أوكاي غونينسين – صحيفة وطن – ترجمة وتحرير ترك برس

مات الشباب في سوروج، هناك مات الشباب الذين كان لديهم حسّ الإنسانية، وكانوا يسعون إلى مساعدة الناس الذين يعانون من ظروف صعبة. نعم، مات الشباب الذين قدموا إلى سوروج من كل أنحاء تركيا، والذين جمعهم نفس الإحساس بالمسؤولية تجاه المظلومين.

والذي تسبب في هذا التفجير هو شاب أيضا، فهذا الشاب الذي فجّر نفسه، كان يؤمن بأنه لن يدخل الجنة بإحياء الناس، وإنما بتفجير وقتل أكبر عدد منهم سيدخل الجنة، ولم يقتصر الأمر على مقتل هؤلاء، وإنما قُتل أيضا رجلي شرطة تم إطلاق النار مباشرة على رأسييهم.

هناك من يسعى إلى إنشاء مستقبل لهذه الأرض يرتكز على سفك الدماء، وعلى الاضطراب، وعلى الحزن والقلق، وهذا يوعد الناس الذين يعيشون في هذه الدولة، بمستقبل أكثر دموية، وأكثر ألما، وأكثر فاجعة، وبمستقبل مظلم.

ربط مجزرة سوروج بالتفجير الذي حصل في مهرجان حزب الشعوب الديمقراطي في دياربكر، يؤكد تلك الأقاويل وتلك التخمينات، والتي تقول أنّ الذين يسعون إلى سحب تركيا إلى مستنقع الدماء، يسعون إلى تحقيق ذلك عن طريق استخدام القضية الكردية، والمواطنين الأكراد.

ومن الواضح أنهم كانوا يبذلون الغالي والنفيس من أجل منع عملية ترك السلاح بالنسبة للأكراد، بل إنهم يعملون جاهدين من أجل تنفيذ هجمات مسلحة على أهداف تركية، وزيادة تلك الهجمات من أجل تأجيج الناس، وهم قد نجحوا في خطوتهم الأولى على ذلك الطريق، فقد قتلوا رجلي شرطة، وجنديا.

وإذا كان الأكراد أنفسهم يدركون ذلك، ويعلمون أنّ ملف القضية التركية قد تم اختياره ليكون محور هذه العملية التي تهدف إلى النيل من وحدة تركيا واستقرارها، ومع ذلك ترى البعض يساهم وينفذ ما يعزز مثل هذا الاحتمال، فهذا أمرٌ لا يمكن تفسيره أو تبريره على الإطلاق.

أما السياسيون الذين يستخدمون لغة الكره والحقد والاحتقان والغضب، فهم بذلك يقودون الحراك السياسي الكردي إلى الطريق الخطأ، لأنّ مثل هذه السياسة لن تقود إلا إلى زيادة حدة الاحتقان، وإلى زيادة "سفك الدماء"، وهذا ما لا نريده جميعا.

استهداف الارهاب المتشدد الذي يدعي انتمائه للإسلام لمواطنين يهود داخل تركيا، كان يستهدف الدولة التركية بصورة مباشرة، إلا أنّ العديد من الناس اقتنع بأنّ الهدف الحقيقي والأساسي لمثل هذه الهجمات هو استهداف الإنسان اليهودي وليس الهدف منه النيل من تركيا.

وأيضا من يقول أنّ هدف مجزرة سوروج ليس استهداف تركيا، وإنما الهدف منها هو قتل الأكراد، وأنّ هذا الأمر لا يهم الأتراك ولا يعني لهم شيئا، حتى ذهب البعض منهم إلى الادّعاء بأنّ الأتراك يدعمون من قام بهذه المجزرة سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، هو أمرٌ مماثل للاتهامات المتعلقة بقتل اليهود.

الذين يفكرون بهذه الطريقة هم أناسٌ يتغذون على الموت، ويتنفسون الدماء، ويسعون إلى تصفية حساباتهم باستخدام هذه الملفات، لأنّ مجزرة سوروج هو فخ مُحكم لإسقاط تركيا، والذين يقولون غير ذلك ويستخدمون "أما ولكن" ما هم إلا عناصر تساهم في إسقاط تركيا في هذا الفخ، سواء أكانوا يعلمون ذلك أم لا.

عن الكاتب

أوكاي غونينسين

كاتب في صحيفة وطن


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس