ترك برس
ألغى الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، زيارته التي كانت مقررة إلى تركيا في اللحظة الأخيرة، دون تقديم تفاصيل عن السبب، ما طرح تساؤلات في الأوساط السياسية والإعلامية حول دوافع ذلك.
وذكرت وكالة تسنيم الإيرانية شبه الرسمية أنه "كان من المقرر أن تجرى الزيارة الأربعاء، لكنها تأجلت إلى موعد آخر".
وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في وقت سابق من الشهر، إن الرئيس إبراهيم رئيسي سيزور بلاده في نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني لإجراء محادثات بشأن غزة.
صحيفة "الشرق الأوسط" نقلت عن "مصادر دبلوماسية شريطة عدم الكشف عنها"، عن أن التعليق المفاجئ للزيارة جاء بسبب "محاولة الرئيس الإيراني الضغط على تركيا لاتخاذ موقف يتجاوز مجرد الخطاب الحاد ضد إسرائيل. وعدّت أن رئيسي أراد أن يمارس مزيداً من الضغط على تركيا بسبب استمرار علاقاتها بإسرائيل على الرغم من استدعاء سفيرها للتشاور".
وذهب مراقبون إلى أن الحرب في غزة كشفت عن تباينات بين أنقرة وطهران، وربما "نوع من التنافس على الأدوار" والتأثير على موقف "حماس"، مستندين إلى تصريحات الإفراج عن 10 رهائن تايلنديين أفرجت عنهم حماس يوم الجمعة مع بدء هدنة الأيام الأربعة، حيث أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، قيام طهران بدور وساطة للإفراج عنهم بطلب من السلطات التايلندية. لكن "حماس" أعلنت أن الإفراج عن الرهائن التايلنديين جاء تلبية لطلب من أردوغان.
وحتى مساء الاثنين الفائت، كانت وسائل الإعلام الرسمية التركية تتحدث عن الزيارة بكثافة، وعن الخطوات التي يمكن أن تتخذها أنقرة وطهران معاً في مواجهة العدوان الإسرائيلي على غزة.
كما تحدث وزير الخارجية التركي هاكان فيدان هاتفياً مع نظيره الإيراني، حسين أمير عبداللهيان، ليل السبت – الأحد، وتناولا جهود وقف إطلاق النار في غزة وتحويله إلى وقف دائم وسبل إيصال المساعدات الإنسانية لسكان القطاع والحل الدائم للصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، إلى جانب العلاقات بين البلدين وسبل تعزيزها في مختلف المجالات، بحسب ما أعلنت وزارتا خارجية البلدين.
وأعقب ذلك اتصال هاتفي بين الرئيسين إردوغان ورئيسي، الأحد، تناولا فيها الهجمات الإسرائيلية الوحشية وغير القانونية على قطاع غزة وجهود إيصال المساعدات الإنسانية للفلسطينيين. وقال بيان للرئاسة التركية: إن الرئيسين أكّدا خلال الاتصال أهمية أن "تتخذ دول العالم الإسلامي، وبخاصة تركيا وإيران موقفاً مشتركاً ضد الوحشية الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية".
وأكد البيان، أن تركيا وإيران ستواصلان العمل "في أجواء من الوحدة لجعل الهدنة المؤقتة في غزة دائمة وتحقيق السلام الدائم". وأشار إلى أن الرئيسين تبادلا، خلال الاتصال أيضاً، وجهات النظر حول استعدادات وجدول أعمال مجلس التعاون التركي - الإيراني رفيع المستوى المزمع انعقاده في تركيا لاحقاً برئاستهما.
موقف إيراني
وبدا أن التطورات الأخيرة في غزة دفعت إلى مزيد من التنسيق والتشاور بين أنقرة وطهران اللتين أظهرتا موقفاً مسانداً لحركة "حماس" ولـحقّها في مقاومة العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني.
وكان وزير الخارجية الإيراني أمير حسين عبداللهيان زار أنقرة مطلع نوفمبر الحالي، وأجرى مباحثات مع فيدان حول الوضع في غزة، كما استقبله الرئيس رجب طيب إردوغان، وأيّد الجانبان عقد مؤتمر إقليمي لبحث الوضع ووقف العدوان الإسرائيلي وتقديم المساعدات للشعب الفلسطيني.
وكانت صحيفة "صباح" القريبة من الحكومة التركية، قد كشفت في وقت سابق عن أن رئيس الاستخبارات التركي إبراهيم قالن عقد 4 اجتماعات مع قادة "حماس" في الدوحة وأنقرة وإسطنبول، خلال الأسابيع الستة الأخيرة، تم خلالها تسليم "حماس" طلبات من عدد من الدول للإفراج عن مواطنين تحتجزهم الحركة، وأن "حماس" نفذت بالفعل تلك الطلبات، التي قال قالن: إن تنفيذها سيساعد في الجهود المبذولة، وبخاصة من جانب تركيا، لوقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات إلى سكان غزة.
الموقف الرسمي التركي من التطورات الأخيرة في غزة
وفي 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 أعلنت حركة حماس وفصائل أخرى في المقاومة الفلسطينية، إطلاق عملية أسمتها "طوفان الأقصى" ضد أهداف إسرائيلية في غلاف قطاع غزة التي تعاني من حصار مطبق منذ سنوات.
إسرائيل وأمام مباغتة المقاومة الفلسطينية لها، ردت باستهداف المناطق السكنية والمنشآت الصحية والتعليمية ودور العبادة داخل غزة، ما خلّف آلاف القتلى وعشرات آلاف الإصابات بين المدنيين، وسط دمار كبير لحق بالقطاع، فيما يجري حديث عن إخلاء شمالي غزة من سكانها وإجلائهم نحو الجنوب قرب الحدود مع مصر.
وفي 24 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023 تم التوصل إلى هدنة إنسانية مؤقتة في غزة استمرت 4 أيام قبل تمديدها لفترات إضافية، حيث نصت على تبال أسرى ورهائن بين حماس وإسرائيل وإيصال مساعدات إنسانية إلى القطاع.
ومنذ اللحظة الأولى لتصاعد التوتر الأخير في غزة، أكدت تركيا وعلى لسان كبار مسؤوليها على ضرورة وقف إطلاق النار بأقرب وقت حقناً للدماء وتجنباً لمزيد من الضحايا المدنيين، فيما أكد رئيسها رجب طيب أردوغان على أن الحل لتحقيق السلام في فلسطين وفي المنطقة يمر عبر تأسيس دولة فلسطين المستقلة ذات السيادة بحدود 1976 وعاصمتها القدس الشرقية.
وبعد جهود كثيفة للتهدئة وأمام تصعيد إسرائيل من هجماتها ضد المدنيين في غزة وعدم استجابتها لمطالب وقف إطلاق النار، صعّدت أنقرة من موقفها ضد تل أبيب متهمة إياها بـ "ارتكاب المجازر والإبادة الجماعية" في غزة، قبل أن تعلن في 4 نوفمبر/ تشرين 2023 استدعاء سفيرها هناك إلى أنقرة "للتشاور، رداً على المجازر الإسرائيلية بحق المدنيين الفلسطينيين".
وعلى الصعيد الإنساني، أرسلت تركيا حتى الآن أكثر من 10 طائرات إلى مصر، محملة بمساعدات طبية وإنسانية لسكان غزة، كما أوفدت فريقاً من الخبراء إلى داخل القطاع للقيام بالتحضيرات اللازمة من أجل بناء مشافي ميدانية تركية هناك وأخرى في معبر رفح ومطار العريش بمصر، لعلاج الجرحى الفلسطينيين.
كما أعلنت جمعية الهلال الأحمر التركي تكفّلها بسد احتياجات الطاقة الكهربائية للمشافي وسيارات الإسعاف في غزة، طيلة شهر كامل، فيما استقبلت المشافي التركية في العاصمة أنقرة عدة دفعات من مرضى السرطان وجرحى مع مرافقيهم، وقد نقلتهم فرق وزارة الصحة من غزة عبر مصر للعلاج.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!