عاكف إمري - صحيفة يني شفق – ترجمة وتحرير ترك برس

يحب كثير من الناس ربط أي احداث تحصل في الأوساط التركية بالخارج، قد يكون لأسباب شخصية او غيرها، لكن ذهنية وعقلية اتهام الأطراف الخارجية دائمة حاضرة بالصورة، فبسبب المكان الاستراتيجي والتاريخ العريق لهذه المنطقة وبسبب التكتيكات الاستراتيجية التي تحكم سياسيات دول الشرق الأوسط والدول العظمى نرى ان عملية تفسير الوقائع بنظريات المؤامرة شيء طبيعي، فهل حقا يوجد هنالك حسابات دولية في الساحة التركية؟

بعد الحرب الباردة أصبحت الساحة السياسية في اسيا تعيش فراغا سياسيا، وارادت انقرة ان تستغل الفرصة وتملئ هذا الفراغ؛ لكن حربها الداخلية مع مليشيات حزب العمال الكردستاني جعلها منغلقة على نفسها وتفوت الفرصة، فالنداء التركي كان يصبو الى ان يُسمع اسيا من غربها الى شرقها حتى يصل سور الصين العظيم؛ لكن أفعال حزب العمال الكردستاني اعاقت تلك الاماني.

من بداية الالفية الجديدة واستلام حزب العدالة والتنمية زمام الأمور انتقلت تركيا نقلات نوعية في اقتصادها وسياستها حتى دفعت دول عالمية الى تبنيها كنموذج للدولة الإسلامية المعاصرة، وكان الغرب ينظر الى تركيا بهذا المنظور بالإضافة الى ما يمكن ان تلعبه كمركز من مراكز الطاقة على مستوى العالم؛ فتركيا تعتبر حلقة وصل لخطوط الطاقة المنطلقة من اسيا الى الدول الغربية.

في الأيام القليلة الماضية رأينا وما زلنا نرى وسائل الاعلام المختلفة تؤدي ادورها المشبوهة، فتقوم بتغطية احداث في إطارات معينة ومدروسة تجعل الحليم حيرانا فيظن ان دول عظمى معينة وباستخدام مخابراتها وايديها الاثمة في الساحة تسعى الى تربية وتأديب تركيا!

بعد خدمات حزب العدالة والتنمية لتركيا ونقلها الى العالمية نرى الايدي الخبيثة وهي تعبث بالمشهد الإعلامي لتحاول تلبيس كل الجرم للعدالة والتنمية، فبمساعدة المخابرات العالمية يسعون الى نسب فشل مباحثات السلام مع الاكراد الى اردوغان وحزبه. يريدون اشغال تركيا بحزب العمال الكردستاني حتى تترك دورها في المنطقة، وبالتالي يستطيعون رسم ما يشتهون في المشهد السوري دون المارد التركي الذي يعملون الى عزله.

يسعون الى شرعنه وجود التنظيم الإرهابي حزب العمال الكردستاني بين تركيا وسوريا بشرعنة دعمه في حرب الأخير على داعش، ويزيدن في ذلك بعقد الاتفاقيات العلنية والمخفية مستفيدين من كل التوازنات في المنطقة، فيستفيدون من الاتفاق النووي وما حمله من تغييرات جوهرية في أدوار رئيسية لأطراف الصراع، ويستفيدون كذلك من محور مصر وموقفها من المشهد السياسي، وكذلك من موقف محور قطر والسعودية.

يتحركون بسرعة في كل ارجاء المنطقة في إطار تحريك التوازنات والاستفادة منها ومن القوى الإقليمية والمليشيات الإرهابية مثل داعش وحزب العمال الكردستاني؛ ويهدفون من كل هذا الى تربية وتأديب تركيا ومن ثم تنفيذ اجنداتهم في المنطقة. وفي مواجهة كل هذه الهجمة والقوى يجب علينا ترك أسلوب الانفعال والغضب والتمسك بالهدوء والعقل حتى نستطيع مشاهدة ومعينة المشاكل لنجد من بعدها الحلول الحقيقية.

عن الكاتب

عاكف إمره

كاتب في صحيفة يني شفق


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس