سامي كوهين – صحيفة ملييت - ترجمة وتحرير ترك برس

شهدت الأيام الأخيرة اتخاذ تركيا الدولة الجارة سياسة الأبواب المغلقة تجاه موجة الهجرة الجديدة، بعد أن طبقت منذ بداية الأزمة السورية سياسة "الباب المفتوح" على الهاربين من سوريا واستضافت 2.5 مليون لاجئ على أراضيها.

وفي منطقة قريبة من الحدود التركية احتشد آلاف الأشخاص القادمين من محافظة حلب بشكل خاص. وتم فتح المعبر الحدودي للمرضى والمصابين فقط. وشرعوا بإقامة مخيمات يمكنها استضافة اللاجئين السوريين على الجانب الآخر من الحدود والذين يقدر عددهم الكامل بـ 70 ألف. وقيام الشاحنات التركية بنقل الطعام والشراب واللباس إليهم.

وهكذا فإن فكرة "المنطقة العازلة" أو "المنطقة الآمنة" التي لم تحظى بدعم من القوى الخارجية بأي حال من الأحوال تتحقق في النهاية فعليًا، وهو ما أرادته تركيا منذ زمن طويل.

بعد إنساني

إن استضافة أنقرة للاجئين الراغبين باللجوء إلى تركيا في المخيمات التي تنشئ على الجانب الآخر من الحدود، تحقق هدفين اثنين الأول إنساني والآخر سياسي.

حيث تواجه تركيا خطر نزوح جماعي جديد نتيجة الحرب الأهلية المتصاعدة في سوريا. كما أن لتركيا التي تحملت عبء اللاجئين الأشد منذ زمن طويل حدودٌ فيما يمكنها فعله بهذا الخصوص. لذلك تحاول أنقرة بدلًا من فتح أبوابها لموجة الهجرة الجديدة هذه، تقديم المساعدات الإنسانية نفسها ولكن على الجانب الآخر من الحدود.

وبهذا الشكل يمكن لهؤلاء الأشخاص العودة بسهولة أكبر إلى منازلهم وبلداتهم عند انتهاء هذه النزاعات.

هدف سياسي

بالنسبة إلى الهدف السياسي لهذا الاختيار، فإن إنشاء المنطقة العازلة فعلياً يحمل أهمية فيما يتعلق بأمن تركيا. ويعتقد بأنها ستبعد تهديدات كل من داعش وحزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب الكردية عن منطقة الحدود التركية. وبجميع الأحوال يعد هذا الهدف هو السبب الرئيسي لرغبة أنقرة في إنشاء "المنطقة الآمنة" على طول الحدود. أي أن موجة الهجرة الجديدة هذه أتاحت الفرصة لتحقيق ذلك فعليًا.

وفي هذه الحالة سيصبح من الضروري المراقبة عن كثب كيف ستتصرف كل من روسيا وبقية القوى الأخرى التي تعمل على توسيع نفوذها في المنطقة حاليًا وضمان أمن المنطقة العازلة هذه في حال استمرارها.

ماذا ستكون نتيجتها؟

وجهت أنقرة من خلال هذا الموقف الجديد رسالة قوية إلى الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة الذين يطالبون تركيا بإبقاء معابرها الحدودية مفتوحة. حيث تعد تركيا من أكثر الدول التي استقبلت اللاجئين بأذرع مفتوحة وقدمت المساعدات لهم. في حين أن غالبية هذه الدول والمنظمات التي تطالب تركيا بفتح أبوابها تقوم ببناء الجدران ووضع الأسلاك الشائكة في وجه اللاجئين.

في حال طبقت تركيا سياسة "الباب المفتوح" في "الخروج" منها كما في "الدخول" إليها، فإن مئات الألاف من اللاجئين سيتخذون طريقهم إلى أوروبا. وهو ما عبر عنه رئيس الجمهورية أردوغان من خلال تحذيره: "في حال أرسلت تركيا اللاجئين بالحافلات وقالت لهم أن "الطريق مفتوح" أمامهم، هل ستفتح الدول الأوروبية أبوابها لهم؟".

عن الكاتب

سامي كوهين

كاتب في صحيفة ملييت


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس