ترك برس

تباينت آراء المحللين والكتّاب والخبراء السياسيين الأتراك، حيال قطع المملكة العربية السعودية العلاقات الدبلوماسية مع إيران، على خلفية الاعتداءات التي تعرضت لها سفارة المملكة في طهران وقنصليتها في مدينة مشهد، بعد إعدام رجل الدين الشيعي السعودي "نمر باقر النمر".

وتوقّع بعض المحللين الأتراك أن ترفع السعودية مستوى "الحرب بالوكالة" ضد إيران في كل من سوريا والعراق، بينما استبعد آخرون أن تصل الأزمة بين البلدين إلى درجة اندلاع حرب بينهما.

واعتبر البعض، أن إيران أرادت الاستفادة من الغضب الشيعي الذي صدر على خلفية إعدام السعودية للنمر، لرفع مستوى حربها ضد الخليج من خلال حشد الطائفة الشيعية إلى جانبها، وأنها "تستخدم التشيّع كأداة لسياستها الخارجية التوسعية، وتشعل الصراع المذهبي لتظهر نفسها حامية الشيعة في كل مكان".

الخبير والمستشار التركي في مركز الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية "سيتا"، بالعاصمة التركية أنقرة، جان أجون، أشار إلى أن "إيران باتت في مواجهة مباشرة ضد العالم السنّي معتمدة على تحالفاتها الدورية، ولكن قد يكون الأمر صعبًا بالنسبة لها، للتراجع بعد نقطة معينة".

ولفت الخبير التركي إلى قطع كل من البحرين والسودان علاقاتها الدبلوماسية إيران بعد المملكة العربية السعودية، مبينًا أن هذا الأمر "يعد خطوة لعزل إيران بشكل تدريجي".

من جانبه قال الكاتب الصحفي التركي، إسماعيل ياشا، إن "الشعب السعودي رحّب  بقطع الرياض لعلاقاتها الدبلوماسية مع إيران، والشارع العربي دعم هذه الخطوة بقوة"، مشيرًا إلى أن "نقل المملكة العربية السعودية هذا العزم والإصرار إلى العراق وسوريا، من شأنه أن يعزز قوة تركيا ضد النظام السوري وحلفائه".

بدوره لفت الصحفي التركي، صاميت دوغان، إلى أن المسألة اليمنية هي سبب التوتر بين المملكة العربية السعودية وإيران،  وأن السعودية تريد أن تضغط على إيران لتجربها على اللعب بشكل مكشوف. مضيفًا أنه "في حال لم يتراجع الجانبان، فإن نهاية هذا التوتر سيكون حربًا".

أما النائب السابق لحزب العدالة والتنمية التركي، علي شاهين، رأى أن "السياسات المذهبية والتفرقة التي تتبعها إيران في المنطقة تجعلها وحيدة في الشرق الأوسط والعالم الإسلامي  بشكل عام".

وكان وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أعلن خلال مؤتمر صحفي عقد بمقر وزارة الخارجية في العاصمة السعودية الرياض مساء أمس الأحد، أن بلاده قررت "قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران"، على خلفية الاعتداءات التي تعرضت لها سفارة المملكة في طهران وقنصليتها في مدينة مشهد.

وقال الجبير إن "المملكة تعلن عن قطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران وتطلب مغادرة جميع أفراد البعثة الدبلوماسية الإيرانية السفارة، القنصلية، المكاتب التابعة لها خلال 48 ساعة"، وبيّن أنه تم استدعاء السفير الإيراني لإبلاغه بذلك.

وأضاف وزير الخارجية السعودي أن "النظام الإيراني له سجل طويل في انتهاك حرمة البعثات الدبلوماسية الأجنبية، ومن ذلك احتلاله للسفارة الأمريكية في طهران عام 1979، والاعتداء كذلك على السفارة البريطانية عام 2011، ويوم أمس الاعتداء على سفارة المملكة في طهران وقنصليتها العامة في مشهد".

وأشار إلى "أن هذه الاعتداءات المستمرة على البعثات الدبلوماسية تشكل انتهاكا صارخا لكافة الاتفاقيات والمواثيق والمعاهدات الدولية، كما أن هذه الاعتداءات تأتي بعد تصريحات نظام إيران العدوانية التي شكلت تحريضًا سافرًا شجع على الاعتداء على بعثات المملكة".

وبيّن الجبير أن هذه "الاعتداءات تعتبر استمرارا لسياسة النظام الإيراني العدوانية في المنطقة التي تهدف لزعزعة أمنها واستقرارها وإشاعة الفتن والحروب بها" متهمًا إيران، "بتوفير ملاذ آمن على أراضيها لزعامات (تنظيم) القاعدة منذ عام 2001، كما وفر النظام الإيراني الحماية لعدد من المتورطين في تفجير أبراج الخبر (بالسعودية) عام 1996"، مشيرًا إلى أن تاريخ إيران "مليء بالتدخلات السلبية".

وتبادلت السعودية وإيران اتهامات شديدة اللهجة، على خلفية قيام السعودية بإعدام رجل الدين الشيعي السعودي نمر باقر النمر، وهو الأمر الذي نددت به إيران، وبدأ التصعيد الدبلوماسي غير المسبوق بين البلدين في السنوات الأخيرة، ببيان إدانة إيراني لاغتيال النمر، وتهديد السعودية بأنها "ستدفع ثمنًا باهظًا"، وتطور التراشق لتبادل استدعاء رؤساء البعثات الدبلوماسية في كلا البلدين، تبعه تبادل اتهامات بدعم الإرهاب.

وبلغ الأمر ذروته، بإدانة علي خامنئي، المرشد الأعلى الإيراني، إعدام النمر، محذرًا من أن ما وصفه بـ" الانتقام الآلهي سیطال الساسة السعودیین"، ويعد هذا أشد انتقاد يصدر من قمة هرم السلطة في إيران على إعدام النمر.

من جهة أخرى استنكر المتحدث باسم الخارجیة الإیرانیة حسین جابر أنصاري، بشدة، قيام السلطات السعودیة بإعدام النمر، محذرًا إياها من أنها "ستدفع ثمنًا باهظًا". واتهم أنصاري في بيان نشرته وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية "إرنا"، السعودیة بأنها "تدعم الإرهابیین وتنفذ حکم الإعدام بحق المعارضة".

وأردف: "من المؤکد أن الحکومة السعودیة والمسؤولین فیها سیدفعون ثمناً باهظاً نتیجة السیاسة العقیمة واللا مسؤولة التي ینتهجونها".

في رده على انتقاد إيران لحكم إعدام رجل الدين الشيعي نمر باقر لنمر، قال المتحدث الأمني لوزارة الداخلية السعودية اللواء منصور التركي، خلال مؤتمر صحفي، "وزارة الخارجية هي من تتعامل مع هذه التصريحات غير المسؤولة، والمملكة تحتكم إلى الشرع الحنيف، وقضاؤها يحكم بالكتاب والسنة، بالتالي المملكة لا تعير مثل هذه التصريحات أي اهتمام، ونحن على ثقة تامة بما نقوم به ولا نهتم بنظر الآخرين لإجراءتنا فيما يتعلق بالقضاء وتنفيذ الأحكام".

وأعلنت وزارة الداخلية السعودية، يوم السبت الماضي، إعدام 47 ممن ينتمون إلى "التنظيمات الإرهابية"، من بينهم رجل الدين الشيعي، نمر باقر النمر.

وكانت محكمة الاستئناف الجزائية والمحكمة العليا، في المملكة قد أيدت في 25 أكتوبر/ تشرين أول 2015، الحكم الابتدائي الصادر بإعدام النمر، في الشهر نفسه من عام  2014، لإدانته بـ"إشعال الفتنة الطائفية، والخروج على ولي الأمر في السعودية".

وأدين النمر، الذي وصفته المحكمة، في حيثيات حكمها عام 2014، بأنه "داعية إلى الفتنة"، وبأن "شره لا ينقطع إلا بقتله"، بعدة تهم من بينها "الخروج على إمام المملكة والحاكم فيها خادم الحرمين الشريفين لقصد تفريق الأمة وإشاعة الفوضى وإسقاط الدولة".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!