
ترك برس
عبر البابا ليو بابا الفاتيكان اليوم الخميس عن أسفه بشأن العدد غير المعتاد من الصراعات الدموية وذلك في أول رحلة يقوم بها خارج إيطاليا كزعيم للكنيسة الكاثوليكية، وحذر من أن العالم يعيش حاليا في خضم حرب عالمية ثالثة تشتعل "على أجزاء" وتهدد مستقبل البشرية. وفقا لوكالة رويترز.
وفي أول خطاب يلقيه في الخارج منذ انتخابه في مايو أيار لقيادة الكنيسة الكاثوليكية التي يقدر عدد أتباعها بنحو 1.4 مليار، قال البابا ليو، وهو أول بابا للفاتيكان من الولايات المتحدة، إن "الطموحات والاختيارات التي تدوس (بالأقدام) على العدالة والسلام" تُزعزع الاستقرار في العالم.
وقال للقادة السياسيين في تركيا إن العالم "يشهد مستوى مرتفعا من الصراع على نطاق عالمي، يغذيه اتباع استراتيجيات الهيمنة الاقتصادية والعسكرية".
* الذكرى 1700 لانعقاد مجمع نيقية
قال البابا، خلال فعالية مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بعد أن عقد اجتماعا خاصا معه، "يجب ألا نستسلم لهذا بأي حال من الأحوال... مستقبل البشرية على المحك".
من جهته قال أردوغان أمام البابا إنه يرحب بموقف البابا الذي يتسم "بالبصيرة" بشأن القضية الفلسطينية وإنه يأمل في أن تكون الزيارة مفيدة للإنسانية في وقت يسود فيه التوتر والغموض.
وفي سبتمبر أيلول، التقى البابا ليو مع الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوج وناقش معه "الوضع المأساوي" في قطاع غزة.
واختار أول بابا أمريكي تركيا ذات الأغلبية المسلمة لتكون أول وجهة خارجية له للاحتفال بذكرى مرور 1700 عام على انعقاد مجمع نيقية الأول الذي أقر صيغة قانون الإيمان الذي لا يزال معظم مسيحيي العالم يتبعونها حتى اليوم.
ووصل البابا (70 عاما) إلى العاصمة أنقرة بعد الظهر بقليل بالتوقيت المحلي (0900 بتوقيت جرينتش) في زيارة حافلة بالفعاليات تستمر ثلاثة أيام قبل أن يتوجه إلى لبنان.
وستجري متابعة الزيارة عن كثب إذ سيلقي البابا خلالها أول خطاباته خارج الفاتيكان ويزور مواقع ثقافية حساسة.
* اهتمام عالمي بالرحلات البابوية الخارجية
في حديثه إلى الصحفيين على متن الطائرة القادمة من روما، قال ليو إنه يريد استغلال رحلته الأولى للحث على السلام في العالم، وتشجيع الناس من شتى الخلفيات على التعايش معا في وئام.
وقال البابا في بداية رحلة الطيران التي استغرقت ثلاث ساعات "نأمل أن... نعلن وننقل ونظهر مدى أهمية السلام في جميع أنحاء العالم... وأن ندعو جميع الناس للتكاتف، للبحث عن وحدة أكبر ووئام أعظم".
وأصبحت الرحلات الخارجية جزءا أساسيا من مهام الباباوية الحديثة، إذ تجذب اهتمام العالم من خلال لقاءات تحضرها حشود تصل أحيانا إلى الملايين، وخطابات في السياسة الخارجية، ومبادرات دبلوماسية دولية.
وقال ماسيمو فاجولي وهو أكاديمي إيطالي يتابع أنشطة الفاتيكان لرويترز "إنها رحلة مهمة للغاية لأننا لا نعرف الكثير حتى الآن عن وجهات نظر ليو الجيوسياسية، وهذه هي أول فرصة كبيرة له للتعبير عنها".
* البابا يجتمع مع البطريرك الأرثوذكسي
انتخب البابا ليو في مايو أيار لخلافة البابا الراحل فرنسيس. وكان ليو مغمورا نسبيا على الساحة العالمية قبل انتخابه، فقد أمضى عقودا مبشرا في بيرو ولم يصبح مسؤولا في الفاتيكان إلا في 2023.
وخطط البابا الراحل فرنسيس لزيارة تركيا ولبنان لكنه لم يتمكن من ذلك بسبب تدهور حالته الصحية.
وقال البابا الراحل فرنسيس، الذي قاد الكنيسة الكاثوليكية على مدى 12 عاما، مرارا إن الصراعات المشتعلة في أنحاء العالم تعكس حربا عالمية جديدة "على أجزاء" ودعا لإنهاء الحروب في غزة وأوكرانيا والعراق وسوريا وفي دول أفريقية من بين صراعات أخرى.
وسيتوجه البابا ليو مساء اليوم الخميس إلى إسطنبول، مقر البطريرك برثلماوس، الزعيم الروحي لنحو 260 مليونا من المسيحيين الأرثوذكس حول العالم.
ورغم الانقسام بين الكنيستين الأرثوذكسية والكاثوليكية في عام 1054، فإن الروابط بينهما تعززت عموما في العقود القليلة الماضية.
ويسافر البابا ليو وبرثلماوس غدا الجمعة إلى إزنيق، على بعد 140 كيلومترا جنوب شرقي إسطنبول والتي كانت تعرف باسم نيقية، حيث صاغ رجال الكنيسة الأوائل قانون إيمان نيقية الذي يحدد المعتقدات الأساسية لمعظم المسيحيين اليوم.
وعلى متن الطائرة إلى أنقرة، قدم صحفيان للبابا الأمريكي فطائر اليقطين، وهي من الأطعمة الأساسية في عطلة عيد الشكر في الولايات المتحدة التي تصادف أيضا اليوم الخميس.
* السلام في لبنان
من المتوقع أن يكون السلام موضوعا رئيسيا للبابا ليو خلال زيارته للبنان التي تبدأ يوم الأحد. وتعيش في لبنان أكبر نسبة من المسيحيين في الشرق الأوسط.
ويعاني لبنان من تداعيات للحرب في قطاع غزة. ويوم الأحد الماضي، قتلت إسرائيل القائد العسكري الكبير في جماعة حزب الله هيثم علي الطبطبائي في غارة جوية على الضاحية الجنوبية في بيروت على الرغم من اتفاق وقف لإطلاق النار المبرم العام الماضي بوساطة أمريكية.
وقال المتحدث باسم الفاتيكان ماتيو بروني يوم الاثنين إنه يجري اتخاذ الاحتياطات الأمنية اللازمة لضمان سلامة البابا في لبنان، لكنه لم يعلق بشأن التفاصيل.
ويشعر الزعماء في لبنان، الذي يستضيف مليون لاجئ سوري وفلسطيني ويكافح أيضا للتعافي من أزمة اقتصادية مستمرة منذ سنوات، بالقلق من أن تصعد إسرائيل ضرباتها بشكل كبير في الأشهر المقبلة ويأملون في أن تجلب زيارة البابا الاهتمام العالمي إلى البلاد.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!










