نهاد أوزجان – صحيفة ملليت – ترجمة وتحرير ترك برس

الجدال المزمن حول قضية الادّعاءات الأرمنية بخصوص ارتكاب الأتراك مجزرة بحقّهم عام 1915، عادت لتتصدّر أجندة الدّولة في هذه الأثناء. فعدد الدّول التي تدّعي ارتكاب الأتراك مجزرة بحقّ الأرمن وصلت إلى ثلاثة وعشرين دولة، بعد أن كان عدد هذه الدّول اثنين وعشرين.

الفاتيكان ومن ورائه البرلمان الأوروبي، يسعون في هذه الآونة إلى اغتنام فرصة النّقاشات الدّائرة حول الادّعاءات الأرمنية لزيادة العداء العالمي ضدّ الدّولة التركية. فبعد هذه التّصريحات التي أدلى بها الزّعيم الرّوحي للعالم الكاثوليكي، علينا أن نتدارس الآثار الدّينية والسياسية التي خلّفتها هذه التّصريحات.

إنّ الدّول التي قبلت بالمزاعم الأرمنية التي تدّعي ارتكاب الأتراك مجزرة جماعية بحقّهم، هم الدّول التي تبني سياساتها على أساسٍ عرقي. لكن عقب اعتراف الفاتيكان وإقراره بحدوث مجزرة داخل الإمبراطورية العثمانية بحق الأرمن، أدّت إلى أخذ هذه القضية مجرى مختلف. وعندما يتحدّث الفاتيكان ويبدي تأييده للمزاعم الأرمنية، علينا إعادة النّظر في هذه القضية، آخذين بعين الاعتبار الحملات الصليبية ضدّ الجغرافية الإسلامية.

تصريحات الفاتيكان الأخيرة وإقراره بارتكاب الأتراك لهذه المجزرة، سوف تشجّع عدداً من السياسيّين والدّول على الاعتراف بهذه المجزرة المزعومة على أنّها حدثت بالفعل. وخاصّة تلك الدّول الخاضعة لحكم الكنيسة الكاثوليكية. فلا أحد يستغرب إن ظهرت موجة من العداء الدّيني خلال الأيام القادمة. ومن جهة أخرى لا أستبعد أن تأخذ الصّراعات الحالية منحاً ديني، حيث من المحتمل أن تتهجّم الدّول على بعضها البعض تحت ذرائع دينية. ولا توجد أي ضمانات تضمن بأن لا يؤثّر هذا الوضع على العلاقات بين العالمين الإسلامي والمسيحي. وخاصّة مع ازدياد حدّة التّطرّف الدّيني في منطقة الشّرق الأوسط وتعاظم قوّة الجماعات الإرهابية التي تتخذ من الدّين  ذريعة لتحقيق مأربها في هذه المنطقة.

تصريحات البابا فرانسيسكو الأخيرة، لن تضرّ بالعلاقات التركية الأرمنية فحسب، إنّما ستطال العلاقات الأرمنية والأذربيجانية أيضاً. فالبابا فرانسيسكو يريد محاسبة تركيا على المجازر المزعومة التي لم يتم إثباتها بعد بالدّلائل التّاريخية المدوّنة، إلّا أنّه بهذه التّصريحات غير المسندة، أعطى الشّرعية للاغتيالات التي قامت بها المنظّمات الإرهابية الأرمنية (ASALA) ضدّ الدّبلوماسيّين الأتراك عام 1970 وما بعدها.

النقاشات الدّائرة حول المزاعم الأرمنية وتنظيم (PKK)

إنّ ممّا يثير العجب في الدّاخل التركي أنّ رجلاً يدّعي أنّه يدافع عن حقوق الأكراد مثل "صلاح الدّين ديميرطاش" يبدي دعمه وتأييده لتصريحات البابا. وكذلك يفعل أيضاً معظم أعضاء حزب الشّعوب الدّيمقراطي ممّن يساندون تنظيم (PKK) الإرهابي. إنّ تنظيم حزب العمال الكردستاني ومن يساندونه من السياسيّين، يحاولون إحراج الدّولة التركية في المحافل الدّولية من أجل الاستفادة من هذا الوضع وتحقيق أهدافهم. إلّا أنّهم لا يدركون أنّ مواقفهم هذه ستؤثّر على المدى البعيد في العلاقات بين الشّعبين التركي والكردي داخل تركيا وأنّ هذه المواقف ستؤدّي إلى زيادة النّفور بينهما. وبالإضافة إلى ذلك، فإنّ موقف القيادات الكردية من المزاعم الأرمنية سيؤدّي إلى تضارب بين الأكراد أنفسهم، حيث من غير المعقول أن يقبل الأكراد المتديّنون بتصريحات البابا الأخيرة التي نبعت عن حقدٍ ديني على الإسلام لا أكثر.

عن الكاتب

نهاد علي أوزجان

كاتب في صحيفة ملييت


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس