ترك برس

سلّط برنامج "الاتجاه المعاكس" على شاشة الجزيرة القطرية، الضوء على فرص الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في النهوض ببلاده وتحقيق أهدافها، بعد انتخابه لولاية جديدة، وذلك في ظل تحديات أبرزها الاقتصاد.

وناقش ضيفي البرنامج عما إذا كان فوز أردوغان يمهّد لنهضة حقيقية ومستقبل مشرق لتركيا، أم أنه لن يستطيع تجاوز الأزمة الاقتصادية المتفاقمة والتحديات السياسية المتزايدة التي تواجهها البلاد.

وقال رئيس تحرير وكالة أنباء تركيا حمزة تكين، إن الرئيس أردوغان سيسعى للحفاظ على أن تبقى تركيا في مصاف الدول الكبيرة ذات التأثير الإقليمي، وإنها خلال السنوات الخمس المقبلة ستصبح أقوى سياسيا مما كانت عليه الدولة العثمانية، كما ستحتل ترتيبا متقدما في النظام العالمي الجديد الذي بدأ في التشكل.

واعتبر تتابع التبريكات التي تصل من زعماء الدول في العالم لأردوغان بفوزه في الانتخابات، رغم الحملة الواسعة التي واجهها خلالها، دليل على حجم تأثير تركيا وأنها في المقدمة، وتحظى باهتمام عالمي، لافتا إلى أن اليونان شهدت انتخابات بالتزامن ولم تحظ بذات القدر من الاهتمام والمتابعة.

تحديات كبيرة

وأقرّ بأن أردوغان سيواجه خلال فترته الرئاسية الجديدة تحديات كبيرة وخطيرة، داخلية وخارجية، مشددا في ذات الوقت على قدرته على معالجتها وتجاوزها، والمحافظة على بقاء بلاده على القمة، بحسب تعبيره.

وأشار في السياق إلى ما شهدته العديد من البلاد العربية من مظاهر بهجة وفرحة شعبية بفوز أردوغان، معتبرا ذلك دليلا على أن هذا النصر لا يعني تركيا وشعبها فقط، وإنما يعني العرب والمسلمين الذين يرون فيه "قيادة قوية" يتطلعون لمثلها في بلادهم.

ويرى تكين أن تركيا تتجه إلى مزيد من القوة خلال الأعوام الخمسة المقبلة في العديد من الملفات الإقليمية والدولية، وفي مقدمتها ما تقوم به من دور في الأزمة الروسية الأوكرانية، مضيفا أنها ستحتل المرتبة السادسة أو السابعة بين دول القمة في النظام العالمي الجديد.

وشدد على أن توجّه تركيا لإصلاح علاقتها مع العديد من الأنظمة التي كانت على خلاف معها في السابق، جاء بعد فشل تلك الأنظمة في مساعي إسقاط أردوغان، وعند عودتها وجدت الباب مفتوحا، مشددا في هذا السياق على أن العلاقة مع إسرائيل قائمة على الندية ولا تتعارض مع دعم أنقرة للقضية الفلسطينية.

ونفى أن يكون أردوغان قد تخلى عن شعار "المهاجرين والأنصار" في العلاقة مع اللاجئين السوريين، مؤكدا على أنه دفع ضريبة سياسية كبيرة لتمسكه بهذا الشعار، وأنه لن يقبل بحل للأزمة السورية لا يتضمن تأمين اللاجئين وضمان مصالحهم وأمانهم.

انقسام عميق

في المقابل، يرى المحلل السياسي الدكتور محمد بكر أن تركيا مقبلة على تحول كبير وخطير، وأن نجاح أردوغان أسس لانقسامات كبيرة سيكون لها تداعيات خطيرة على مختلف المستويات، وأنه لن يكون هناك استقرار في البلاد خلال الفترة الرئاسية الجديدة لأردوغان.

واعتبر أن الابتهاج والفرح الشعبي الذي ظهر في العديد من الدول العربية والإسلامية ناتج عن تأثر عاطفي بمواقف يبرع أردوغان في إظهارها، لكن ما ستشهده تركيا في الواقع سيكون مختلفا عما تظنه تلك الشعوب وتترقبه.

ويرى أن التحديات التي ستواجهها تركيا أكبر من إمكاناتها، وهي نتاج سياسات خاطئة وكارثية انتهجها أردوغان في الفترة الماضية، ولن يتسنى له معالجتها، كما أنه لن ينجح في تحقيق ما قدمه من وعود ضخمة من المعلوم أن الإيفاء بها لن يكون في متناوله.

ويعتبر بكر سياسة أردوغان قائمة على التناقضات، ففي الوقت الذي يتحدث فيه عن تصفير المشاكل مع دول الجوار، يكاد عدادها ينفجر -بحسب تعبيره- في كل الجبهات، وهو الأمر الذي استدعى المتابعة والانتباه من قبل الدول ووسائل إعلامها، وليس بسبب قدراته وإمكاناته، كما يروّج أنصاره.

ويشدد في حديثه على أن تركيا لن تستطيع أن "تخرج من العباءة الأميركية وعباءة منظمة الناتو"، مقللا في هذا السياق من دلالة موقف أنقرة الذي تسبب في منع السويد من الانضمام لحلف الناتو.

انتخابات مصيرية وحاسمة

وفي 14 مايو/ أيار الماضي، شهدت تركيا انتخابات برلمانية ورئاسية في آن واحد، وصفت بـ "التاريخية" لكونها تتزامن مع الذكرى المئوية الأولى لتأسيس الجمهورية التركية.

وتنافس في الانتخابات البرلمانية 24 حزباً لحصول على أكبر عدد من المقاعد في البرلمان البالغ إجمالي عدد مقاعده 600 مقعداً.

واستطاع تحالف "الجمهور" بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان من الحصول على غالبية البرلمان، بواقع أكثر من 320 مقعداً، فيما 268 منها فقط لحزب العدالة والتنمية، والباقي للأحزاب الأخرى المتحالفة.

في المقابل، لم ينجح تحالف "الطاولة السداسية" المعارض في تحقيق الغالبية بالبرلمان، حيث حصل حزب الشعب الجمهوري أكبر الأحزاب المعارضة في البلاد، على 169 مقعداً فقط، بحسب النتائج النهائية التي كشفت عنها الهيئة العليا للانتخابات (YSK).

وعلى صعيد الانتخابات الرئاسية، فقد خاض السباق 3 مرشحون عن تحالف حزبية مختلفة، هم الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان عن تحالف "الجمهور"، وزعيم المعارضة كمال كلجدار أوغلو عن تحالف "الأمة" أو ما يعرف بـ "الطاولة السداسية"، والسياسي القومي سنان أوغان عن تحالف "الأجداد"، فيما أعلن محرم إنجه، المترشح عن حزبه "البلد" الانسحاب من التنافس قبل أيام بشكل مفاجئ.

وشهدت الجولة الأولى حصول أردوغان على 49.52 بالمئة من الأصوات، فيما نال منافسه الأبرز ومرشح المعارضة كمال قليجدار أوغلو 44.88 بالمئة، وسنان أوغان 5.17 بالمئة، لتعن الهيئة العليا للانتخابات عن امتداد السباق الرئاسي إلى الجولة الثانية التي جرت بتاريخ 28 مايو/ أيار 2023.

وأسفرت الجولة الثانية من الرئاسيات، عن حصول الرئيس أردوغان على 52.18 في المئة من الأصوات ومنافسه قليجدار أوغلو على 47.82 في المئة، ليتم بذلك انتخابات أردوغان لولاية جديدة تمتد لـ 5 سنوات.

وفي انتخابات الإعادة لاختيار الرئيس، أدلى 52 مليون و93 ألفا و375 ناخبا محليا بأصواتهم، وبلغ معدل التصويت 85.72 في المئة، فيما بلغت نسبة المشاركة 88.92% داخل البلاد، و53.80% خارجها.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!