وداد بيلغين - صحيفة أكشام - ترجمة وتحرير ترك برس

تحت ظل التوتر المشهود بين روسيا وتركيا فإن ذلك يظهر التغير التاريخي لهذه الدولتان، اللتان تمتلكان أقدم تراث إمبراطوري في الدنيا، وفي هذا العصر العولمي شب اختلاف بينهما وفي نفس الوقت كل إمبراطورية منهما هي ذات اتجاه ديني مختلف.

عندما أرادت روسيا بعد مئة سنة من تغير خارطة الشرق الأوسط أخذ مكان سياسي لها كان جواب تركيا كالتالي: "بعد الآن لن ترسم الحدود الجغرافية رغما عني، ليس لأنني أملك علاقات تاريخية هنا وحسب بل لدي تجاه هذا الشعب مسؤوليات".

"نحن نعيش تغير التاريخ،  قبل  حوالي 100 سنة كانت هناك إمبراطوريتان زراعيتان تركيا وروسيا، وبعد انقضاء القرن العشرين الحافل بالمجازفات التاريخية المختلفة جاء القرن الحادي والعشرين ذو الصبغة الإمبريالية الذين يريدون إظهارها".

العيش في الخيال

بعد الاتحاد السوفيتي كانت أكبر مشكلة لدى روسيا هي الاقتصاد أي كيفية تكوين اقتصاد جديد مواكب للتطورات العالمية، في الحقيقة كانت روسيا تعاني من مشاكل سياسية أكثر من الاقتصادية.

كان هدف أغنياء روسيا الانتقال من الاقتصاد الاجتماعي إلى الاقتصاد الحديث حتى كانوا غير مترددين بترك الدول الرأسمالية في الخلف ونقل الرأسمالية إلى دولتهم، وبهذا الشكل  نشأت الأفكار والأيديولوجيات الديكتاتورية المضادة للديموقراطية وأكملت روسيا حتى قيل عن نظامها إنه تحول لنظام حكم الأقليات.

هذا ليس غريبا على نظام لا يستشير شعبه أن يدخل حربا بسهولة، موسليني، وهتلر وستالين أكبر الأمثلة.

اليوم روسيا لن تصل إلى حلمها أن ترجع عصر القياصرة الإمبريالي بهذا النظام المنغلق لكن تعيش روسيا هذه الحقبة تاريخيا واجتماعيا.

لن يروا هذا الحلم بعد ارتكاب المجازر بحق الشعوب بدون مساءلة أو محاكمة بعد الاعتقالات التعسفية ومافعله في القرم وفي مدينة أهسكا الجورجية وما عاشوه من رعب وخوف.

من عصر روسيا القيصرية إلى يومنا هذا  والكثير من الشعب التركي يعيش تحت رحمة المستعمرات الروسية والآن بدأت مرحلة الوحدة.

أيضا الشعوب الأخرى الواقعة تحت رحمة المستعمرات الروسية تعاني نفس الشيء.

لقد وصل رؤساء دول أذربيجان وتركمنستان إلى حقيقة أن مرحلة الوحدة قد جاءت وعندما نقول مرحلة الوحدة ليس معناها بالعودة إلى الهوية العرقية بل بوحدة المستقبل المشترك.

من العالم الواحد إلى العالم المشترك

للذين يرسمون خيال تكوين الإمبريالية خاصتهم فإن في هذا العصر العولمي أمر صعب لأن إنتاج الميراث التاريخي الإمبريالي في هذا العصر يكمن في السلام والمشاركة.

اليوم في هذا الظرف الحرج التي تمر به سوريا بأزمتها وروسيا بهذا الأسلوب الذي تتبعه فإن ذلك يفتح الطريق لأزمات أخرى.

تركيا مع شعبها تسعى إلى إنتاج منطقة سياسية جديدة  بعالم مشترك وتاريخ مشترك.

أعتقد أن الذين يستصعبون فهم السياسة التركية هم الذين لديهم هذه المشكلة الأساسية.

عن الكاتب

وداد بيلغين

كاتب في صحيفة أكشام


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس