ترك برس

تباينت آراء الخبراء والمحللين بشأن أسباب خسارة حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا للعديد من البلديات في الانتخابات المحلية التي جرت الأحد الماضي وما إذا كان لأحداث غزة تأثير على النتائج.

وحصل حزب الشعب الجمهوري على نسبة 37.7% من إجمالي أصوات الناخبين، مقابل 35.5% لحزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه أردوغان، وذلك خلال الانتخابات المحلية التي شهدتها الولايات التركية يوم الأحد.

وكرست الانتخابات البلدية في تركيا انتصار حزب الشعب الجمهوري العلماني في كبرى مدن البلاد، وأبرزها إسطنبول، في مواجهة حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

وأقر أردوغان بخسارة حزبه في الانتخابات، مؤكدا أن نتائجها "تشكل منعطفا" بالنسبة لحزبه الحاكم منذ عقدين.

"طرح شديد السذاجة"

في منشور له عبر منصة إكس، أكد الإعلامي المصري جمال سلطان، رئيس تحرير صحيفة المصريون، أنه من المهم الانتباه إلى الفخ الذي ينتشر بأن "الناخب التركي عاقب حزب العدالة بسبب موقفه من أحداث غزة، وهو طرح شديد السذاجة".

وأوضح سلطان أن المعارضة الفائزة موقفها أسوأ بمراحل تجاه غزة والمقاومة، ولم يتورع رئيس حزب الشعب "الفائز" عن وصف المقاومة الفلسطينية بالإرهاب ووصف عملية 7 أكتوبر بالعملية الإرهابية، وهو "درك سياسي لا وجه للمقارنة بينه وبين المواقف المشرفة لحزب العدالة والتنمية "الخاسر" في الانتخابات".

وقال إنه "لو أراد الناخب معاقبة حزب على موقف سلبي تجاه غزة لعاقب حزب الشعب الجمهوري بداهة، والحقيقة أنه من الاستسهال المخل النظر لما جرى من هذا الثقب الضيق، وهو استسهال يصل إلى مستوى السطحية في التحليل".

وأشار إلى أن أسباب نتائج الانتخابات تعود لأخطاء الحزب الحاكم أكثر مما تعود لإنجازات المعارضة، فالمعارضة تقريبا بلا إنجازات، باستثناء نجاح "منصور ياواش" في بلدية العاصمة أنقره، وهناك إجماع على أن أكرم إمام أوغلو فشل فشلا ذريعا في إدارة بلدية إسطنبول خلال الخمس سنوات الماضية، وساءت أحوال المدينة، ومع ذلك فاز مجددا وبفارق مليون صوت عن منافسه "مراد كوروم" مرشح حزب العدالة الحاكم، وهذا ما جعل اردوغان في كلمته تعقيبا على النتائج أمس يعترف بالتقصير ويقول أن النتائج تلزمنا بممارسة النقد الذاتي ومراجعة الأخطاء.

وذكر أن أخطاء حزب العدالة متعددة، في مقدمتها الاضطراب في إدارة الملف الاقتصادي، وارتفاع نسبة التضخم، وتراجع سعر الليرة، وارتفاع الفائدة بعد أن كان اردوغان يعلن الحرب عليها قبل ذلك، وأيضا تصريحات محمد شمشك وزير المالية المستفزة عن عدم إمكانية رفع معاشات التقاعد، وهو تصريح مدهش قبل انتخابات يفترض أن يذهب إليها عدة ملايين من أصحاب المعاشات التقاعدية والذين عاقبوه في الصناديق فيما يبدو، عندما نسي أنه وزير سياسي قبل أن يكون تكنوقراط اقتصادي .  

