إردال تاناس كاراغول – صحيفة يني شفق - ترجمة وتحرير ترك برس

ترتبط الإجابة على سؤال "هل يمكن ان تصبح تركيا مركز للطاقة؟" بمكانة تركيا السياسية والاقتصادية في المنطقة.

الوعي بهذا الموضوع وخصوصا مع التطورات السياسية التي عايشتها تركيا في السنوات الأخيرة والتي لها علاقة وطيدة بموضوع الطاقة دفعت مؤسسة سيتا (SETA) لتحضير تقرير بعنوان "تطلعات تركيا لتصبح مركزا للطاقة". العلاقة بين الطاقة والاقتصاد من جهة وتأثر تجارة الطاقة بالسياسات في المنطقة وأهمية تأثير عامل الأمان والاستقرار على هذه التجارة والمركزية كانت أهم النقاط التي ناقشها التقرير.

أدى تطور الوضع الاقتصادي المستمر في تركيا إلى زيادة مستمرة في احتياجات انقرة من الطاقة وإلى سياسات جديدة متعلقة بتأمين هذه الطاقة؛ فلاستمرار التطور الاقتصاد التركي لا بد من تأمين احتياجات الدولة من الطاقة. لكن أن تكون تركيا دولة صاحبة قرار بموضوع الطاقة وأن ترسم الخطط المتعلقة بسياسات إدارة الطاقة هو بحد ذاته هدف يفوق أهمية وضخامة الهدف التركي المتمثل بالنهضة الاقتصادية. ولهذا فإن العلاقات التي أنشأتها تركيا والمتعلقة بالطاقة سواء علاقات مناطقية أو عالمية تحتل أهمية كبرى في أجنداتنا.

تركيا ورغم وجودها في المنطقة الأغنى بالطاقة إلا أنها ولسنوات طوال شعرت بالحاجة لتغطية احتياجاتها من البترول والغاز. ففي تلك السنوات التي كان فيها الاستقرار السياسي والاقتصادي هدفًا بعيد المنال لم يكن باستطاعة تركيا الاستفادة من موقعها الجغرافي لتأمين الطاقة اللازمة لها، لكن الظروف اختلفت اليوم والأحوال تعيرت. فكل من الوسط السياسي والاقتصادي قد تغير وبدلا من أن يكون الموقع الجغرافي لتركيا مصدرا للتعب والإرهاق المالي أصبح نقطة إيجابية يمكن لأنقرة استغلالها والاستفادة منها. فبالرغم من كل التطورات التغيرات في دول الجوار ورغم التطورات على الساحة الداخلية التركية إلا أن أنقرة لم تحد عن هدفها بأن تصبح مركزا للطاقة.

ومثلما أشار وزير الطاقة والموارد الطبيعية برأت ألبيرق المشارك في ورشة عمل مؤسسة سيتا، إلى "أن تركيا ورغم الفوضى والصراع الكامن لها خلف الأبواب إلا أنها استطاعت أن تحقق الاستقرار السياسي والاقتصادي، وبالتالي فإن الاوضاع الصعبة التي تمر فيها كل من العراق وسوريا والتطورات الداخلية التي تستهدف إضعاف الدولة التركية لم تحل دون سعي تركيا نحو هدفها لأن تصبح مركزا للطاقة".

مؤشرات الطاقة تشير نحو تركيا

تركيا التي تحملت دائما ضريبة وجودها في منطقة دائمة الصراعات والنزاعات وجدت في الطاقة سبيلا مختلفا مفتوحا أمامها، هذه الطريق وهذا السبيل تمثل فيه شركة خط أنابيب غاز الاناضول ( TANAP) أول مرحلة وأول كيلومتر معبد من الطريق الطويل. نجاح شركة (TANAP) التي تنقل الغاز الطبيعي من أذربيجان مرورا بتركيا إلى أوروبا سيشجع على الإقدام على مشاريع مشابهة وسيسرع من تنفيذ المشاريع المقبلة ويجعها أكثر سهولة.

ليست أذربيجان وحدها بل إيران وحكومة إقليم كردستان العراق وقطر وتركمانستان وشرق البحر المتوسط تمثل أهم الدولة المشجعة لأن تكون تركيا مركزا للطاقة، فهذه الدولة ومن خلال تنفيذها مشاريع مشابهة لمشروع (TANAP) ستدفع بالعجلة للأمام وستحول تركيا فعلا لمركز للطاقة.

أضف لذلك أن الدول التي ترغب في كسر احتكار سوق الطاقة مثل روسيا ترى بتركيا بابا وممرا لتصدير وبيع طاقتها. أما الدول التي ترغب في بيع الغاز الطبيعي المسال (LNG) فهي ترى بتركيا الشريك المحتمل لتجارة الغاز كما ترى في الأراضي التركية الممر الأكثر أمانا لتصدير هذا الغاز.

وعلاوة على ذلك، تركيا لا ترغب أن تكون فقط ممرا للطاقة من الدول الموردة إلى الدول الراغبة في الشراء، بل ترغب كذلك في أن يكون لها دور في تحديد أسعار البترول والطاقة وأن تشارك عالميا في تجارة الطاقة وأن تتولى مسؤولية نقل هذه الطاقة بأمان. شركة خط أنابيب غاز الأناضول ستكون مثالا ناجحا يحتذى للتعاون والشراكة في مجال تجارة الطاقة.

التوازن في المنطقة يمكن أن يتحقق إذا أصبحت تركيا مركزا للطاقة

الحقيقة التي لا تقبل الجدل أن دخول تركيا بين الدول ذات الدخل العالي يحتم عليها زيادة نموها الاقتصادي وفي سبيل ذلك عليها أن تلعب دور حامي الطاقة وممرها. في ذات الوقت تركيا لديها رؤيتها الخاصة الهادفة لتحقيق التوازن والاستقرار السياسي والاقتصادي في المنطقة بشكل يسمح لها ممارسة نشاطها في مجال الطاقة. الخطوات اللاحقة ستكون نمو تركيا اقتصاديا وسياسة قوية إضافة لتحقيق الرخاء والطمأنينة لها وللمنطقة.

الدول المجاورة لتركيا تملك ما يقارب 60% من مخزون الطاقة العالمي، هذه الدول التي وقعت تحت نيران الصراع والفوضى ترى بتركيا وبالدور الجديد الذي ستلعبه في مجال ادارة ومركزية الطاقة ترى فيه بابا وسبيلا لحل أزماتها.

أن تصبح تركيا مركزا للطاقة يعني قوة جديدة قادرة على دفع عجلة التوازن في المنطقة نحو تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي.

عن الكاتب

إردال تاناس كاراغول

كاتب في صحيفة يني شفق


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس