ناصوحي غونغور - صحيفة ستار - ترجمة وتحرير ترك برس

كانت تركيا  دولة تصنع بيدها فخا لنفسها، وكانت بين الحين والآخر تقع في هذا الفخ، فهل ستخرج تركيا من هذا الوضع؟ تشير التطورات التي عشناها في السنوات الأخيرة، وحسب الوعود التي نسمعها فإن الإجابة نعم. حتى إن بعضهم ذهب إلى أكثر من ذلك بقوله إن تركيا لم تصبح لاعبا أساسيا في الشرق الأوسط فحسب، بل هي من تصنع ألعوبة السياسة في المنطقة، وأعتقد أن تركيا استحقت هذه المرتبة.

تسارعت الأحداث من حولنا بصورة غير متوقعة. على سبيل المثال، لا ندري من هي الأيادي التي سلطت علينا داعش، داعش التي نتكاسل الآن عن كتابة اسمها الكامل، أصبحت منظمة "المجهولين"، والذين سلطوها علينا، يحاولون اليوم تخليصنا منها، نعيش في عالم غريب.

أحداث الحادي عشر من سبتمبر التي نعيش ذكراها اليوم، نتذكر معها ما يحصل هذه الأيام. سنوات عديدة مرت، العالم كله سقط بمحض إرادته في فخ عداوة الإسلام. فمنهم من قال "إذا لم تكن معي فأنت عدوي" ومنهم من كان أكثر تسامحا لكنه سقط في نفس الفخ.

إذا كان هناك "تركيا جديدة" فعليا، فعليها من الآن فصاعدا أن لا تقع في فخ عداوة الإسلام، وعليها تحذير كل الدول من السقوط في هذا الفخ الذي أجاد حياكته الغرب.

وأنا اعتقد أن الطاقم الذي يقود تركيا اليوم، لن يسمح بسقوطنا، ولا حتى بسقوط الناس الذين يتأثرون بنا، لن تسمح بسقوطهم في فخ جديد. بل بالعكس، فالعقلية والحساسية التي أبدتها تركيا بحكومتها كانت كافية ليس لعدم السقوط في الفخ فحسب، وإنما كافية لتحدي الدول التي وضعت هذا الفخ.

بوجود تلك الحساسية وتلك العقلية، علينا أن نكون هادئين. فهذه ليست المرة الأولى التي تعيش فيها دولنا المجاورة أحداث فوضى أو نزاعات. فإذا كان "لورنس العرب" في الأمس هنا، من يعلم الآن من يجول ويصول في هذه المنطقة. بالأمس مزقوا هذه المنطقة بغسيل دماغ الشعوب هنا، زرعوا بذور الفوضى، واوجدوا الأحزاب والمذاهب والفرق، وكانوا ماهرين في إيجاد أحزاب داخل أحزاب. واليوم سيستخدمون مهاراتهم مجددا ليخرجوا لنا أشياء جديدة.

لننظر قليلا إلى التاريخ، دعونا نمسح الغبار والضباب أمام أعيننا لنرى الصورة بوضوح. دعونا نفهم مَن، وكيف، ولماذا يقومون بهذه العمليات وهذه الفوضى.

أنتم تقرؤون هذه الكتابة، والتاريخ الآن يشير إلى 11 أيلول/ سبتمبر. يشير التاريخ إلى حادثة ضخمة لم نفهم إلى الآن حيثياتها وتفاصيلها، وسنبقى مجددا نتذكر هذه الحادثة ونحن لا نفهم أي شيء عنها، والتفاصيل حولها غامضة وستستمر كذلك.

لم استطع فهم، ولا معرفة العديد من النقاط، وأرغب بشدة أن أعرف الحقيقة. لكن هناك فرق بين فخ أحداث الحادي عشر من سبتمبر، والفخ الذي يُنصب لنا اليوم لكي ندخل الحرب ضد داعش؟ لا أعتقد ذلك. لكن، إذا كان من نصب الفخ في المرة الأولى، هو نفسه الذي ينصب الفخ الآن، فهل أصبحنا أصحاب بصيرة كافية تجنبنا في الوقوع بنفس الفخ الأول للمرة الثانية؟

وهذا سؤال من أسئلة تركيا الجديدة. الطاقم الذي سيجيب على هذه الأسئلة، أدرك تماما أنه لا يريد لتركيا أن تخضع أو تحني رأسها لأي كان. لهذا نحن ننتظر منهم أن يحافظوا علينا ببصيرتهم من السقوط في فخ جديد.

وأنا أؤمن بأنهم سينجحون في ذلك.

عن الكاتب

ناصوحي غونغور

كاتب في صحيفة ستار


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس