ترك برس
استعرض الكاتب والمحلل السياسي التركي عبدالله مراد أوغلو، قراءة تحليلية بشأن تأثير التحالفات غير التقليدية والتحولات السياسية في تشكيل المشهد الانتخابي للرئاسة الأمريكية وكيفية سعي كل من دونالد ترامب وكامالا هاريس لاستقطاب الناخبين المترددين بشكل استراتيجي.
وفي مقال بصحيفة يني شفق، أشار مراد أوغلو إلى أن بعض الجمهوريين المعتدلين، الذين يشعرون بالقلق من تحول الحزب الجمهوري تحت قيادة ترامب، بدأوا في إظهار دعمهم لكامالا هاريس.
وأوضح أن هذا الجناح، الذي كان قد عارض ترامب تحت شعار "NeverTrump" (لا لترامب) في انتخابات 2020 وساند جو بايدن، يضع الآن ثقته في هاريس. في الوقت ذاته، تدعو شخصيات بارزة كانت قد شغلت مناصب في إدارات حزب الجمهوري إلى التصويت لصالح هاريس.
من ناحية أخرى، يسعى ترامب إلى كسب دعم الناخبين المعتدلين الليبراليين الذين يشعرون بالقلق من الجناح التقدمي اليساري في الحزب الديمقراطي. من بين خطواته في هذا الاتجاه، يأتي تخفيف حدة موقفه بشأن قوانين الإجهاض. وفقا للكاتب التركي.
وتابع المقال:
في تطور آخر، قررت تولسي غابارد، النائبة السابقة في الكونغرس عن الحزب الديمقراطي، دعم ترامب. كانت غابارد قد ترشحت للانتخابات الرئاسية لعام 2020 كمرشحة ديمقراطية، لكنها انسحبت لاحقاً لدعم جو بايدن. وفي عام 2022، قطعت غابارد علاقاتها بالحزب الديمقراطي وبدأت بدعم ترامب.
ومن بين مؤيدي ترامب هو روبرت إف كينيدي جونيور، المنتمي للحزب الديمقراطي. واشتهر كينيدي بنشاطه في مجال حقوق البيئة ومعارضته للقاحات، هو ابن شقيق الرئيس الأمريكي جون فيتزجيرالد كينيدي الذي اغتيل في عام 1963. أما والده هو روبرت كينيدي الذي شغل منضب وزير العدل السابق وعضو مجلس الشيوخ، وكان قد ترشح في انتخابات 1968، لكنه تعرض للاغتيال في 6 يونيو/حزيران من نفس العام.
ترشح روبرت كينيدي جونيور للانتخابات الرئاسية عن الحزب الديمقراطي، لكنه استمر في الترشح كمستقل بعد أن زعم بوجود تزوير في الانتخابات التمهيدية. وقد تمكن كينيدي من جمع التوقيعات اللازمة لترشحه كمستقل بسهولة، مما وضع حملة بايدن في موقف صعب. انسحاب بايدن من السباق ومجيء كامالا هاريس قلل من تأثير كينيدي، الذي انسحب بدوره من الترشح وانضم إلى صف ترامب. إن انتقال حتى نسبة صغيرة من الناخبين الذين كانوا يفكرون في التصويت لكينيدي إلى ترامب يشكل تهديدًا لكامالا هاريس.
وفي البيان الذي أعلن فيه قراره بدعم ترامب، والذي ألقاه يوم الجمعة 23 أغسطس 2024 تحت عنوان "خطابي إلى الأمة"، ذكر كينيدي أن السياسة الخارجية لإدارة بايدن تعتبر جزءًا من أجندة النيوكون (التيار المحافظ الجديد). كما حذر كينيدي من أن انتخاب هاريس سيؤدي إلى تعزيز سلطة النيوكون داخل الإدارة الأمريكية.
سيخوض ترامب وهاريس المعركة الانتخابية الرئيسية في "الولايات المتأرجحة"، لذا فإن التغيرات الطفيفة في عدد الأصوات قد تكون حاسمة في تغيير مسار الانتخابات. في الفترة الأخيرة، تُحدد نتائج الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة بناءً على نتائج بضع ولايات، حيث يمكن أن تتفاوت الأصوات فيها ببضع آلاف. هذه الأصوات القليلة تلعب دوراً أساسياً في "مجمع الانتخابات" المكوّن من 535 عضوًا، والذي يقرر من سيكون الرئيس الأمريكي. حتى وإن حصل أحد المرشحين على ملايين الأصوات أكثر من منافسه، فإنه يتعين عليه الحصول على "270 صوتاً" على الأقل في "مجمع الانتخابات" ليصبح رئيساً.
عندما انضم روبرت كينيدي جونيور وتولسي غابارد إلى "حزب ترامب"، اختار العديد من التيار المحافظ الجديد، بقيادة نائب الرئيس الأمريكي السابق ديك تشيني، الانضمام إلى "حزب كامالا هاريس".
كان تشيني جزءاً من فريق التيار المحافظ الجديد الذي قاد غزو أفغانستان والعراق في عهد جورج بوش الابن. وشغلت ابنته ليز تشيني مناصب عليا في فريق القيادة الجمهوري بالكونغرس الأمريكي. وبذلت ليز تشيني جهوداً لإبعاد الحزب الجمهوري عن هيمنة ترامب، وتم إبعادها عن منصب رئيس "المؤتمر الجمهوري" في عام 2021 بسبب خلافاتها مع ترامب.
في وقت سابق، وصفت ليز تشيني كامالا هاريس بأنها "ليبرالية راديكالية" ونقدتها بشدة. من الجدير بالذكر أن مصطلح "الليبرالية الراديكالية" في قاموس النيوكون (التيار المحافظ الجديد) يُعرّف على أنها "يسارية متطرفة".
من هذا المنطلق، فإن إعلان ليز تشيني ووالدها ديك تشيني عن نيتهم التصويت لكامالا هاريس يشكل تناقضاً ملحوظاً. وعلى الرغم من أن العديد من النيوكون (التيار المحافظ الجديد)، بقيادة جون بولتون، أعلنوا أنهم لن يصوتوا لهاريس، إلا أنهم يظهرون معارضة واضحة لترامب. يتم تفسير هذا الموقف على أنه دعم غير مباشر لكامالا هاريس والديمقراطيين.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!