وتابع:

من الأسباب أيضا ضعف أداء الحزب في ما يتعلق بالعدوان الإسرائيلي على غزة، وللأمانة تركيا قدمت الكثير في هذا الملف، مساعدات متواصلة غذائية وطبية ودعم سياسي وديبلوماسي مكثف وتسهيلات بلا سقف للقادة الفلسطينيين داخل تركيا ونقل الجرحى والمصابين للعلاج في مستشفيات تركيا وأمور أخرى عديدة، لكن جرائم العدوان كانت أكبر من ذلك كله، وتضغط على أعصاب المحافظين الأتراك وتؤلمهم جدا تجاه محنة إخوانهم في غزة، وهو ما تسبب في إحباط القاعدة الانتخابية الأساسية لحزب العدالة ومقاطعة ملايين منهم للانتخابات وهو ما صب في صالح المعارضة ، ويكفي أن نعلم أن نسبة التراجع في التصويت اقتربت من 14% في بعض التقديرات، بما يعني أن حوالي 9 مليون مواطن على الأقل قاطعوا الانتخابات وهي ضربة هائلة للحزب، ويلاحظ أن النسبة التي خسرها حسب الأرقام المعلنة وبالمقارنة مع انتخابات 2019 هي 10% وهي شبه مطابقة لنسبة المقاطعين للانتخابات، بينما حشدت المعارضة أقصى طاقاتها في قواعدها الانتخابية الثابتة. 

ومن المهم الانتباه إلى الفخ الذي ينتشر بأن الناخب التركي عاقب حزب العدالة بسبب موقفه من أحداث غزة، وهو طرح شديد السذاجة، وذلك أن المعارضة الفائزة موقفها أسوأ بمراحل تجاه غزة والمقاومة، ولم يتورع رئيس حزب الشعب "الفائز" عن وصف المقاومة الفلسطينية بالإرهاب ووصف عملية 7 أكتوبر بالعملية الإرهابية، وهو درك سياسي لا وجه للمقارنة بينه وبين المواقف المشرفة لحزب العدالة والتنمية "الخاسر" في الانتخابات، فلو أراد الناخب معاقبة حزب على موقف سلبي تجاه غزة لعاقب حزب الشعب الجمهوري بداهة، والحقيقة أنه من الاستسهال المخل النظر لما جرى من هذا الثقب الضيق، وهو استسهال يصل إلى مستوى السطحية في التحليل.

أيضا من أسباب خسارة حزب العدالة، المفاجأة الكبيرة التي حققها حزب "الرفاه الجديد" برئاسة فاتح أربكان، نجل الزعيم التاريخي للتيار الإسلامي في تركيا المرحوم "نجم الدين أربكان"، فقد فاجأ الحزب الناشيء الجميع وحقق نسبة 6،2%، وقاعدته الانتخابية هي نفسها التيار المحافظ الذي يصوت عادة لحزب العدالة ، أي أن الناخب المحافظ الذي اعترض على سياسات حزب العدالة منح صوته لحزب الرفاه، وهذه هي الضربة العنيفة، خاصة عندما تعلم أن الفارق بين حزب الشعب الجمهوري المتصدر وبين حزب العدالة لا تتجاوز 2%، فلو ذهبت 6% التي انتزعها حزب الرفاه إلى العدالة كما كانت تذهب سابقا لصحح أوضاعه، وحزب الرفاه الجديد حزب صغير جديد، لم يحقق أي نجاح سياسي أو انتخابي منذ نشأته، سوى دخول خمسة مرشحين له في البرلمان الأخير، وكلهم دخلوا على أكتاف حزب العدالة وبدعمه، بعد أن تحالفوا معه، بينما وقع الشقاق في الانتخابات البلدية بعد أن طمع الرفاه في أن يترك له العدالة عدة بلديات مهمة رأى الحزب أنها أكبر من قامة حزب الرفاه وحجمه، وكانت الدعاية الانتخابية لحزب الرفاه تتعمد الضرب في حزب العدالة تحديدا، كما كان يتلقى دعما إعلاميا واضحا من حزب الشعب الجمهوري المعارض، رغم أنه تيار إسلامي والشعب الجمهوري أبو العلمانية في تركيا ، لكنها لعبة السياسة .

