علي نور كوتلو – يني شفق - ترجمة وتحرير ترك برس

الفرح الذي ساد شوارع العالم الإسلامي بعد نتائج الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني قد يكون فاق تلك البهجة التي عمت تركيا، فالأمم المظلومة وتلك التي عقدت آمالها على تركيا بكت لفوز حزب العدالة والتنمية، بكت فرحا، بكت لتداوي جراحها بالأمل. فاسم رئيس الجمهورية التركية رجب طيب أردوغان يحتل في قلوبهم مكانة كبيرة قد لا يكون يحتلها في قلب الشارع التركي.

لسان حال اللاجىء السوري يقول ماذا لو فاز حزب الشعب الجمهوري؟ لا بد أن قلب اللاجىء السوري في تركيا ضاق خوفا من أن يخسر حزب العدالة والتنمية الانتخابات، وقد يكون لم تغمض له عين طوال ليالي الانتخابات من قلقه وخوفه من أن يُطرد من ملجئه فيما لو فاز تحالف حزب الشعوب الديموقراطي وحزب الشعب الجمهوري. ففي ليلة الانتخابات كان اللاجؤون السوريون أول أولئك الذين لم يرفعوا رؤوسهم من السجود متمتمين بالدعاء؛ فبعد أن طُردوا من بيوتهم ظنوا انهم سيطردون من ملجئهم ومن الحضن الأبوي مرة ثانية ولذلك هم الأكثر فرحا وشكرا لله على الفوز.

في غزة احتفالات بعربات الخيل

أما الصور التي أتت من فلسطين فقد أبكتنا، غزة التي تقبع تحت الحصار الجائر والتي تعيش يوميا دراما التجويع والسفالة، احتفل أهلها وجابوا شوارع المدينة بعربات الخيل وهم ممسكون بالعلم التركي؛ هناك في فلسطين حيث الشعب مجبر ومحكوم بالعيش متخلفًا عن الزمن الحالي بمئة عام ما زالت عربات الحمير والخيل قيد الاستخدام. كم من الأفئدة الفلسطينية لهجت بالدعاء سواء في غزة أو رام الله أو المسجد الأقصى وكم من العيون فاضت بالدمع، فالفلسطينيون أيتام الأمة لو لم يكن أردوغان موجودا اليوم لكانوا أيتاما حقيقيين وبلا كفيل أو وكيل؛ فكم من دولة أو قائد في هذا العالم الإسلامي مثل أردوغان وأحمد داود أوغلو يتعامل مع القضية الفلسطينية بكل إخلاص وصدق، لعل الفلسطينيين فرحوا بقدر فرحة السوريين ولفرحهم نحن بكينا، لأن نرى إخوتنا في في الأفق البعيد محكومين بنار الأسر دون أن تفعل الإنسانية شيئًا لهم كفيل ليجري الدمع في مُقلنا.

القاهرة امتلئت بالأمل من جديد

أزقة مصر عجت بالأمل مرة أُخرى، وليس أزقة مصر فقط وإنما شوارع إسطنبول وأزقة ألمانيا وإنجلترا وأمريكا حيث أعضاء الإخوان المسلمين الذين هُجروا عن وطنهم سجدوا شكرا لله العزيز، وأصوات فرحهم الممزوجة بنغمات الحزن تآخت مع باقي المدن وشاركتها تهليلات الشكر.

التركمان في العراق، الكرد في أربيل، البوشناق في البوسنة، الشيشان في القوقاز ومسلمو الروهينجيا في ميانمار وأتراك الأويغور في الصين، والليبيون والتوانسة والسودانيين والكينيون والصوماليون في أفريقيا وجميع أنحاء العالم الإسلامي رأينا صدى الفرح وسمعنا البهجة بهذا الفوز.

كلٌ منهم كان هذا النصر وهذه النهاية جرعة أمل أضافها إلى حكايات الآمهم ومعناتهم، وفي نفس كل منهم بُعث الإيمان من جديد بأن نصر الله أكيد وكل منهم زاد إيمانه بأن الفرح والبهجة ستعم المسلمين جميعا وسيكون يومنا عندما ينتصر هو في صراعه.

هل فهمت الآن أي مسؤولية تحمل!

بانتصارنا هذا كأن الشمس سطعت من جديد على العالم الإسلامي بعد أن غطته السحب السوداء وعصفت فيه رياح الألم والحزن وأمطرته زوابع الفرقة، فأصبحنا كأننا نجمة وحيدة لامعة في هذه السماوات الحالكة، وكأننا شعاع من الأمل أُشعل من جديد، منحنا هذا الشعاع القوة، الأمل، الطاقة، والعزم لنخوض صراعاتنا.

فهل فهمت الآن أن هذه الأمة العزيزة وبانتخابات الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني قد وقعت على أحد أهم قراراتها، هل فهمت تحت أي مسؤولية نرضخ الآن. فنحن نقف في المكان الذي سقط فيه آخر السناجق (البيارق) في المنطقة التي تهوي لها كل الأفئدة في إسطنبول التي  ما زالت إلى الآن المكان الذي يمنح الأمل. هل فهمت الآن ماذا لو أن إسطنبول سقطت مرة ثانية كما سقطت عام 1918م، عندها ما كان العالم الإسلامي سيستعيد قواه لمئة عام قادمة.

لا مزاح في هذا الموضوع يا إخوتي، نحن مجبرون على أن نكون مثالًا يحتذى للعالم الاسلامي وأن نصارع الغرب ونحمي دولتنا، وأن نصل الليل بالنهار عملا لتحقيق ذلك؛ ففي ذممنا دين بالعمل أكثر والصراع أكثر.

لا مزاح في هذه الأعمال، لولا القليل كانوا سيسقطوننا، لنكن مثالًا لكل العالم بالأخلاق والفكر وقوة الجسد ولنكن تلك الدولة القوية في جميع الأصعدة بما فيها الدبلوماسي والعسكري والاقتصادي.

ولأجل ذلك يجب أن نفر من أي وسط يثير الفتن، ونبتعد عن أي إنسان محب للنميمة والغيبة وأن نقبل أن نضحي بأنفسنا من أجل سكينة وأمن الدولة ووحدة الأمة.

عن الكاتب

علي نور كوتلو

كاتب في صحيفة يني شفق


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس