ترك برس

بينما يشتهر العالم بالبحث عن الجمال فوق سطح الأرض، تكشف تركيا عن وجه آخر من روائعها الطبيعية... وجهٌ مدفون في باطن الأرض، حيث تحتضن البلاد أكثر من 40 ألف كهف، تجعل منها واحدة من أغنى الدول عالميًا لعشاق ريادة الكهوف والاستكشافات الجيولوجية.

في هذه المملكة الخفية، تختلط الجيولوجيا بالتاريخ، والعلاج الطبيعي بالمغامرة، والماء بالصخر في لوحات فنية نحتتها الطبيعة على مدار آلاف السنين.

وجهة عالمية لريادة الكهوف

تُعد تركيا جنة حقيقية للمهتمين بريادة الكهوف، فاستكشاف الكهوف السرية فيها مغامرة مثيرة تنقلك إلى عوالم ساحرة تحت الأرض، مليئة بالصواعد والنوازل، والبحيرات الجوفية، والمجاري المائية، والصهاريج العتيقة.

وفي هذا الإطار، فتحت وزارة الثقافة والسياحة التركية 50 كهفاً فقط من أصل أكثر من 40 ألفاً للزيارة المنظمة، وذلك حرصًا على حماية البنية البيئية النادرة لهذه المواقع. وتوزعت الكهوف المفتوحة على النحو التالي: 31 كهفًا متاحًا لعامة الزوار، و12 كهفًا يتطلب دخولها وجود معدات وإشراف مرشدين مختصين، و7 كهوف مخصصة فقط للخبراء المحترفين.

أبرز الكهوف في تركيا: مغامرات تحت الأرض لا تُنسى
كهف داملاتاش – ألانيا

يقع على شاطئ البحر الأبيض المتوسط، وقد تم اكتشافه صدفة عام 1948 أثناء أعمال إنشاء مرفأ بحري. يبلغ طوله 30 مترًا ومساحته 200 متر مربع، ويتميّز بثبات درجة حرارته عند 22 درجة مئوية طيلة العام. يُعرف كمركز مهم للعلاج الطبيعي، بسبب جودة هوائه المملوء بثاني أكسيد الكربون والرطوبة المرتفعة.

كهف إن صويو – بوردور

يأخذك هذا الكهف في رحلة عبر القوارب الصغيرة بين ملايين الصواعد والنوازل. ويضم تسعة أحواض طبيعية تفيض مياهها في الكهف بشكل خلاب، ما يجعله تجربة شاعرية فريدة. يتميز الكهف بجوه النظيف واللطيف، ما يضفي عليه طابعًا هادئًا ومناسبًا للتأمل.

كهف غِلِنديره – مرسين

يقع على منحدر بارتفاع 45 مترًا عن الساحل، ويضم تشكيلات فريدة مثل لآلئ الكهف والترافرتين، إلى جانب الأعمدة والنوازل المعتادة. تم اكتشافه عام 1999 عن طريق راعٍ، ويُعد اليوم من الكنوز الجيولوجية النادرة في تركيا.

كهف قرائن – أنطاليا

يُعرف بكونه أكبر كهف مأهول في تركيا، ويقع في منطقة غنية بالآثار غرب البحر الأبيض المتوسط. يحتوي على بقايا نباتات وحيوانات تعود لعصور غابرة، بالإضافة إلى آثار أقدم إنسان معروف في الأناضول. يُعد موقعًا أثريًا من العصر الحجري القديم، ذا أهمية تاريخية كبيرة للمنطقة والعالم.

كهف جال – طرابزون

يُعرف بأنه ثاني أطول كهف في العالم بمساحة تمتد إلى 8 كيلومترات مربعة. يجري في داخله مجرى مائي صغير تختلف مياهه حسب الفصول، ويُتوَّج الكهف بوجود قلعة تاريخية أعلاه، تضفي عليه بعدًا حضاريًا وسياحيًا في آن.

كهف إلغاريني – قسطموني

بعمق يصل إلى 250 مترًا تحت سطح البحر، يُعتبر رابع أعمق كهف في العالم. يتطلب الوصول إليه السير لمسافة طويلة على طريق شديد الانحدار. أما المكافأة، فهي التمتع بمشاهدة كهف "حيّ" تنمو صواعده ونوازله تدريجيًا، في مشهد طبيعي يبعث على الدهشة والتأمل.

كهف أويلات – بورصة

يقع في مدينة إيناغول بولاية بورصة، ويُعتبر ثاني أكبر كهف في تركيا بطول 665 مترًا. تكوّن طبيعيًا قبل ثلاثة آلاف عام، وتبلغ أعماقه ما يعادل مبنى مكونًا من 40 طابقًا. الرحلة إليه لا تُنسى، إذ تمر عبر مسار طبيعي طويل يأخذ الزوار في مغامرة ساحرة وسط الطبيعة البرية.

تراث طبيعي وسياحي ينتظر المزيد من الاكتشاف

تمثّل الكهوف التركية كنزًا سياحيًا وجيولوجيًا وعلاجيًا ينتظر المزيد من التطوير والاكتشاف، خاصة مع توجه تركيا نحو تعزيز السياحة البيئية والجيولوجية. وإلى جانب كونها معالم طبيعية، تُشكّل بعض هذه الكهوف مواقع تاريخية وأثرية، وتُعد مصادر غنية لدراسة تطور الإنسان والبيئة عبر آلاف السنين.

وتسعى الحكومة التركية حاليًا إلى تحقيق توازن دقيق بين فتح الكهوف للسياحة وحمايتها من التأثيرات السلبية، عبر سياسات تحفظ البيئة الداخلية للكهوف، وتمنع التعدي على محتوياتها الفريدة.

دعوة للمغامرة... ولكن بمسؤولية

تركيا ليست فقط بلد البحر والجبال والتاريخ، بل هي أيضًا عالم خفي من العجائب تحت الأرض، يتطلب من الزوار الاحترام والدقة والوعي البيئي عند زيارته. فإن كنت من عشاق المغامرات أو الباحثين عن الجمال الطبيعي النادر، فإن رحلة إلى كهوف تركيا ستمنحك تجربة لا تُنسى، وربما تغير نظرتك للعالم الذي نعيش فيه – فوق الأرض وتحته.

المصدر: موقع Go Türkiye الترويجي التركي الرسمي

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!