أيضا من أسباب خسارة حزب العدالة، المفاجأة الكبيرة التي حققها حزب "الرفاه الجديد" برئاسة فاتح أربكان، نجل الزعيم التاريخي للتيار الإسلامي في تركيا المرحوم "نجم الدين أربكان"، فقد فاجأ الحزب الناشيء الجميع وحقق نسبة 6،2%، وقاعدته الانتخابية هي نفسها التيار المحافظ الذي يصوت عادة لحزب العدالة ، أي أن الناخب المحافظ الذي اعترض على سياسات حزب العدالة منح صوته لحزب الرفاه، وهذه هي الضربة العنيفة، خاصة عندما تعلم أن الفارق بين حزب الشعب الجمهوري المتصدر وبين حزب العدالة لا تتجاوز 2%، فلو ذهبت 6% التي انتزعها حزب الرفاه إلى العدالة كما كانت تذهب سابقا لصحح أوضاعه، وحزب الرفاه الجديد حزب صغير جديد، لم يحقق أي نجاح سياسي أو انتخابي منذ نشأته، سوى دخول خمسة مرشحين له في البرلمان الأخير، وكلهم دخلوا على أكتاف حزب العدالة وبدعمه، بعد أن تحالفوا معه، بينما وقع الشقاق في الانتخابات البلدية بعد أن طمع الرفاه في أن يترك له العدالة عدة بلديات مهمة رأى الحزب أنها أكبر من قامة حزب الرفاه وحجمه، وكانت الدعاية الانتخابية لحزب الرفاه تتعمد الضرب في حزب العدالة تحديدا، كما كان يتلقى دعما إعلاميا واضحا من حزب الشعب الجمهوري المعارض، رغم أنه تيار إسلامي والشعب الجمهوري أبو العلمانية في تركيا ، لكنها لعبة السياسة .

في تقديري أن النتائج خادعة، إذا كنا ننظر إلى موازين الثقل الحقيقية الثابتة على الأرض والكتل الانتخابية، وأسبابها عارضة وليست أصيلة من إنجازات هنا وإخفاقات هناك، كما أنها لا تغير كثيرا من قواعد اللعبة السياسية في الدولة التركية محليا أو دوليا، بل ربما ساهمت في تعزيز السلام الاجتماعي لتركيا بجعل المعارضة شريكا في إدارة الدولة وحكمها، لكنها أرسلت رسالة واضحة لحزب العدالة الحاكم بأن شيئا من الترهل قد أصابه بسبب استرخائه في السلطة قرابة 24 عاما، واعتماده دائما على كاريزما زعيمه التاريخي رجب طيب اردوغان، والقبول الشعبي الطاغي له في البلاد، وأثبتت أن الحزب في حاجة ماسة وعاجلة إلى تجديد شبابه وتطوير أدائه ، والبحث عن وجوه شابة جديدة تتصدر لمرحلة يمثل الشباب عنصرا وازنا بين الناخبين فيها، ولذلك تحدث اردوغان عقب ظهور النتائج ليلة أمس بأن ما حدث يوجب على الحزب ممارسة النقد الذاتي، واعتبر ـ عن حق ـ أن الديمقراطية في تركيا انتصرت وهي الفائز الحقيقي.

أيا ما كانت النتائج ، وبدون أدنى شك فإن بطل المشهد الديمقراطي في تركيا هو هذا الرجل، رجب طيب اردوغان، الذي رعاها على مدار ربع قرن تقريبا، وكان أمينا معها، ووفى بعهده في احترامها وحمايتها وتعزيزها، ورسخ ميراثا للدولة المدنية، الشعب فيها هو الحكم وهو السيد وليس العسكر والدبابة أو العمامة، وحقق لبلاده مجدا سياسيا وعسكريا واقتصاديا واستراتيجيا، خلال عقدين فقط، يقترب من المعجزة.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!