نهاد علي أوزجان - صحيفة ملييت - ترجمة وتحرير ترك برس

مرت سنوات طويلة على انتهاء الحرب الباردة، لكن تأثير الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا في أزمات المنطقة ما يزال مستمرا، وعندما يتفقان يصبح تجاوز هذه الأزمات أكثر سهولة، كما هو الأمر في سوريا.

عند اتفاق الولايات المتحدة الأمريكية مع روسيا حول مسألة استخدام بشار الأسد للأسلحة الكيماوية ضد معارضيه في سوريا، نجحوا في تجاوز تلك الأزمة، حيث بقي الأسد في مكانه مقابل تسليم تلك الأسلحة، وما يزال الأسد يحافظ على عرشه من ذلك الحين، برغم مروره بأيام عصيبة.

الأزمة التي تلت حل أزمة الأسلحة الكيمياوية كانت مسألة زيادة قوة داعش وتأثيرها في الحرب الأهلية السورية والتي غيرت مجراها، وأصبحت داعش منبع قلق مشترك بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية، بسبب عدم قدرتهما على إضعافها، وبالتالي الحيلولة دون إيجاد "صديق" لهما في سدة الحُكم، لأنّ كلا الطرفين يدركان أنّ سقوط نظام الأسد، يعني حصول حالة من الفوضى، وحينها ستسدّ الجماعات المتطرفة فراغ الحُكم.

علينا أنْ لا نرى الأحاديث التي تتعلق بتقارب وجهات النظر أكثر فأكثر مع مرور الوقت بين أمريكا وروسيا على أنها أحاديث مبالغ فيها، لأنّ كلا الطرفين على ما يبدو توصلوا لقناعة بأنّ جيش الأسد هو العنصر الأمثل لمحاربة داعش بريا، ولهذا لم يكن هناك اعتراض كبير على تقديم روسيا دعما لسوريا بالسلاح وبالمدربين العسكريين، وتصريحات أمريكا في هذا الشأن كانت تحمل دلالات "متفهمة" لهذا الأمر.

إيران سعيدة بالتطورات الحاصلة في سوريا، ولا ترى اليوم حاجة في إخفاء حقيقة أنّ نظام الأسد "خط أحمر" بالنسبة لمصالحها الجيوسياسية ولصالح علاقاتها بحزب الله. وفي المقابل نرى صمتا أوروبيا حول الحديث عن النقاشات العسكرية والتطورات العسكرية الحاصلة في سوريا، لأنّ أوروبا حاليا تنظر إلى القضية من نافذة اللاجئين، كما كانت تنظر إليها قبل مدة قصيرة من نافذة الإرهاب.

وانطلاقًا من مبدأ إيجاد "حل سياسي" سريع للقضية السورية، فإنّ غالبية الأطراف – على ما يبدو - لن تعترض على أنْ يكون الأسد جزء من الحل السياسي. لكن المشهد أكثر تعقيدا بالنسبة لتركيا، لأنّ أمريكا لا تدعم مقترح تركيا بإيجاد منطقة آمنة لإيواء اللاجئين وتدريب عناصر المعارضة، وهذا ما أعرب عنه مسؤول الشرق الأوسط في مجلس الشيوخ الأمريكي الجنرال لويد اوستن بقوله إنّه "لن يكون هناك طلب لإنشاء منطقة آمنة"، وهو بذلك لا يعبر عن وجهة نظره الشخصية فحسب، وإنما عن رأي النظام الأمريكي.

وفي ظل هذه الظروف، لن تستطيع تركيا تحقيق هدفها بإنشاء "منطقة آمنة" إلا باستخدام قوتها العسكرية وإمكانياتها، بعيدا عن التعاون الأمريكي والروسي، والسؤال هنا "لأي هدف سياسي" سيكون ذلك؟

عن الكاتب

نهاد علي أوزجان

كاتب في صحيفة ملييت


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس