي، إن مواطني العراق وإيران يأتون في مقدمة الأجانب الأكثر شراء للعقارات في تركيا العام الماضي، يليهم مواطنو روسيا وبريطانيا وألمانيا وأفغانستان، مضيفا أن مدن إسطنبول وأنطاليا وأنقرة وموغلا تأتي في مقدمة المدن التركية الأكثر مبيعا للعقارات للأجانب.

استثمار بالدولار

وبالإضافة لمنح الجنسية التركية بناء على شراء العقار، فإن الشروط المطبقة حاليا -وفقا لتعديلات يناير/ كانون الثاني 2022- تنص على استثمار رأس مال ثابت بمبلغ لا يقل عن 500 ألف دولار أو ما يعادلها من العملات الأجنبية، أو شراء إحدى أدوات الدين الحكومية مثل السندات وأذون الخزانة بقيمة 500 ألف دولار أو ما يعادلها من العملات الأجنبية على الأقل، من أجل الحصول على الجنسية التركية.

وتؤكد اللائحة الجديدة على ضرورة بيع مبالغ الصرف الأجنبي إلى بنك يعمل في تركيا، ومن هذا البنك إلى البنك المركزي قبل إتمام المعاملة.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!