سولي أوزيل - خبر ترك - ترجمة وتحرير ترك برس

يوم غد سيعقد قمة دول حلف شمال الأطلسي. ففي هذا الصدد قال سفير الولايات المتحدة الأمريكي الأسبق في الحلف "نايك بورنس" إن الاجتماع الذي سيعقد يوم غد سيكون الأهم في تاريخ الحلف منذ 65 عاما. حيث سيناقش فيه الحلف الأزمة الأوكرانية وأزمة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا. بالإضافة إلى مناقشة الأزمة الأفغانية التي أوشكت على الانهيار مرة أخرى. وسيسعى لإيجاد مخرج لكل هذه الأزمات. كما سيعمل الحلف جاهدا من أجل التعريف بنفسه، من خلال تبني وظيفة فعالة لمواجهة هذه الأزمات. وسيقوم الحلف بالتشاور مع الاتحاد الأوروبي فيما إذا كانوا يرغبون في لعب دور أساسي في النظام العالمي.

ومن المعلوم للجميع أن تركيا بلد عضو في هذا الحلف. كما أن من المعلوم أيضا أن تركيا عندما تواجهها أزمة ما، تبادر إلى الاستعانة بالقدرات الدفاعية للدول الحليفة في الناتو.

خلال الفترة الماضية، كشفت مجلة "دير شبيغل" الألمانية أن ثلاثة دول حليفة في الناتو والتي تتمتع بعلاقات وطيدة مع تركيا، قامت بالتجسس على أركان الدولة التركية واستطاعت أن تحصل على معلومات مهمة. ومن البديهي وأمام هذا الوضع، لا بد أن تتسائل بعض الفئات التي حبست نفسها أمام وسائل الإعلام عن المصدر الذي قام بتسريب هذه المعلومات.

وبكل الاحوال فإن هذا الموضوع له عدة أبعاد.

البعد الأول يتمثل في عدم القدرة على منع تجسس كلا من الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا وإنكلترا لتركيا. وهذا يعني بطبيعة الحال، إن هذه الدول تستطيع أن تمتلك وقت ما تشاء معلومات عن تركيا أكثر من أي مواطن أو صحفي تركي.

 أما البعد الثاني فيكمن في تصريحات الإدارة الألمانية بعد فضيحة عملية التجسس.

 فكلنا تنذكر تصريحات المستشارة الألمانية "أنجيلا ميركل" عندما قام "إدوارد سنودن" بتسريب وثائق الاستخبارات الأمريكية التي كشفت عن قيام الاستخبارات الأمريكية بالتنصت على هاتف المستشارة منذ عام 2002. حينها قالت ميركل إن الأصدقاء لا يتجسسون على بعض. فرد عليها الرئيس أوباما قائلا إن هذا الشيء لن يتكرر بعد. لكن استمرار الاستخبارات الأمريكية بالتجسس ظهر عندما اكتشفت الاستخبارات الألمانية أن الولايات المتحدة مازالت تتنصت على الألمان. فتأزمت على أثر ذلك الحدث علاقات البلدين. إذ نلاحظ هنا أن الألمان قاموا بتهدئة الوضع مع الأمريكان بقولهم إن الأصدقاء لا يتجسسون على بعضهم.

أما فيما يخص الجانب التركي. فعندما قامت السلطات التركية بتذكير الألمان بأن الأصدقاء لا يتجسسون على بعض، قالت السلطات الألمانية إن تركيا دولة حليفة وليست دولة صديقة.

باختصار, ربما لم يعتبر الألمان الأتراك كأصدقاء لهم بسبب العلاقات المتوترة بين زعيمي البلدين، ولربما استندوا في رفض الصداقة التركية إلى المعلومات التي حصلوا عليها من عمليات التجسس منذ عام 2009.

وبحسب ادعاءات مجلة "شبيغل" الألمانية. فإن الاستخبارات الأمريكية التي كانت تتظاهر بأنها تتعاون مع تركيا ضد تنظيم "بي كي كي PKK"، هي أيضا  بدورها اعتبرت تركيا أنها شريكة ومستهدفة في نفس الوقت.

أما البعد الثالث، فيكمن في اللامبالاة من قبل الإدارة التركية. حيث لم يقم المسؤولون بتقديم إيضاحات للرأي العام التركي بخصوص هذا الموضوع. فيما نجد أن بعض الدول الأخرى التي تتعرض لعمليات تجسس من قبل الاستخبارات الأمريكية، تبدي استياءا شديدا سواء من قبل المسؤولين أو عن طريق الإعلام. لكن الإدارة والإعلام التركي لم يحرك ساكنا حيال هذا الأمر. فعندما سئل الرئيس عبد الله غُل عن هذا الوضع، قال إن تركيا قادرة على حماية نفسها بشكل جيد ولم يزد على ذلك شيء.

هنا أود الإشارة إلى المقال الذي كتبه "دينيز زيرك" في صحيفة حرييت. حيث قال إنه من خلال علاقة تركيا مع الحلفاء، والمشاكل الهيكلية التي تعاني منها في أجهزة الاستخبارات والقدرة التقنية الضئيلة، جعلت من تركيا هدفا سهلا للدول الأخرى.

حتى هذه اللحظة لا يمكنني معرفة السبب الحقيقي الذي يكمن وراء وضع تركيا تحت هذه الرقابة الشديدة. ولكني أتوقع أن نوعا من عدم الثقة قد بدأت تظهر بين هؤلاء الحلفاء.

ربما كان سبب فقدان الثقة بين هؤلاء الحلفاء هو تبني تركيا سياسة مختلفة عن سياسات تلك الدول بخصوص الشأن السوري، وعلاقة تركيا بتنظيم الدولة الإسلامية والتصريحات الأيديولوجية الحادة التي تصدر عن بعض المسؤولين الأتراك.

وقد كتب "بورنز" مؤخرا مقالا نشرته صحيفة "فايننشال تايمز" بخصوص الشرق الأوسط، جاء فيه قوله "إن على الرئيس باراك أوباما إقناع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بمنع تهريب الدولة الإسلامية للبترول عبر الأراضي التركية".

لندع الخطاب الحضاري المهيمن على جدول أعمال تركيا جانبا. فإن تدفق الامور بهذا الشكل والحقائق الموضوعية يجبر الإدارة التركية على اتخاذ قرارات مهمة حيال استراتيجيتها الغربية.

عن الكاتب

سولي أوزيل

كاتب في موقع خبر ترك


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس