جلال سلمي - خاص ترك برس

أكد رئيس الوزراء التركي، في أكثر من تقرير صحفي، أن تركيا لن تسمح لحزب الاتحاد الديمقراطي بأن يمارس الإرهاب وتبقى مكتوفة الأيدي، مشيرًا إلى أن هناك ثلاث خطوط حمر بالنسبة لتركيا تجاه حزب الاتحاد الديمقراطي في سوريا، إذا تخطاها لن تتوانى للحظة في استهدافه، هذه الشروط هي:  تجاوز نهر الفرات باتجاه الغرب، ومحاولة تقديم الدعم اللوجستي لحزب العمال الكردستاني، ومحاولة أحد عناصره الدخول إلى تركيا.

تُبدي تركيا حساسية عالية تجاه التحركات التي يقوم بها حزبا العمال الكردستاني والاتحاد الديمقراطي في الشمال السوري، ومرد تلك الحساسية العالية إلى خشية تركيا من قيام دولة كردية مستقلة ذاتيًا في شمال سورية، إذ أن هذه الدولة ستؤثر سلبًا على أمن واستقرار تركيا التي تعاني من تمرد حزب العمال الكردستاني منذ سنوات، وكما ستحفز حزب العمال الكردستاني على توسيع نطاق عمليته في تركيا، للتمكن من تحقيق ما تمكن حزب الاتحاد الديمقراطي من تحقيقه في سورية.

كما أن ممارسات "التطهير العرقي" التي يقوم بها حزب الاتحاد الديمقراطي، حسب ما أفادت عدد من المنظمات الدولية على رأسها "هيومن رايتس ووتش"، والتي يتم من خلالها استبدال السكان العرب والتركمان بسكان من أصول كردية في المناطق التي يسيطر عليها حزب الاتحاد الديمقراطي في شمال سورية، تكلف تركيا ثمنًا باهظًا، بسبب أفواج اللاجئين الكثيفة التي تلجأ إلى تركيا، والخطر الاستراتيجي الذي يمكن أن يشكله حزب الاتحاد الديمقراطي على تركيا، بعد حصوله على فرصة الادعاء أمام المحافل الحقوقية الدولية حقه في إقامة استقلال ذاتي، في ظل وجود الكثافة الكردية في المناطق التي يسيطر عليها.

وفي سياق متصل، يشير الباحث السياسي "عبد الله سلفي"، في مقاله "حزب العمال الكردستاني ونشاطاته في شمال سورية"، المنشور في صحيفة "يني شفق"، بتاريخ 11 شباط/ فبراير 2016، إلى أنه على الرغم من تحذير تركيا الحاد لحزب الاتحاد الديمقراطي من اختراق الخطوط الحمر، إلا أن حزب الاتحاد الديمقراطي يبدو أنه غير عابئ بهذه الشروط، إذ أن حصوله على الدعم الأمريكي والروسي في آن واحد، دفعه إلى فتح باب التحدي للشروط التركية.

ويتابع سلفي موضحًا أن حزب الاتحاد الديمقراطي لم يكترث بالشروط التي وضعتها تركيا لتحركاته، وحاول مرارًا وتكرارا اختراق الفرات متجهًا للغرب، وأعلنت تركيا أكثر من مرة استهدافه أثناء محاولته تجاوز النهر نحو الغرب، واليوم بعد الحد من التحركات الجوية التركية في سورية، شرع حزب الاتحاد الديمقراطي في اختراق الشروط التركية، وتحاول تركيا اليوم منعه من خلال دعم قوات المعارضة المعتدلة، ولكن مع عدم قدرة تركيا على إيصال القدر الذي تحتاجه قوات المعارضة، تبقى الحاجة إلى استخدام نمط آخر، قد يكون التدخل المباشر، لكبح حزب الاتحاد الديمقراطي عن اختراقه للشروط التركية أمر لا بد من النظر فيه.

ويبين سلفي أن حزب الاتحاد الديمقراطي هو امتداد لحزب العمال الكردستاني ولا يوجد أي فرق عضوي أو إيديولوجي فيما بينهما، مضيفًا أن حزب العمال الكردستاني يحاول الاستفادة من الأجواء الدولية الداعمة لحزب الاتحاد الديمقراطي بوصفه الجماعة المسلحة الأكثر قدرة على صد داعش والقضاء عليها، لإقامة مخيم تدريب وإعداد جديد في شمال سورية، على غرار الشمال العراقي، والدلالات على ذلك لا تُعد ولا تُحصى، لكن أهم تلك الدلالات؛ انتقال المئات من عناصر حزب العمال الكردستاني من تركيا والعراق إلى شمال سورية للقتال في صفوف حزب الاتحاد الديمقراطي، التقاط العديد من الصور والفيديوهات التي تُثبت التقاء قيادات الحزبين في سورية، وهذه الزيارات لا تعني صلة الرحم، بل تعني تنسيق الجهود لتمهيد الطريق أمام حزب العمال الكردستاني للانتقال إلى سورية وافتتاح مخيم جديد لمقاتلين حزب العمال الكردستاني "الانفصالي".

ومن جانبه، يرى الكاتب السياسي "علي بيرام أوغلو" أن حزب العمال الكردستاني، بلا شك، سيعمل على انتهاز الفرصة لتأسيس مخيم تدريبي جديد في شمال سورية، عبر الاعتماد على الدعم الذي تغدق به روسيا والولايات الأمريكية المُتحدة "الإرهابيين" الأكراد في شمال سورية، بزعم أنها الأطراف الأكثر قدرة على صد داعش.

ويردف بيرام أوغلو، في مقاله "هل أصبحت القضية الكردية قضية دولية"، نُشر في صحيفة "يني شفق"، 11 فبراير 2016، مبينا ً أن الطرفين "الأمريكي والتركي" كانا على صدد تنفيذ عملية عسكرية كبرى داخل سورية، ولكن سقوط الطائرة الروسية على أيدي الجيش التركي، عطل هذه العملية.

ويوضح بيرام أوغلو أن العمليات العسكرية البرية هي العنصر الأجدر لإحباط العمليات الانفصالية الإرهابية الجارية في شمال سورية، ولتطبيق ذلك، يجب على تركيا التمتع بجرأة أكبر، وإيجاد أكثر من شريك قادر على الوقوف إلى جانبها في تحركها العسكري، بعيدًا عن الولايات الأمريكية المُتحدة التي لن تتحرك من أجل مصالح المنطقة إطلاقًا، بل من أجل مصالحها ومصالح ابنتها المدللة "إسرائيل".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!