جلال سلمي - خاص ترك برس

أصبح الكثير من الباحثين السياسيين والاقتصاديين حول العالم يربطون تقدم وتطور واستقرار تركيا بحزب العدالة والتنمية الذي نقل تركيا نقلة نوعية بعد تسلمه مقاليد الحكم عام 2002 حيث جعلها من ضمن الدول المتقدمة صناعيًا وتجاريًا وعسكريًا وسياسيًا وثقافيًا.

وأعلن حزب العدالة والتنمية عام 2011 رؤيته الاستراتيجية 2023 والتي يهدف من خلالها إلى جعل تركيا من ضمن الدول العشرة الأقوى عالميًا وفي كافة المجالات دون استثناء، يبدو بأن جميع هذه الإجراءات والخطط التطويرية لحزب العدالة والتنمية جعلته حزبًا ذي اعتبار عالي لدى الباحثين السياسيين والاقتصاديين الأتراك والأجانب لدرجة جعل الكثير منهم يربط تقدم تركيا وتطورها به خاصة بعد تحقيق تركيا تقدم غير مسبوق في جميع المجالات.

ويُناقش الباحث السياسي إتيان محجوبيان هذا الموضوع من خلال دراسة أكاديمية له بعنوان "إمكانية تحقيق تقدم في تركيا بدون حزب العدالة والتنمية" نُشرت بتاريخ 29 تشرين الأول/ أكتوبر 2015، ويستهل محجوبيان دراسته بالإشارة "إلى أن حجم التقدم والتطور والتنمية الذي قدمه حزب العدالة والتنمية لتركيا جعل تقدمها مُرتبطًا به بشكل متوازي، حيث أصبح العديد من الأفراد حول العالم وحتى الأكاديميين والباحثيين السياسيين والاقتصاديين يرون بأنه لا يمكن لتركيا التقدم إلا من خلال حزب العدالة والتنمية الذي نقلها نوعية لم يستطع أي حزب سابق تحقيقها".

ويشير محجوبيان بأنه "في حال تقييم هذه النتيجة في إطار العلاقة السببية نجد بأن السبب الرئيسي لتحقيق حزب العدالة والتنمية نتيجة التقدم والتطور غير مسبوق هو اقتناع قادته التام بأنه لا يمكن الاستمرار في إدارة البلاد كحزب السياسي إلا من خلال المصداقية في تطبيق الوعود المُقدمة للشعب، ومن باب رغبة قادة هذا الحزب الجادة في خدمة تركيا وشعبها بعد شهادتهم لحجم الويلات الاقتصادية القاسية التي ذاقها الشعب منذ تأسيس الجمهورية التركية وحتى عام 2002 سعوا جاهدين من أجل إحداث تغيير في الوضع العام لتركيا".

ويوضح محجوبيان بأن "المصداقية الوجدانية كافية لوحدها لجعل القادة السياسيين يحاولون تحسين الوضع العام لبلادهم وشعبهم، ولا بد من وضع مثال لطرفين سياسيين تسلما الحكم معًا ولكن في دول مختلفة؛ هذان الطرفان هما حزب الدعوة والائتلاف المشارك معه في العراق وحزب العدالة والتنمية، على الرغم من تسلم الطرفان في نفس الوقت تقريبًا إلا أن العراق ما زال إلى اليوم يعتمد على البنية التحتية والقوانين والخطط التقدمية التي كانت سارية في زمن صدام حسين ولم يُحدث إلى اليوم أي تقدم ملموس للعراق، بل أصبح العراق أكثر سوءًا مقارنة بعهد صدام حسين، ولكن بعد تسلم حزب العدالة والتنمية للحكم في تركيا حولها عاصمة سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية لمنطقة الشرق الأوسط، والسبب في ذلك هو الولاء الوجداني من قبل قادة تركيا لتركيا وشعبها دون أي تمييز، على النقيض من الولاء الحزبي والطائفي من قبل قادة حزب الدعوة لأطراف طائفية تُميز بشكل مذهبي بين أطياف المجتمع".

ويؤكد محجوبيان في دراسته بأنه "لا يهدف إلى الخدش بالصورة العامة للعراق أو التهجم على قادته ولكن السياسة المقارنة تكون أقرب لإثبات سر ارتباط تقدم تركيا بحزب العدالة والتنمية، من خلال مقارنته بحزب الدعوة  الذي استلم العراق في ظل ظروف قريبة لظروف تركيا، ولكن على الرغم من افتقار تركيا للنفط إلا أن حزب العدالة والتنمية استطاع أن يوصلها إلى القمة، بينما على الرغم من احتواء العراق على ثروات النفط إلا أن حزب الدعوة لم يحسن إدارة هذه الثروة في تحسين الوضع العام للعراق وجعل جميع مواطنيه سواسية بعيدًا عن التفرقة الطبقية أو التمييز الطائفي".

وفي شأن متصل بالموضوع يبين الباحث السياسي أمين بازارجي، في مقال سياسي له بعنوان "القوميون وحزب العدالة والتنمية" نُشر بتاريخ 29 تشرين الأول/ أكتوبر 2015 في جريد أقشام التركية، بأنه "بعد ارتباط تقدم تركيا بحزب العدالة والتنمية أصبحت القوى الخارجية المُعادية لتقدم تركيا تحاول بكل ما بوسعها إبعاد حزب العدالة والتنمية عن سدة الحكم كي يتمكنوا من إرجاع تركيا إلى وضعها السابق حيث التبعية السياسية والاقتصادية والثقافية لهم، وللأسف تستخدم هذه القوى بعض العناصر الداخلية في تركيا لتنفيذ سياستها، ولكن حزب العدالة والتنمية حزب ذو كادر سياسي قوي على وعي تام بما يجري حوله وأعتقد بأنه لن يُمكن هذه القوى من تحقيق هدفها في إرجاع تركيا إلى وضعها السابق بل سيستمر في خدمة دعوة التقدم حتى آخر رمق، وذلك لأن قادته وأنصاره يسيرون على أساس الارتباط الوجداني في خدمة تركيا وشعبها ومن يسير بهذا النهج لا يرضخ لهذه الخطط الاستعمارية بشكل يسير".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!