غونري جيوا أوغلو - صحيفة ملييت - ترجمة وتحرير ترك برس

تهب رياح عاصفة قوية على أنقرة، تتعلق بسياستها الخارجية، حيث تمسكت أنقرة بقوة "بمظلة حلف الناتو" في مواجهة التهديدات الروسية، وقد كانت تصريحات أردوغان التي تحدث فيها عن "وجود 3 سفن حربية لحلف الناتو في المنطقة التي قام بها أحد الجنود الروس بتوجيه مدفع صاروخي نحو إسطنبول خلال مرور سفينة حربية روسية مضيق البوسفور"، كانت هذه التصريحات تتعلق باحتماء تركيا بتلك المظلة.

وهناك أمثلة أخرى، منها حديث أردوغان عن "وجود أسطول حربي لحلف الناتو مكون من سفن حربية أمريكية وإيطالية وفرنسية في المياه المجاورة لسوريا، في مقابل 3 سفن حربية لروسيا"، وكذلك أشار أردوغان إلى أنّ "قاعدة انجيرليك الجوية المتواجدة في تركيا كإحدى دول حلف الناتو، تستخدمها دول الناتو الأخرى مثل أمريكا وفرنسا وإنجلترا"، وأكّد أردوغان على أنّ "اختراق الطائرة الروسية للأجواء التركية هو اختراق لأجواء حلف الناتو".

وقد سعى أردوغان من خلال هذه التصريحات إلى التأكيد على أنّ روسيا لا تخاطب تركيا، والأزمة يجب أنْ لا تكون بين روسيا وتركيا، وإنما بين روسيا وحلف الناتو، ولهذا سارعت تركيا إلى طلب اجتماع عاجل لحلف الناتو بعد إسقاط المقاتلات التركية لطائرة روسية، وهذا أزعج بوتين الذي انتقد أردوغان لأنه "توجه إلى حلف الناتو بدلا من الاتصال بي"، أي بالرئيس الروسي، وبهذا تريد تركيا أنْ تحتمي "بمظلة حلف الناتو" لمواجهة محور روسيا وإيران والعراق وحزب الاتحاد الديمقراطي.

حقيقة

ربما علينا أنْ نسأل أنفسنا كيف وصلنا إلى هذه النقطة، لكن اعتقد علينا أنْ نذهب إلى أبعد من ذلك، لنتحدث عن سياسة "مظلة الناتو"، فما تقوم به روسيا بقيادة بوتين بشخصيته المتعجرفة، يجب أنْ لا تكون تركيا في مواجهته، بل حلف الناتو بقيادة أمريكا عليه أنْ يكون في الصورة المقابلة له، وحينها ستُجبر روسيا على اتخاذ خطواتها بصورة أكثر حذرا ودقة، ولا شك أنّ بوتين يجيد "سياسية الآيكيديو"، فهو أطلق رياح الأزمة مع تركيا بنفسه، وإسقاط الطائرة الروسية كان مجرد ذريعة من أجل زيادة إرسال سفنه الحربية وصواريخه وقواته العسكرية نحو سوريا.

لكن قيام روسيا بهذه الحملة في المنطقة، زاد من حدة الرياح المنبعثة من المجتمع الدولي نحوها، وهذا بدوره سيؤثر على روسيا بلا شك، حيث قام حلف الناتو بتجميع عدد أكبر بكثير من السفن الحربية في شرق البحر الأبيض المتوسط، وهكذا حمت تركيا نفسها بصورة أقوى تحت مظلة حلف الناتو، وقد تسبب هذا الأمر إلى شعور روسيا بأنّ التهديدات الخطابية والتصريحات القوية لم تؤت أكلها ضد تركيا، بل بالعكس، ساهمت بحماية تركيا بصورة أكبر وأعمق.

كما أنّ أزمة اللاجئين، المضطرين إلى الهجرة رغما عنهم، كانت أمرا سيئا ومزعجا جدا بالنسبة لنا، لكننا نستطيع القول بأنها تحولت اليوم إلى "فرصة" فتحت أمام تركيا أبواب المفاوضات الجدية مع الاتحاد الأوروبي، وهذا أيضا سيعطي تركيا قوة إضافية باستخدام "بطاقة الدول الغربية"، إلى جانب احتمائها تحت مظلة الناتو.

عن الكاتب

غونري جيوا أوغلو

كاتب في صحيفة ملييت


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس