كمال أوزتورك – صحيفة يني شفق - ترجمة وتحرير ترك برس

سيرى الجميع في المستقبل كيف تغير العالم بعد الحرب السورية، وإن بدت تأثيرات هذا التغيير غير واضحة لنا بشكل تام حاليًا

سيتغير الغرب، والشرق، والعالم الإسلامي. وسنتغير كلنا أيضًا. لأن الإنسانية لم تشهد أبدًا مثل هذا الألم، والظلم، والجور معًا في نفس الوقت. حيث يشاهد هذا الظلم على مرأى من الجميع وأمام ضمير العالم أجمع.

لقد خسر الغرب الاختبار، وانتهت هيبته

لم يأبه الغرب بالحروب، والآلام، والقتلى التي يعاني منها العالم الإسلامي في جميع أنحاءه في سوريا، والعراق، واليمن. لأنه ما دام من يموت ويقتل من المسلمين، فإنه لن يبدي أي اهتمام بما يعانيه هؤلاء. وبينما كنا نموت ويغرق أبنائنا في البحر الأبيض المتوسط كانوا يراقبون فقط. وبذلك فشل الغرب في اختبار الإنسانية والضمير في أعين الجميع. ومن الآن فصاعدا، لن يرى أي أحد الغرب كما اعتاد رؤيته في السابق. كما بلغ الاعجاب والشغف في تركيا تجاه الغرب الحضيض. وتراجع التأييد لعضوية الاتحاد الأوروبي إلى 30 بالمئة.

لأن هذا المعيار المزدوج من قبل فرنسا بعدم إنارة أضواء برج إيفل عند مقتل مئات الأشخاص في أنقرة وإسطنبول، وإنارتها عند مقتل أشخاص في بروكسل قد أضر بروح الأمة. والأمر نفسه يسري على جميع الدول الإسلامية. حيث قلصت سياسات الغرب عديمة الرحمة والضمير من التعاطف معه وسينتهي في المستقبل بشكل كامل.

ولهذا السبب، عندما حصل الهجوم الإرهابي في باريس وبروكسل لم يحزن الأشخاص الذين يعايشون الألم نفسه يوميًا في الشرق تمامًا مثل الغربيين. حيث قال هؤلاء الأشخاص في داخلهم: "اشعروا بالألم الذي نعاني منه يوميًا ليوم واحد على الأقل، وافهمونا".

سوف يحل الاتحاد الأوروبي في المستقبل القريب

أدت هذه الاعتداءات الإرهابية وتدفق اللاجئين المفاجئ إلى إصابة أوروبا بالشلل تقريبًا. حيث بدوا كمجموعة من الأشخاص الأغنياء الفاشلين والعاجزين عن حل المشكلات ووضع السياسات. وبدا مفهومًا أيضًا أن لا فائدة ترجى من الاتحاد الأوروبي سياسيًا واقتصاديًا، وعسكريًا من الناتو. وهذا ما رأته روسيا فخرجت بجرأة إلى الساحة الدولية. واحتلت القرم وسوريا ولم تتمكن أي واحدة من الدول الأوروبية من التفوه بكلمة واحدة.

ولهذا ليس لدى الاتحاد الأوروبي مستقبل مشرق على الإطلاق، والإنحلال أمر لا مفر منه. وسيحاصر العنف والتمييز والإسلاموفوبيا والعنصرية أوروبا يومًا بعد يوم. وسوف تسرع سوريا من تشتت أوروبا.

سوف ينهض العالم الإسلامي ويتغير

إن العالم الإسلامي يشاهد جميع هذه الآلام التي اختبروها. لأن الإنسان المسلم لم يعد يقرأ عن ازدواجية المعايير الغربية من الكتب أبدًا بل يعايش ذلك بنفسه كلاجئ يموت. ومن الآن فصاعدا من بإمكانه التعاطف مع أحد وقف بلا إحساس يشاهد الناس يموتون؟

حيث أدرك العالم الإسلامي بكامله أنه بمفرده عندما احتلت روسيا البحر المتوسط وسوريا. وأنه ليس بوسع أمريكا وأوروبا أو أي قوة أخرى إيقاف احتلالها هذا. وبينما كانت الطائرات الروسية تمطر بالقنابل وتقتل الأطفال والنساء والعجزة، شاهد المسلمون كيف كان الغرب يتابع ذلك بلا أخلاق وخوف. كما أدركت الدول الإسلامية أن الطريق الوحيد للوحدة، والتحسن، وحماية أنفسهم كانت بعدم الوثوق بأحد. وبذلك ظهرت فكرة "الجيش الإسلامي". وستزداد أعداد هذه التحالفات المشتركة في المستقبل. وسيدركون أنه لن يكون لدى المسلمين أصدقاء أخرين غير بعضهم البعض، ولهذا السبب سيدركون أن من واجبهم إقامة تحالفات واتحادات جديدة من أجل البقاء على قيد الحياة. وهذا ما عرفته كلا من السعودية وإيران، ومصر وتركيا أيضًا.

سوف تنمو تركيا وتصبح أقوى

إن نظرتم إلى الأمور التي حصلت بعد الاعتداءات في بروكسل. بدت الحياة وكأنها توقفت، وأصبحت أوروبا يائسة، وانهارت حياتهم. كم عدد المرات التي شهدنا فيها مثل هذه الاعتداءات وكيف أثرت على حياتنا؟

إذا كان دخول بضع مئات الآلاف من اللاجئين إلى أوروبا، قد أدى إل وصول الاتحاد إلى حافة الانهيار. فإن تركيا استقبلت 3 ملايين لاجئ وقدمت لهم الحياة وعملت على دمجهم.

ولهذا السبب نالت إعجاب واحترام الجميع، واجتازت اختبار الإنسانية والضمير.

ومع هجوم جميع المنظمات الإرهابية، وتخريب الحرب السورية، وفرض عقوبات على روسيا ومهاجمة تركيا، ما هو وضعنا؟ فاقتصادنا قوي، وبنية الدولة كذلك، لم نتعرض للانهيار. ولهذا حرضوا الأكراد، والعلويين، والأكراد، والعرب وأثاروا خط الصدع. وعلى الرغم من ذلك فشلوا في بدأ حرب أهلية وإحياء صدام اجتماعي.

عندما تنتهي الحرب في يوم من الأيام

فإن تركيا قد وقفت شامخة، وقاومت جميع الاعتداءات وحاربت. ستنتهي هذه الحرب في يوم من الأيام وتنتهي معها هذه الاعتداءات، ولن يتمكن أحد من كبح تركيا. وباعتقادكم كيف ستكون حال هذه الدولة بما لديها من اقتصاد قوي حالياً، وبنية اجتماعية قوية بهذا القدر عندما تنتهي هذه الأزمات؟

لأن تركيا بوصفها ضمير الإنسانية وملاذاً للجوء إليه، مرشحت لتصبح أقوى دولة في المستقبل. وسيناضل الاتحاد الأوروبي من أجل ضم تركيا إليه لكي يحمي نفسه من الانهيار. ولكن تركيا لن تقبل العضوية في ذلك الحين.

عن الكاتب

كمال أوزتورك

إعلامي صحفي تركي - مخرج إخباري وكاتب - مخرج أفلام وثائقية - مدير عام وكالة الأناضول للأنباء سابقًا


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس